أدرك تنظيم داعش الإرهابى أن منطقة الشرق الأوسط تعوم على جبل من الرمال المتحركة تزيده هشاشة الفتن الطائفية، والصراع المذهبى، والاستبداد والفقر والبطالة، والانهيار السياسى والفوضى، واستغل كل ذلك فى مخاطبة تنظيمات كانت مدفونة وسط هذه الرمال لإعادتها مرة أخرى للحياة على سطح الأرض، وتغذيتها بالدعم المادى والعسكرى، وكل ذلك حتى يقدم نفسه للعالم على أنه «أيقونة» إفساد مخطط «سايكس - بيكو». فى لبنان، أعلنت حركة «أنصار السنة» فى بعلبك، المناهضة لحزب الله، ولاءها للتنظيم عقب إعلانه الخلافة، وذكرت تقارير أن التنظيم لديه خلايا نائمة فى لبنان، وحاول السيطرة على بعض القرى اللبنانية فى أوائل عام 2015، إلا أن حزب الله تمكن من إحباط هجوم له على الحدود السورية اللبنانية. وتقوم استراتيجية التنظيم فى لبنان على محاربة حزب الله من خلال خطاب مذهبى طائفى يهدف لإشعال البلد بالفوضى لضمان وجوده. وفى السعودية، قالت السلطات السعودية إنها ألقت القبض على 93 شخصاً انضموا إلى «داعش» فى الشهور الأخيرة، وإنها منعت العديد من الهجمات، إحداها كادت أن تضرب السفارة الأمريكية، فيما زعم «داعش» أن له العديد من الخلايا النائمة فى المملكة، وأعلن مسئوليته عن العديد من الهجمات على المساجد الشيعية، فيما قال أبوبكر البغدادى، زعيم التنظيم، فى نوفمبر الماضى، إن التنظيم أسس لدولته فى السعودية. واستراتيجية التنظيم فى السعودية هى استهداف الشيعة، لهدفين: الأول متمثل فى إحراج المملكة العربية السعودية من خلال دفعها لدعم الشيعة على أراضيها، نتيجة للهجمات الإرهابية ضدهم، وهو ما يظهرها بمظهر يناقض مبادئها، فضلاً عن دفعها للانكفاء على مشاكلها الداخلية، والهدف الثانى هو جرّ إيران إلى السعودية بحجة الدفاع عن الشيعة، فى صورة أشبه بصب البنزين على حطب الصراع بين الطرفين. فى الكويت، لم يظهر للتنظيم مكان كبير، ولم يظهر لهم نشاط سوى فى تفجيرهم لمسجد شيعى قبل أيام، وهو الحادث الذى راح ضحيته 27 شخصاً، لكن استراتيجيته فى السعودية، هى نفسها فى الكويت، أما فى اليمن فقد أعلن التنظيم عن خلافته، مطلع العام الحالى، وللتنظيم نشاطات فى وسط وجنوب وشرق اليمن، خصوصاً فى حضرموت التى داهم فيها عدة مواقع عسكرية، ونشر فيديو لأنصاره وهو يرفعون رايته السوداء فى العاصمة صنعاء مؤخراً، كما نفّذ عدة هجمات انتحارية ضد المساجد الشيعية، ومقار للحوثيين، واستغل الفوضى المنتشرة هناك وحالة الارتباك، لضمان موضع قدم، فى وسط البلد المهترئ سياسياً. وفى تركيا، رحّلت أنقرة فى سبتمبر عام 2011 أكثر من 800 أوروبى حاولوا الانضمام إلى داعش، إلا أن تركيا لا تزال نقطة العبور الأكثر استخداماً للانضمام إلى صفوف التنظيم المتطرف، وهو ما يتسبب فى اندلاع معارك بالقرب من الحدود التركية بين الميليشيات الكردية وعناصر داعش. وفى ليبيا، سيطر «داعش» بشكل كامل على مدينة سرت الليبية، كما يحاول السيطرة على درنة ومصراتة للانتشار فى جميع أنحاء البلاد، ويستخدم التنظيم البلاد كساحة للتدريب، كما أن هناك ما لا يقل عن 3 آلاف مقاتل منضمين لداعش على أرض ليبيا، ويقدم التنظيم فى ليبيا دعماً عسكرياً وبشرياً لأنصاره فى الدول المحيطة، من ذلك توفير مقاتلين لفرع «داعش» فى سيناء، المعروف ب«أنصار بيت المقدس». وفى مصر، أعلن تنظيم «بيت المقدس» فى سيناء ولاءه ل«داعش»، وأصبح يسمى نفسه «ولاية سيناء»، حيث عمل على تنفيذ عمليات إرهابية ضد القوات المسلحة، وشارك فى عمليات إطلاق النار والاغتيالات التى تجرى على أرض سيناء، ويتبع التنظيم استراتيجية قتالية وعسكرية فى عملياته الإرهابية مشابهة لتلك التى استخدمها «داعش» لإسقاط مدن الموصل والأنبار والرمادى فى العراق. وفى الجزائر، أعلنت جماعة منشقة عن تنظيم القاعدة مسئوليتها عن قطع رأس هيرفيه جوردال، الصحفى الفرنسى، عام 2014، الجماعة المعروفة باسم «جنود الخلافة» أعلنت ولاءها ل«داعش»، كما أنها قتلت 10 جنود فى أبريل العام الماضى، ويعتمد التنظيم فى نشاطه بالجزائر على الخلفية التاريخية للتنظيمات المتشددة هناك مثل تنظيم «أنصار الشريعة». وتُعتبر تونس أكبر مصدر للجهاديين المنضمين ل«داعش»، فهناك تقديرات ترجح انضمام أكثر من 2400 تونسى للتنظيم خلال عام 2011 فقط، حتى إن مدينة تطوان تُعتبر نقطة انطلاق للمتشددين للسفر من وإلى القواعد فى ليبيا. وينفذ التنظيم بشكل دورى عمليات إرهابية فى تونس، كان آخرها هجوم سوسة، قبل عدة أيام، وأعلن فى وقت سابق، مسئوليته عن استهداف شخصيات مثل شكرى بلعيد، اليسارى التونسى المشهور. ولضمان تمدده فى جنوب أفريقيا، استطاع التنظيم الحصول على ولاء تنظيم «بوكو حرام»، أكثر فروع التنظيم دموية، الذى ينفذ عمليات إرهابية بشكل متواصل ضد المسيحيين والأقليات. وظهر «داعش» فى باكستان مع إعلان بعض عناصر طالبان المنشقين الانضمام للتنظيم الجديد، وسيطر التنظيم على المنطقة التاريخية خورسان التى تجمع مناطق من باكستانوأفغانستان والهند، وأعلن أحد قادته، الذى كان أحد قادة طالبان السابقين، حاكماً لتلك المنطقة. وفى أفغانستان، ليس هناك وجود رسمى ل«داعش»، إلا أن بعض الجماعات المسلحة أعلنت ولاءها له بعد أن استهدف التنظيم الجديد الشباب المصاب بخيبة أمل فى صفوف القاعدة، كما أن بعض أنصاره رفعوا أعلام «داعش» بالقرب من كابول.