ينثر القمر فضته بعدل مفرط كعادته كل عام مبشراً بأيام الله، فيجتهد الصالحون والتائبون، وحتى المذنبين، كل بحساباته، أملاًً فى «تحسين المجموع» فى اختبارات الله الكثيرة قبل أن تُرفع صحائفه فى هذا الوقت من كل عام بالتقرب زلفاً، فسنّ المصريون سنة طيبة بموائد الرحمن و«شنطة رمضان» يشاركهم إخوانهم فى العالم الإسلامى بحملات جمع الزكاة والأدعية والصلوات حتى «الافتراضية» تماشياً مع لغة العصر بوسائل التواصل الاجتماعى، حيث تنتشر التهانى ويؤسرنا الأصدقاء بدعوات التسامح والغفران بكلمات تذيب الكثير من الضغائن حتى وإن كانت منقولة (كوبى/بيست). لكن طبقاً لبديهية القانون الثالث ل«نيوتن»: (لكل فعل رد فعل مساوٍ له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه)، وكنتيجة مؤلمة لسلوك مدعى الإسلام وعلى رأسهم الإخوان وما أفرزوه بشكل معلن أو غير ذلك من كيانات مريضة فتحت علينا بالوعة نفايات أخلاقية وإرهابية بوقاحة «التمحك» بالدين تحالف معهم فيها كل أعداء الوطن من أجهزة ودول فى أكبر مؤامرة دولية على الإسلام، فقد أدى ذلك لاجتراء الكثيرين وتطاولهم على الدين. ووفق أطروحة متفق عليها بعدم ربط الدين باكتشافات قد يثبت التقدم العلمى خطأها، وهو ما جعل مولانا الشيخ الشعراوى يلقب تجلياته العظيمة ب«خواطر إيمانية» وليس «تفسير القرآن».. فمن الذى يملك شجاعة ادعاء ذلك؟ نجد من يطلق وسط حلو الكلام سهماً مسموماً، حتى بحسن نية، من ذلك النوع الملىء به الطريق إلى جهنم، طاعناً مناسك الدين بغلاف براق من العلم غير المحقق، بدعوى التخلص من الخرافات والتخلف، ذاكراً لفظاً أن «ماء زمزم به معادن سامة بناءً على أبحاث كثيرة». وهو أمر وارد لحظياً نتيجة سوء استخدام البشر أو تعرض الماء لخطب عابر، فقد هدمت الكعبة عدة مرات وتم إعادة بنائها. لكن ذكر المعلومة على الإطلاق أمر مرفوض، فالله لا يدعونا إلا لطيب، فهل ملايين البشر من مقيمين بمكة وزائرين مصابون بالتسمم دون أن نعلم؟ وهل الصيانة والتنظيف المتوالى للبئر بمعرفة متخصصين ويتم الإعلان عنها تفصيلياً والقياسات الدورية والأبحاث التحليلية من جهات مختلفة جامعية وغير ذلك كلها مضللة وموجهة؟ وهل الملحدون والمرتدون وأعداء الدين -وما أكثرهم- قُصفت أقلامهم وعُقدت ألسنتهم بما لديهم من أحدث وسائل البحث وآلات الإعلام الضخمة كل تلك السنين حتى لا يستغلوا تلك المعلومة الخطيرة ويزفوها للعالم «بطبلة وطار وصاجات كمان» لكى تأتى الطعنة بنيران صديقة؟ وهل الماء المعدنى الذى يستورده العالم من منابع الربيع فى جبال الألب ويفتخر القادرون بشربه فى مجتمعاتنا يعتبر مسمماً؟.. أنا لم أسمع عن مواطن سويسرى طعن فى ثروة قومية لبلاده (وليست قيمة عقائدية)، رغم أنه وارد تعرضها لنوبات تلوث بيئى. لقد علمونا فى كلية الطب أن المعادن السامة هى مشتقات السيانيد أو رصاص أو كروم أو زرنيخ وخلافه فهل عثر على أى منها فى ماء زمزم؟ وماء زمزم رقمه الهيدروحينى 7٫5، ويتكون من: كالسيوم ومغنيسيوم وكلوريد وكبريتات وحديد ومنجنيز ونحاس، بنسب وقياسات معلومة ومعلنة ومقبولة من منظمة الصحة العالمية. لم يذكر النبى أن نتعامل مع ماء زمزم على أنه دواء شافٍ، بل طلب منا الأخذ بالأسباب واللجوء إلى أهل الذكر -أى العلم- كل فى تخصصه، والاستزادة بماء زمزم تيمّناً بعد ذلك. وسؤالى: لماذا الآن؟ هل نحن فى حاجة لدفع المزيد من الحائرين الواقفين على هاوية التمرد على الدين بعد كل ما لاقوه من رموز أساءت للإسلام أكثر من أعدائه؟ هل ندعى عدم استخدام العلم لقصوره مع الدين فنستخدمه ضد الثابت من الدين؟ فلنلزمْ حدودَ أدب العلماء الذين يتفكرون ويحللون دون أن يزايدوا على ثوابت الدين بالشكوك و«قيل وقال» وليس بحقائق علمية مؤكدة.. وأنا من نافذتى الصغيرة تلك أتحدى أن يجد أى عالم على وجه الأرض فى ثوابت الدين ما يضر. ذلك هو اليقين يا صديقى. ولنعلم أنه لو كان للعلم من دون التقى شرف.. لكان أشرف خلق الله إبليس.. وأخيراً.. سأعرض عليكم مقايضة جميلة، ادعوا لى أن ييسر الله لى القيام بأجمل تجاربى فى الحياة التى لا أملها أبداً، للقاء حبيب ليس لى سواه، لا يمل الانتظار، فاتحاً للحب ألف باب، لا يرد طارقاً مهما جفا وقسا وغاب، بلا وسيط ولا عتاب.. وسأدعو لكم ولديننا الذى أشقيناه كثيراً، وأنا «رايحة أتسمم.. عقبال عندكم».