لا يعتبر نفسه بائعا عاديا، بل موثقا لتاريخ شعبى يكاد ينحسر، ينظر إلى بضاعته المتراصة أمامه من «لمبة الجاز» و«باجور» و«سبرتاية» نظرة تقدير، بعد أن أصبحت جزءا من تراث قديم لم يعد له قيمة. فى محله الصغير بالدرب الأحمر يجلس شريف المصرى، بائع «لمبات جاز»، ينتظر بين وقت وآخر أن يدخل عليه زبون يطلب شراء «لمبة جاز» أو تصليح «سبرتاية» أو قطع غيار ل«باجور»، ولا يخفى أنه تمر عليه أيام طويلة دون أن تطأ محله قدم زبون. أحيانا تشهد بضاعته رواجا، عندما ينقطع التيار الكهربائى بشكل متواصل مثلما حدث منذ فترة، وقتها تعود الحياة إلى جنبات محله الساكن، الذى يزدحم بزبائن كثر يأتون إليه من كل مكان: «هيعملوا إيه؟ لما الحكومة بتضلمها عليهم بيلجأوا لى». لقلة الطلب على بضاعته فى مصر، يصدر شريف جزءا كبيرا من بضاعته إلى ليبيا؛ فأحد الموزعين الليبيين يأتى إليه كل فترة لشراء كمية كبيرة من لمبات الجاز لجودة صناعته التى تفوق الصناعة الليبية، والحال نفسه بالنسبة للسوريين الذين باتوا يعتمدون على «لمبات الجاز» و«البواجير» لمواصلة الحياة بسبب عمليات القصف التى يستهدف بها بشار محطات توليد الكهرباء. زبائن شريف فى الدرب الأحمر والمناطق المجاورة أغلبهم من كبار السن، وهو ما يجعله يخفض أسعار بضائعه رفقا بهؤلاء الذين «عاشوا زمن خير مصر بجد»، ثمن الباجور الذى يبيعه شريف 130 جنيها وكان زمان يباع بثلاثة جنيهات فقط، ولمبة الجاز ب15 جنيها والسبرتاية ب35 جنيها، وكتان لمبة الجاز بجنيهين: «الأسعار كده كده مرتفعة.. مش هنبقى إحنا والزمن عليهم».