الطفل فى مصر مهمل، مجرد عيِّل لا يفهم ولا يفقه ولا يشعر ولا يحس، ذنبه وجريمته وحظه التعس أنه ولد على أرض مصر، وتعلم فى مصر وكتب دستوره فى مصر!، ناقشت المكتوب عن الطفل فى الدستور مع د. شريف عبدالعال وهو معروض الآن أمام الجمعية المصرية لطب الأطفال، والخلاصة أن مقترح المادة 67 الخاصة بالطفل فى مسودة الدستور الجديد مرفوض للأسباب التالية: الإصرار غير المبرر من قبل اللجنة لعدم ذكر سن الطفولة التى تكفل الدولة حماية حقوقها، مما يدل على وجود نية مبيتة للتراجع فى التشريعات الوطنية التى اعتبرت الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثمانية عشرة سنة ميلادية كاملة. وجود عوار واضح فيما يتعلق بحماية أطفالنا من مخاطر عمالة الأطفال. فقد اكتفت المادة المقترحة بحظر عمالة الأطفال فى أعمال لا تناسب أعمارهم حتى سن التعليم الإلزامى. وقد أباحت عمالة الأطفال دون تحديد لأى سن للعمالة، ودون حمايتهم بعد التعليم الإلزامى فى أسوأ أشكال العمل التى قد تودى بحياتهم أو بصحتهم أو أخلافهم أو تعليمهم؛ فقد نصت المادة 67 على «يحظر تشغيل الأطفال قبل تجاوزهم سن الإلزام التعليمى فى أعمال لا تناسب أعمارهم». فى حين أن النص المقترح من المجتمع المدنى هو «يحظر تشغيل الأطفال قبل إتمامهم التعليم الإلزامى، كما يحظر تشغيلهم قبل سن الثمانية عشرة سنة فى أعمال تعد من أسوأ أشكال العمل». عدم الإشارة إلى حماية حقوق الطفل فى القرارات والإجراءات والتشريعات التى سوف تصدر أو تعدل بموجب هذا الدستور، التى يجب أن يحصنها الدستور من أى انتهاكات قد يتعرض لها أطفالنا أو مصالحهم الفضلى، وقد اقترحت منظمات المجتمع المدنى نص «على أن تراعى المصالح الفضلى للأطفال فى جميع القرارات والإجراءات والتشريعات أياً كانت الجهة التى تباشرها» ويعد هذا النص بمثابة تحصين لحقوق أطفالنا من المشرع أو الموظفين القائمين على إنفاذ القانون، من أى انتهاك حقوق أطفالنا. لم تتضمن المادة 67 المقترحة لحق أطفالنا فى المشاركة والاستماع إلى آرائهم فى كافة القضايا التى تخصهم وتخص مستقبلهم. لم تشر المادة المقترحة إلى حق الطفل فى الحماية من التمييز على أى أساس، وخاصة حماية الطفلة الأنثى من مخاطر الممارسات التقليدية الضارة كالزواج المبكر وختان الإناث. لم تشر المادة المقترحة إلى وجوبية استخراج الأوراق الثبوتية للمواليد وجعلها مجانية ولو فى المرة الأولى، فبدون شهادة ميلاد يظل الطفل غير معترف به من الدولة، ولا يحق له الحصول على خدمات صحية وتعليمية وغيرها، كما قد تبين أن فرض رسوم استخراج تلك الأوراق خاصة فى المدن والقرى الفقيرة فى الريف والصعيد عائق أساسى، حتى جاء قانون الطفل 126 لسنة 2008 ليجعلها مجانية. إن حق الأطفال فى نظام مجانى للتأمين الصحى ومواجهة الإشكاليات الصحية التى على رأسها نسبة وفيات الأطفال دون الخامسة فى مصر، بالإضافة إلى توفير الحضانات اللازمة للأطفال المبتسرين وناقصى النمو ومكافحة سوء التغذية، هى مسئولية على الدولة يجب أن يؤكدها الدستور الجديد. لم تشر المادة من قريب أو بعيد إلى حق أطفالنا فى الكرامة الإنسانية والحماية من العنف والإهانة فى كافة المواقع، ومنع العقاب البدنى داخل المدارس أو الأسرة أو المؤسسات، بل على العكس ففى نص المادة 67 كان هناك نص «وحمايته من سوء المعاملة» إلا أننا فوجئنا بحذفه فى المسودة الأخيرة للمقترح، وكأن الدولة سوف تبيح إهانة أطفالنا فى المواقع المختلفة كالمدارس والمؤسسات وحتى داخل الأسرة التى تستغل أطفالها فى أعمال وممارسات ضارة. لم يشر الدستور المقترح إلى حماية الأطفال من الاتجار بهم أو استغلالهم جنسياً، بل ما جاء فى المادة 71 من تعديل بحذف الاتجار بالأطفال والنساء يعد رفضاً واضحاً لحماية أطفالنا من الاتجار بهم واستغلالهم جنسياً.