بدأت القوات العراقية، اليوم، مطاردة المتطرفين بين الأنقاض المنتشرة في شوارع مدينة تكريت، بعد تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش"، وسط حذر من العبوات المفخخة التي تركوها خلفهم. وأعلن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، أمس، تحرير مدينة تكريت شمال بغداد ورفع العلم العراقي على مبنى محافظة "صلاح الدين"، فيما يرى التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن أنه "ثمة عمل كبير يجب القيام به". وشهدت مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، احتفالات بعد إزالة راية الدولة الإسلامية السوداء ورفع العلم العراقي بدلًا عنها، بعد عملية عسكرية كبيرة. ورغم ذلك، مازال مصير مئات المتطرفين مجهولًا، ويعتقد بأنه مازال هناك من يتحصن منهم داخل المدينة تكريت 160 كلم شمال بغداد، معقل الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. وأعلن العبادي، في بادئ الأمر، استعادة السيطرة على مناطق وسط وجنوب وغرب تكريت، لافتًا إلى أن القوات العراقية تطهر باقي المناطق بسبب تفخيخ داعش المنازل والطرق. وأشار المتحدث باسم التحالف الدولي، الذي وجه ضربات جوية ضد الجهاديين في تكريت، إلى أنه من السابق لآوانه إدعاء النصر في معركة مستمرة منذ عدة أشهر. وقال الميجور كيم ميكلسن ل"وكالة فرانس برس": "ما زالت أجزاء من المدينة تحت سيطرة الدولة الإسلامية ومازال هناك عمل يجب القيام به". من جانبه، قال بريت ماكرك مبعوث نائب الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى التحالف، أن القوات العراقية حققت "تقدمًا شجاعا" في تكريت. واعترف كريم النوري القيادي البارز في منظمة "بدر"، أحد أبزر الفصائل الشيعية التي تقاتل في تكريت، بأن تكريت لم تطهر تمامًا، وقال النوري إن "العديد من المباني مفخخة والقناصة مازالوا موجودين" في حي القادسية في شمالي تكريت. ونقلت مشاهد مصورة لفرانس برس، لقطات لمقاتلين يحتفلون وهم يقطعون راية سوداء وسط دمار تعرضت له المدينة. وقال بهاء عبدالله نصيف أحد عناصر الشرطة: "نحن وسط مدينة تكريت وتم تحرير جميع المباني الإدارية". ولم يعلن عن عدد الجهاديين، الذين قتلوا أو أصيبوا أو اعتقلوا خلال المواجهات، كما لم تعلن المصادر الحكومية عن عدد الضحايا منذ بدء المواجهات في مارس. وقامت القوات العراقية، الجيش والشرطة والحشد الشعبي ومقاتلين من أبناء عشائر سنية، بمحاصرة تكريت على مدى أسبوعين من سير العملية. وشهدت المعركة، هدوءًا أحيانًا بسبب حذر القوات الحكومية والموالية لها من تواجد القناصة والعبوات الناسفة، التي زرعها الجهاديين كوسيلة دفاعية. وكانت إيران البلد الأجنبي الرئيسي الداعم للعراق، في المراحل الأولى من المعركة لكن ضربات الجوية لدول التحالف أثبتت كفائتها في كسر ظهر مقاومة الجهاديين. وكانت حكومة رئيس الوزراء نوري العبادي، قد وجهت طلبا إلى التحالف الذي تقوده واشنطن، الذي بدأ بتقديم الدعم منذ أغسطس في مناطق متفرقة من العراق، بتوجيه ضربات جوية على تكريت. وبدأت طائرات مقاتلة أمريكية في 25 مارس، تنفيذ ضربات على تكريت كما شاركت طائرات فرنسية في العملية. لكن ضربات التحالف الجوية، دفعت بعض الفصائل الشيعية التي لعبت دورًا كبيرًا في المعارك، إلى تجميد مشاركتها في الهجوم على تكريت. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية التي كانت قلقة من الدور الذي تلعبه إيران في العملية وحلفائها، بأنها اشترطت تدخلها بتولي القوات النظامية الحكومية قيادة العملية. وتم إخلاء شبه كامل لأهالي مدينة تكريت، التي يسكنها حوالي 200 ألف نسمة، قبل بدء العملية، ولايوجد أي مؤشر على بقاء البعض منهم خلال الأيام الماضية. وبدأ آلاف النازحين من أهالي محافظة صلاح الدين، حيث تقع تكريت، خلال الأيام الماضية بالعودة من بغداد إلى مناطق في صلاح الدين، التي تم تحريرها. لكن حجم الدمار الذي لحق بمدينة تكريت، بسبب العبوات الناسفة التي فجرت فيها، قد يؤخر عودة الأهالي إليها. وانتشرت عجلات مدرعة تضررت خلال الهجوم، في الجانب الغربي من مدينة تكريت حيث سمعت أصوات طائرات مقاتلة تحوم في سماء المدينة، وفقًا لمراسل "فرانس برس". وقال رسول العبادي، من كتائب الإمام علي أحد الفصائل الشيعية الرئيسية المشاركة في المعركة: "قبل حوالي ربع ساعة كنا نشتبك بالرصاص في شمالي تكريت". وأضاف أن "الدواعش" يحاولون التقدم باتجاه جامعة تكريت في شمالي المدينة. وتابع: "لم يبقى أكثر من ثلاثين منهم في منطقة القادسية" شمالي المدينة. وتسعى القوات العراقية، التي نفذت عمليات لتطهير مناطق جنوببغداد، خلال العام الماضي، إلى التوجه شمالًا بعد تحرير تكريت للتوجه نحو تحرير الموصل شمال بغداد، التي تمثل المعقل الرئيسي للجهاديين في العراق حاليًا. والتقى وزير الدفاع خالد العبادي، أمس، جميع قادة وزارته لمناقشة التحضيرات المقبلة لاستعادة محافظة نينوي، كبرى مدنها الموصل "350 كيلو متر شمال بغداد". وقال وزير الدفاع، إن "هذا النصر ليس إلا نقطة استراتيجية جديدة للانطلاق عملية تحرير محافظة نينوي". وما زال عدد كبير من أهالي الموصل، ثاني مدن البلاد، وتقدر مساحتها بحوالي عشر أضعاف تكريت، وسيطر عليها الجهاديين في العاشر من يونيو الماضي، يتواجدون هناك.