رفع الدين الإسلامي من مكانة الأم وجعل برها من أصول الفضائل، كما جعل حقها أعظم من حق الأب لما تحمَّلته من مشاق الحمل والولادة والإرضاع والتربية، وهذا ما يُقرره القرآن ويُكرره في أكثر من سورةٍ ليثبِّته في أذهان الأبناء ونفوسهم. وأعظم الأدلة على مكانة الأم في الإسلام الحديث النبوي الشريف الذي يروي قصَّة رجلٍ جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله: من أحق الناس بصحابتي يا رسول الله؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أبوك". وعظَّم القرآن من منطوق كلمة "أم" فجعلها تعني الأصل الطيب والمقدس لكلّ شيء عظيم. ويستدل الأستاذ الدكتور عبدالغفار حامد هلال، الأستاذ بجامعة الأزهر، على ذلك بكثير من الآيات التي وردت فيها كلمة "أم" في القرآن الكريم فمكة المكرمة هي "أم" القرى، لأنها مهبط الرسالات السماوية التي اختزلها الله عزّ وجلّ في "الإسلام" الذي كان غاية الرسل والرسالات جميعاً، فقال تعالى: "مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها"، "وكذلك أوحينا إليك قرآنًا عربيًا لتنذر أم القرى ومَن حولها". وأوضح عبدالغفار أن الإسلام أوصى بضرورة طاعة الأم والاهتمام بها وذلك في القرآن الكريم في قوله: "وقضى ربّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا"، حتى لو كانت الوالدة كافرة فهي في نظر الدين رمز التضحية والفداء والطهر والنقاء والحب والحنان: "وبرًا بوالدتي ولم يجعلني جبارًا شقيًا"، "ووصّينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن"، "ووصّينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا..". كما أوصى الرسول، صلى الله عليه وسلم، بضرورة بر الأم والإحسان إليها في كل الأحوال سواء كانت الأم طيبة أو قاسية حسنة أو سيئة فقد روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كلامًا لرجل جاءه يقول له "أمي سيئة الخلق وحملتها وطُفت وأديت جميع أركان الحج بينما أحملها فوق رأسي، فهل أديت حقها"، فقال له النبي الكريم: "كل ذلك لا يساوي طلقة من طلقات الميلاد". وأكد الدكتور عبدالغفار حامد أن الإسلام حدد طريقة بر الأم بعدة أمور هي: 1- احترامها وتقديرها. 2- طاعتها في غير معصية لله. 3- النفقة عليها إذا كانت في حاجة إلى المال وإذا كانت ليست في حاجة فيجب أن يُشعرها بالتقدير. 4- إذا كان قادرًا على أن يجعلها تحج فلها ذلك. 5- إذا كانت في ذمة الله متوفية فيجب عليه الترحم عليها وينشئ لها صدقة جارية لها ويبر ويصل أقاربها وأصدقاءها.