قام الملك الرومانى كلاوديوس، وقد كان وثنياً يعبد آلهة الرومان فى القرن الثالث الميلادى، بإعدام الكاهن المسيحى فالانتينوس (فالنتاين)، لإقامته مراسم الزواج فى قبو الكنيسة سراً، بعد صدور قرار الملك بمنع الزواج، حتى يتفرّغ الشباب للحرب الدائرة وقتها.. وخيّره الملك بين العودة للوثنية وتقريبه منه، أو الموت، فاختار الموت.. وأعدم الكاهن المؤمن، فأصبح قديساً، وتخضّب يوم 14 فبراير بدمائه الطاهرة ليزهر وروداً للحب فى كل مكان فى العالم.. يموت الرجل والفكرة تبقى.. ويصبح يوم قتلها المزعوم هو يوم خلودها.. وفى كل عام.. يتلوّن كل شىء بلون الحب وكذلك الدماء، ويحتفل العالم بالحدث، متجاهلين ما وراء الحدث.. تعترينى شجون الذكرى.. وحكاية القديس فالنتاين.. فأندهش من حال المحبين وتلك الرموز التى يبدو بعضها ساذجاً (بعيداً عن تسطيح الفكرة وابتذالها)، متناسين آلام «فالنتاين» وتضحيته. وفى مواكبة للذكرى يخرج علينا من شاطئ البحر عماليق ملثمون من عالم الأساطير، بتعويذات ملعونة وطقوس مريضة، بلغة ليست لغتنا، وكلمات ليست من ديننا، وبسذاجة المكر السيئ يحاولون محاولات (خائبة) لتشويه خير خلق الله فى مشهد هوليوودى التقنية بزوايا تصوير لعشرات الكاميرات ومعدات احترافية وشاريوه وكرين (كقضيب القطار تتحرّك عليه الكاميرا للحصول على صورة متحركة انسيابية مصاحبة لحركتهم على شاطئ البحر وتثبت الكاميرا على عمود طويل للحصول على المشاهد بزوايا مختلفة الارتفاعات).. أتصور استعداداتهم للتصوير الخارجى و(أوردرات) الفنيين وبروفات الملثمين متشابهى البناء الجسدى الضخم (دليل انتمائهم إلى جهة واحدة لسنين من التدريب)، وحركتهم المتماثلة المتتابعة أثناء قتلهم بشراً أبرياء، والتزاحم خلف الكاميرات من فريق عمل وفنيين لن يقل عددهم عن العشرات، إن لم يكن المئات، فأشعر بالغثيان من مرضى العقول والقلوب.. أتساءل: هل استطاع المخرج بتلقائية عند بداية (المشهد) لفيلمه الشيطانى أن يصيح (أكشن)؟؟؟؟ ويغضب البحر مخضباً بدماء الأبرياء.. ويغضب النسور محملين بشرف الثأر.. وتكون البداية لقصاص الحق من أجل أبناء وإخوة الوطن والذمة من أوصانا بهم الرسول وأكد.. أنظر فى كل مكان بامتنان لإخوتى الأقباط.. ألقبهم بكل فخر بأبطال الوطن.. إنهم حبات القلوب الذين أثبتت الأيام والمحن عمق وطنيتهم وصدق تسامحهم.. واقتداءهم بسيدى المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام (فصلاة الله على كل أنبيائه وآلهم، وليست قصراً على سيدى وحبيبى محمد، واقع وقول نكرره فى التحيات فى كل صلاة، خمس مرات فى اليوم). أبتسم من ذكاء و(إن لم أتجاوز الأدب) دهاء كله خير لأبينا قداسة البابا تواضروس الثانى (إذا أحرقوا الكنائس سنصلى فى المساجد) ليطفئ ناراً للفتنة أدركوا أنها لن تتأجج أبداً مهما أوقدوها.. لأتذكر عمر بن الخطاب فى صلاته على باب كنيسة القيامة وقوله (لولا خوفى أن يتخذها المسلمون سنة من بعدى لصليت داخلها). فتنتقل أرض معركتهم الدنيئة للجوار بعد أن أوهنوا إخوتنا هناك، وذبحوا أبناءنا بخسة وحقارة خلف الثمة تدارى عارهم على الإنسانية بألسنتهم الأعجمية وأوجههم الغريبة عنا وعن ديننا وعمالتهم المفضوحة فضيحة العاهرة المتشدقة بالدين.. لأتنازل قليلاً وأحاجيهم فى سفههم الفكرى وأفترض جدلاً أن القضية استهداف النصرانية، كما تدّعون، فهل للنصرانى المصرى معتقدات أو طقوس أسوأ من أى نصرانى آخر أمريكى مثلاً أو تونسى أو برازيلى؟؟ إذن القضية هى مصر.. تلك الصخرة التى تتحطم على أبوابها كل أحلام أولاد صهيون وأذنابهم.. ودول تبدى الصداقة وتضمر غيرها.. فموتوا بغيظكم.. يا قتلة الأنبياء.. ما ظننتم أنه يفرقنا جمّعنا.. وكل يوم نزداد اقتراباً وحباً.. فهلا وعيتم الدرس يا كل جيوش الظلام فى العالم.. إن شمعة واحدة تكفى.. نعم.. شمعة واحدة.. تلك هى قوانين الطبيعة.. وكما كان فى موت «فالنتاين» إحياء لما آمن به وعاش من أجله.. فإن دماء أبنائنا هى ما سيجمعنا على قلب رجل واحد حتى ننتصر عليكم حتى فى حربكم القذرة، حيث لا قوانين ولا حرمة، وسيبقى الحب والسلام والخير هى الحلم والغاية.. تلك هى رسالات السماء.. وتلك هى قناعاتنا وإيماننا حتى النهاية.. فطوبى لمشاعل الحياة.. هؤلاء الذين بدمائهم الطاهرة عرفنا الحقيقة ورأينا الطريق وكانت لحظات وداعهم التى تفنّن فيها المجرمون هى زادنا وإلهامنا، وما يزيدنا عزيمة وإصراراً.