«ماتستغربش.. ماتنتقدش.. ماتتسرعش».. كلمات تقولها عيناه لكل من يحدق النظر فى شعره المنسدل على كتفيه، شاب لا يهمه نظرات الآخرين له على أنه «فرفور»، ولا يعنيه انتقادهم له بدعوى أنه «زى البنات». يضع هدفه النبيل نصب عينيه، لا يرى غيره. بخطى واثقة تقدم «بلال أبوالنجا» إلى صاحب صالون تجميل، طلب منه قص شعره بطريقة تمكنه من التبرع به لطفلة مريضة بالسرطان، طفلة فى سن المراهقة، فقدت بفعل «العلاج الكيميائى» أجمل ما تملكه فتاة، نظرات متفحصة من صاحب الصالون وافق بعدها وبدون تردد على المشاركة فى هذا العمل النبيل. فكرة التبرع بالشعر راودت «بلال»، عندما ساهم فى صنع فيلم يتناول فكرة تنميط الناس وفقاً لمظهرهم، ومن هؤلاء، الشباب ذوو الشعر الطويل، الذين ينظر لهم المجتمع باستهزاء، لم يكن «بلال» من هواة الشعر الطويل، لكن اضطر إلى إطالة شعره من أجل الفيلم.. بعدها راودته فكرة التبرع به لمرضى السرطان: «استعنت بصديقة لى، زوجها مدير معهد الأورام، عشان تساعدنى أروح هناك، واتبرع بباروكة صنعتها من شعرى». أول باروكة صنعها «بلال» كانت عام 2011 بتكلفة حوالى 600 جنيه، وكانت لفتاة عمرها 16 عاماً، يقول إنه لم يقابلها وفضل أن تكون سعيدة بالباروكة، دون أن تعرف من صاحبها. بعدها قرر «بلال» إعادة الفكرة، رغم الانتقادات التى كان يتعرض لها بسبب إطالة شعره وربطه من الخلف «ديل حصان». طرح «بلال» فكرته على مواقع التواصل الاجتماعى فلاقت رواجاً، كتب على «تويتر» أنه يحتاج إلى متبرع بخصلات من الشعر لاستكمال باروكة، حيت يستلزم صنعها ألا يقل وزن الشعر عن 200 جرام. وبعد دقائق انتشرت التغريدة واستقبل طلبات عدد كبير من المتبرعين عرفوا أن الشعر سيوجه لخدمة غرض نبيل. تطورت الفكرة من مبادرة شخصية إلى مبادرة شارك فيها الكثيرون: «فكرة التبرع بالشعر لمرضى السرطان منتشرة جداً فى الخارج وبيتعمل لها تجمعات فى صورة حفلات بتحضرها الناس وبيتبرعوا بشعورهم، واللى بيقوم بتنظيم اليوم جمعيات أهلية أو منظمات غير حكومية، وبيبقى يوم شبه التبرع بالدم بالظبط». «بلال» أبدى اندهاشاً لعدم وجود جهة واحدة تهتم بالتبرع بالشعر للفتيات المصابات بالسرطان، ما يساهم بشكل أساسى فى دعمهن نفسياً، ولهذا أنشأ صفحة على موقع «فيس بوك» تحت عنوان «Let›s donate our hair»، وأصبحت الصفحة تساهم فى عمل حلقة الوصل بين المتبرعين وبعضهم، وبين المعهد. «بلال» اعتاد القيام بمبادرات مجتمعية، واهتم بدراسات حقوق الإنسان، كما عمل مستشاراً إعلامياً فى كيانات متبنية الدفاع عن حقوق المرأة.