- الرِّباط هو: الإقامة فى الثغور، وهى الأماكن التى فيها خطر على الشعب والبلاد، وملازمة الثغور تكون لرد هذا الخطر المتوقع، والمُرابط هو: المقيم فيها المُعدّ نفسه لمواجهة المخاطر، والدفاع عن الشعب ومقدسات الوطن، قال تعالى فى سورة آل عمران آية 200: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون». - وقد ورد فى فضل المرابطة والحراسة فى سبيل الله والوطن أحاديث كثيرة، منها: ■ ما رواه الحافظ المنذرى عن سهل بن سعد أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «رباط يوم فى سبيل الله خير من الدنيا وما عليها». ■ وعن ابن عباس أن الرسول قال: «عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس فى سبيل الله». - هذا وللمرابطة فوائد عظيمة منها: الحفاظ على المقدسات الوطنية، حماية الشعب ومصالحه، حفظ الدماء والأعراض وتحقيق الأمن والاستقرار للمواطنين، زيادة قدرة الشعب والدولة على مواجهة المخاطر، إشعار العدو بأنك فى حالة استعداد لكل طارئ وأنك غير غافل عنه، فهو قد يغنى عن استعمال القوة لما يحققه من ردع للأعداء ولذلك اعتبر بعض الفقهاء أن الرِّباط أهم من الجهاد. وعلى الرغم من أن الراجح فى حكم الرِّباط أنه فرض كفاية -إذا قام به البعض سقط الوجوب عن الباقين- فإنه فى حالات الحروب والمخاطر المؤكدة، كالتى نواجهها الآن فى حربنا ضد الإرهاب، يتحول إلى فرض عين، أى يجب أن يقوم به جميع أبناء الشعب خاصة إذا أخذنا مفهوم الرِّباط بمعناه الشامل وليس المعنى الأمنى فقط، فالرِّباط يكون فى كل مكان يشكل خطراً على الشعب أو الدولة سواء على المدى القريب أو البعيد، وسواء كان مادياً أو معنوياً، وكل عمل يلازمه الإنسان بنيّة الحفاظ على الشعب ومصالحه ومقدّساته يكون رباطاً فى سبيل الله، فعلى سبيل المثال: ■ المرابطة على الحدود البرية والبحرية والجوية، أو الثغور الجغرافية لحفظ الحدود من المخاطر وما يحتاجه من إعداد عسكرى على مستوى الأفراد والمعدات والخطط والتدريبات، هو مسئولية رجال القوات المسلحة. ■ المرابطة داخل البلد لحماية المواطنين ومنع وقوع الجرائم التى تهدد النفس والممتلكات، هى مسئولية رجال الشرطة. ■ المرابطة على الثغور الفكرية، فمن أخطر الثغور المفتوحة اليوم هى تلك التى تهدد أفكار الشباب والتى تنشر التطرّف والكراهية وغيرها من الأفكار السلبية والهدَّامة، وهذا النوع من المرابطة هو مسئولية الأدباء والمفكرين ورجال الدين والإعلاميين ورجال السياسة. ■ المرابطة على الثغور الإنتاجية، وذلك بالعمل وزيادة الإنتاج حتى تمتلك الدولة مقدراتها وتقضى على الفقر والعوز، وهو مسئولية الشعب بكافة فئاته كل فى عمله ومجاله. ■ المرابطة على الثغور العلمية، وهو مسئولية كل طالب علم وذلك بتحصيل العلم، والوقوف على كل جديد حتى تستطيع الدولة أن تلحق بالعالم الحديث. ■ المرابطة على ثغر الأمل وبث الروح الإيجابية فى فئات الشعب، ومنع تسرب اليأس إلى نفوس الشباب، وهذه مسئولية من يمتلك القدرة على الإلهام وقيادة الأمة كل فى مجاله. ■ المرابطة على ثغور الإصلاح، فالإرهاب ينمو فى بيئة الفساد، لذا وجب على المرابطين فى ثغور الإصلاح من السياسيين ونواب البرلمان ومؤسسات المجتمع المدنى أن يبذلوا جهداً فى محاربة الفساد. - إن معركتنا ضد الإرهاب هى معركة شعب يريد الحياة وصنع المستقبل ونشر مفهوم الرِّباط بمعناه الشامل، فيه فائدة عظيمة فهو وسيلة تحفيز لجميع المواطنين للقيام بالمسئولية، كل حسب مكانه ودوره، وعندها يستطيع الشعب أن يكسر الإرهاب وغيره من التحديات التى تواجهه.