تمكن عشرات الناشطين من اليمين المتطرف السبت من السيطرة على ورشة بناء لمسجد في مدينة بواتييه الواقعة في وسط فرنسا تعبيرا عن رفضهم لبناء المسجد هناك، ما دفع الحكومة الى وصف هذا العمل ب"الاستفزاز الحاقد". وتمكن نحو سبعين شخصا الساعة 5,45 (3,45 ت غ) صباح السبت من دخول المكان الذي هو عبارة عن بناء رمادي كبير له مئذنة ويقع في ضاحية بوكسيرول التابعة لمدينة بواتييه. وبعدما صعدوا إلى سطح المسجد وضعوا لافتة تحمل اسم تنظيمهم "جيل الهوية". وتنشر هذه المجموعة على موقعها على الإنترنت صورة للقائد التاريخي الفرنسي شارل مارتيل "الذي اوقف تقدم العرب في بواتييه قبل 1300 سنة". وعند الظهر وافق المتظاهرون على الانسحاب من المكان، إلا أن الشرطة اعتقلت ثلاثة من منظمي هذا التحرك. وندد رئيس الحكومة الفرنسي جان مارك ايرولت "بشدة بهذا الاستفزاز الذي يكشف حقدا دينيا غير مقبول". كما ندد وزير الداخلية مانويل فالز بما سماه "الاستفزاز الحاقد وغير المقبول". وفتحت النيابة العامة تحقيقا لكشف ملابسات قيام "تظاهرة غير مرخص لها والحث على الحقد العنصري والمشاركة في تجمع يمهد للاضرار بممتلكات". ووجهت تهمة الإضرار بممتلكات إلى الذين سحبوا سجادات صلاة إلى خارج المسجد ووضعوها على سطحه، ما أدى إلى إتلافها بسبب المطر. وقال داميان ريو المتحدث باسم المجموعة "كنا نريد البقاء لوقت أطول، ولكن وبما أنه لم يكن لدينا أي نية للمواجهة مع الشرطة فضلنا الانسحاب". من جهته، قال رئيس بلدية بواتييه (90 ألف نسمة) الان كلايس إن "بواتييه لا تزال تحت الصدمة"، مضيفا أن الناشطين من اليمين المتطرف "قدموا من مناطق فرنسية عدة وبدوا منظمين جدا ومجهزين بحواسيب ولافتات". وقال مسؤول الشرطة ايف داسونفيل إن الناشطين من اليمين المتطرف ال73 "كانوا أشخاصا من عائلات محترمة وقدموا من كل أنحاء فرنسا". وأعرب المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية عن "عميق إدانته وقلقه الشديد إزاء هذا النوع الجديد من العنف المناهض للإسلام". وجاء في بيان صادر عن هذا المجلس، أن "هذه الاحتلال الوحشي غير الشرعي والخطير والمترافق مع إطلاق شعارات مناهضة للإسلام والمسلمين هو سابقة في تاريخ فرنسا" التي تضم أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، أي ما بين أربعة وستة ملايين مسلم. كما قال إمام مسجد بواتييه بوبكر الحاج عمر "لقد مس هذا الحادث مشاعرنا بشكل كبير". وأشاد بتصرف المسلمين في المدينة الذين يعدون ما بين سبعة وثمانية الاف شخص اذ تعاطوا مع الحادثة "بهدوء وبحس من المسؤولية". وتابع أن "هؤلاء المتطرفين كانوا يريدون الاستفزاز ولم نتجاوب معهم". وأعلن إمام المسجد أنه ينوي تقديم دعوى قضائية على من اقتحموا المسجد.