وجّه أنطونيو جوتيريش، أمين عام الأممالمتحدة، الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى، على استضافة «قمة المناخ» وتنظيمها بأفضل مستوى ممكن، قائلاً: «شكراً فخامة الرئيس السيسى على الضيافة الحارة والتنظيم الرائع لمؤتمر الأطراف 27». وقال «جوتيريش» إنّه خلال أيام عدة سيتخطى سكان كوكبنا عتبة جديدة، وسيولد العضو الثامن من عائلتنا البشرية لنكون 8 مليارات نسمة، وتساءل كيف سنجيب عندما يسأل أبناؤنا ماذا فعلتم لعالمنا -وكوكبنا- عندما سنحت لكم الفرصة؟ وأوضح «جوتيريش»، خلال كلمته فى حفل الافتتاح الرسمى لقمة المناخ ال27 المنعقدة فى شرم الشيخ، أنّ مؤتمر الأممالمتحدة للمناخ تذكير بأنّ الإجابة فى أيدينا، فعلى مدار الساعة نحن فى معركة حياتنا ونحن نخسر بالفعل، لأن انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى تزايد مستمر، درجات الحرارة العالمية تستمر فى الارتفاع، وكوكبنا يقترب بسرعة من نقاط التحول التى ستجعل الفوضى المناخية لا رجعة فيها، بما يبرهن على أننا نسير على طريقنا السريع نحو جحيم المناخ. التغيرات المناخية تحدٍ مركزي وأكد «جوتيريش» أنّ الأزمة فى أوكرانيا، والصراع فى منطقة الساحل، والعنف والاضطراب فى العديد من الأماكن الأخرى، أزمات مروعة يعانى منها العالم اليوم، لكن تغير المناخ يجرى على جدول زمنى ومقياس مختلف، لافتاً إلى أنّ التغيرات المناخية هى القضية الحاسمة فى عصرنا، والتحدى المركزى، ومن غير المقبول بل من المدمر أن نضعه فى الخلف. وأشار إلى أن صراعات اليوم ترتبط بفوضى مناخية متزايدة، وأن الأزمة الروسية - الأوكرانية كشفت عن المخاطر العميقة لإدماننا الوقود الأحفورى، ولا يمكن أن تكون أزمات اليوم الملحة ذريعة للتراجع عن مواجهة آثار التغيرات المناخية، لافتاً إلى أن النشاط البشرى هو سبب مشكلة المناخ، ويجب أن يكون العمل البشرى هو الحل، من خلال العمل على إعادة تأسيس الطموح، وإعادة بناء الثقة، خاصة بين الشمال والجنوب. وأوضح أن العلم واضح ويؤكد أن أى أمل فى الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة يعنى تحقيق صافى انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، لكن هدف 1.5 درجة هو دعم الحياة. نقترب من اللا عودة وأكد أمين عام الأممالمتحدة أنه يجب الاعتراف بحقيقة قاسية، وهى أنه لا يوجد تكيف مع عدد متزايد من الأحداث الكارثية التى تسبب معاناة هائلة فى جميع أنحاء العالم، فالآثار المميتة لتغير المناخ موجودة، ولم يعد من الممكن التستر على الخسائر والأضرار، على سبيل المثال: «إنه واجب أخلاقى، ومسألة أساسية تتعلق بالتضامن الدولى والعدالة المناخية أن نعترف أن أولئك الذين ساهموا بشكل أقل فى أزمة المناخ يحصدون الزوبعة التى زرعها الآخرون». وأضاف: «نقترب بشكل خطير من نقطة اللا عودة فى أزمة المناخ، ولتجنب هذا المصير الرهيب، يجب على جميع دول مجموعة العشرين تسريع انتقالها الآن فى هذا العقد، ويجب على البلدان المتقدمة أن تأخذ زمام المبادرة، والاقتصادات الناشئة ضرورية أيضاً لثنى منحنى الانبعاثات العالمية». وأوضح أن الكثيرين يصابون بالصدمة بسبب التأثيرات التى لم يكن لديهم تحذير أو وسيلة استعداد لها، وهذا هو السبب فى الدعوة إلى تغطية أنظمة الإنذار المبكر الشاملة فى غضون خمس سنوات. ضرائب على شركات الوقود الأحفوري وطالب «جوتيريش» جميع الحكومات بفرض ضرائب على الأرباح المفاجئة لشركات الوقود الأحفورى، لإعادة توجيه الأموال إلى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وإلى البلدان التى تعانى من الخسائر والأضرار الناجمة عن أزمة المناخ عند معالجة الخسائر والأضرار. وأكد أمين عام الأممالمتحدة أنه يجب أن يتفق مؤتمر الأطراف على خارطة طريق واضحة ومحددة زمنياً تعكس حجم التحدى وإلحاحه، ويجب أن توفر خارطة الطريق ترتيبات مؤسسية فعالة للتمويل، والحصول على نتائج ملموسة بشأن الخسائر والأضرار، ويعد COP27 بمثابة اختبار أساسى لالتزام الحكومات بنجاح. وقال إنه لا بد أن نعرف ما يجب تنفيذه حيال التغيرات المناخية، ولدينا الأدوات المالية والتكنولوجية لإنجاز المهمة، فلقد حان الوقت لكى تجتمع الدول من أجل تنفيذ الوعود والتعهدات، حان الوقت للتضامن الدولى فى جميع المجالات، والتضامن الذى يحترم جميع حقوق الإنسان ويضمن مساحة آمنة للمدافعين عن البيئة وجميع الجهات الفاعلة فى المجتمع للمساهمة فى استجابتنا المناخية. يجب أن يتدفق نصف تمويل المناخ للتكيف.. وأدعو لميثاق تضامن مناخي بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة وأكد أنه يجب أن يتدفق نصف التمويل المتعلق بالمناخ للتكيف، ويجب على المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف تغيير نموذج أعمالها وتأدية دورها لتوسيع نطاق تمويل التكيف، وتعبئة التمويل الخاص بشكل أفضل للاستثمار بشكل مكثف فى العمل المناخى، ويجب أن تكون البلدان والمجتمعات أيضاً قادرة على الوصول إليها مع تدفق التمويل إلى الأولويات المحددة من خلال جهود مثل مسرع خط أنابيب التكيف. وأوضح أنه دعا فى العام الماضى، خلال قمة «جلاسكو»، إلى تحالفات لدعم الاقتصادات الناشئة عالية الانبعاثات لتسريع الانتقال من الفحم إلى مصادر الطاقة المتجددة «فنحن نحقق تقدماً فى شراكات انتقال الطاقة العادلة، ولكن هناك حاجة إلى المزيد، لهذا السبب فى بداية COP27 أدعو إلى ميثاق تاريخى بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة تحت مسمى ميثاق التضامن المناخى، ميثاق تبذل فيه جميع البلدان جهداً إضافياً لتقليل الانبعاثات بما يتماشى مع هدف 1.5 درجة». المستسلمون سيخسرون وقال الأمين العام: «دعونا لا ننسى أن الحرب على الطبيعة هى بحد ذاتها انتهاك جسيم لحقوق الإنسان، فنحن بحاجة إلى كل الأيدى على سطح السفينة من أجل عمل مناخى أسرع وأكثر جرأة، وتظل نافذة الفرص مفتوحة، ولكن يبقى فقط عمود ضيق من الضوء، وسوف ننتصر فى معركة المناخ العالمية أو نخسرها فى هذا العقد الحاسم»، وأضاف أن هناك شيئاً واحداً مؤكداً: «أولئك الذين يستسلمون سيخسرون بالتأكيد، لذلك دعونا نقاتل معاً، ودعونا نفوز من أجل 8 مليارات فرد من عائلتنا البشرية وللأجيال القادمة». وأوضح أن العالم بحاجة ماسة إلى إحراز تقدم فى التكيف لبناء المرونة فى مواجهة الاضطرابات المناخية القادمة، فاليوم يعيش نحو 3 مليارات ونصف المليار شخص فى بلدان شديدة التأثر بتغيرات المناخ، لافتاً إلى وعد الدول المتقدمة فى قمة «جلاسكو» بمضاعفة دعم التكيف إلى 40 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2025 «فنحن بحاجة إلى خارطة طريق حول كيفية تسليم ذلك، ويجب أن ندرك أن هذه ليست سوى خطوة أولى، ويجب أن تنمو احتياجات التكيف إلى أكثر من 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030». أمريكا والصين تتحملان مسئولية توحيد الجهود وأوضح أن ميثاق التضامن المناخى يجب أن تقدم بموجبه البلدان الأكثر ثراءً والمؤسسات المالية الدولية المساعدة المالية والتقنية لمساعدة الاقتصادات الناشئة على تسريع تحولها إلى الطاقة المتجددة، ويكون ميثاقاً لإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفورى وبناء محطات الفحم والتخلص التدريجى من الفحم فى دول منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية بحلول عام 2030 وفى كل مكان آخر بحلول عام 2040، ويوفر طاقة مستدامة عالمية وبأسعار معقولة للجميع، وتتحد فيه الاقتصادات المتقدمة والناشئة حول استراتيجية مشتركة وتجميع القدرات والموارد لصالح البشرية. وأكد أمين عام الأممالمتحدة أنه يجب أن يتحمل أكبر اقتصادين؛ الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين، مسئولية خاصة لتوحيد الجهود لجعل هذا الميثاق حقيقة واقعة، لافتاً إلى أن هذا هو أملنا الوحيد فى تحقيق أهدافنا المناخية للإنسانية، فقد أصبح الخيار هو التعاون أو الموت، وإما أن يكون ميثاقاً للتضامن المناخى، أو ميثاقاً «للانتحار الجماعى».