سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مساكن «سوزان مبارك».. بوابة الأهالى ل«الضحك» على الحكومة سكان «الدويقة» يبيعون وحداتهم ويعودون للجبل للحصول على أخرى.. ومصدر: المشروع حصل على نصف مليار جنيه من الشيخ زايد دون فائدة
فى الثامنة صباحاً، تحركت صخرة يصل وزنها إلى أكثر من 300 طن، لتسحق عشرات المنازل والعشش المليئة بالرجال والنساء والأبناء، وتخلف وراءها مقبرة جماعية ضخمة، ودماراً شاملاً، على هذا الخبر استيقظت مصر فى 5 سبتمبر 2008، وهو ما عرف لاحقاً ب«كارثة الدويقة». وقبل ذلك التاريخ ب6 سنوات، بدأ مشروع «سوزان مبارك» لإنشاء وحدات سكنية للقضاء على العشوائيات، لكنه لم يتمكن من إنقاذ الأرواح التى أزهقت، بل زادت الظاهرة اتساعاً بسبب انعدام الرقابة على المشروع، وهو ما أكده عدد من الأهالى، وبعض المسئولين الحكوميين بمنشأة ناصر. قال مصدر مسئول ل«الوطن» إن مشروع سوزان مبارك، الذى يهدف للقضاء على العشوائيات لم يف بالغرض الذى أُطلق من أجله، نتيجة عدم إدارة الحكومة والمسئولين عمليات توزيع المستحقين للوحدات، ودخولها فى عمليات بيع وشراء، لتحقيق مكاسب تجارية. ويروى المصدر أن المشروع تم البدء فيه منذ 2002، وكان أول نتاجه إنشاء 67 «بلوك»، أقامتها شركة «أبو الوفا» للمقاولات، مشيراً إلى أن المشروع حظى باهتمام جهات كثيرة وتبرعات، خاصة من الشيخ زايد آل نهيان، الذى خصص للمشروع نصف مليار جنيه، وبنى مستشفى الشيخ زايد بمنطقة منشأة ناصر، لخدمة سكان تلك الوحدات، لكن مساكن المشروع سميت باسم «سوزان مبارك» لأنها هى من قامت بافتتاحه. وأكد أن الأزمة لن يتم حلها، ما دام هناك فساد إدارى فى حى منشية ناصر، فضلاً عن غياب الرقابة على الوحدات السكنية التى تم تسليمها. وقال مجدى عبدالبارى، رئيس اشتراكات فرع منشية ناصر بشركة مياه الشرب والكهرباء، إن العديد من طلبات توصيل المياه والإجراءات الخاصة بشركته تتم عن طريق عمل توكيلات، مؤكداً انتشار ظاهرة بيع الوحدات السكنية بمنطقة سوزان مبارك، مندداً بوقوع الوحدات السكنية فى يد غير المستحقين، وأوضح أن مشروع سوزان مبارك كان يستهدف ثلاث مناطق هى «الوحايد والاتنينات والتلاتات» لكن المشروع سكنه أهالى الاتنينات فقط فيما بقى أهالى الوحايد والتلاتات فى أماكنهم لعدم دفعهم رسوم الكهرباء أو المياه، مشيراً إلى عدم وجود صرف صحى. أما «الوحايد والتلاتات»، يوضح «عبدالبارى»، فهى غرف إيواء لأهالى ضحايا الكوارث الطبيعية، تم بناؤها فى 1984، وبمرور الوقت سكنها الكثير من الفقراء. على درجات سلم رخامى بأحد البلوكات الموجودة فى المرحلة الثالثة، تجلس فاطمة محمد ممسكة بسكين لتقطيع بعض الخضراوات وتجهيزها: «أنا جيت هنا بقالى سنتين، وكنت فى أرض الملعب، ولما وقعت صخرة هناك على بيت مكنتش فيه، مشونا من هناك، وبعد كدة جينا هنا»، ولم تنتقل «فاطمة» من منطقة أرض الملعب بالدويقة إلى المساكن مباشرة، إذ خصصت لها الدولة وحدة سكنية بمنطقة 6 أكتوبر، لم تعجبها، فقررت أن تختار مساكن سوزان مبارك كبديل عن المنطقة البعيدة: «إدونا شقة 43 متر فى آخر 6 أكتوبر، يعنى 15 جنيه رايح وزيهم وجاى، أنا خدت المفاتيح ورميتها فى وش رئيس الحى». السيدة الثلاثينية لم تقتنع بمساحة الوحدة الجديدة وبُعدها عن مسقط رأسها بقرابة 40 كيلومتراً، لذا أقدمت على بيع وحدتها بمبلغ 15 ألف جنيه لتأجير إحدى الوحدات بالبلوك 3 فى المرحلة الثالثة بمساحة 73 متراً: «بعتها للطلبة بتوع الجامعات، هما بيشتروا المساحات دى، وفيه مقاول هناك بيشتريها وهو يؤجرها للطلبة وللى عايز يؤجر»، وتشير إلى أن ما أقدمت عليه من بيع الوحدة لم يكن ظاهرة فردية، مبررة ذلك بأنها وقعت على وصل أمانة بمبلغ 10 آلاف جنيه لصاحب الغرفة التى كانت تستأجرها فى الدويقة، نظير حصولها على الوحدة السكنية بدلاً منه. وإلى جوار «فاطمة»، تجلس جارتها «غ. ب»، 35 عاماً، إحدى سكان منطقة «الاتنينات»، التى تقرر هدمها وإعادة بنائها فى 2005: كنت من سكان الاتنينات ومشونا من 9 سنين، وجينا هنا وخدنا الشقق بالإيجار، بس مش الكل بيدفع»، عقب انتقال مئات الأسر من «الاتنينات» إلى مساكن سوزان مبارك، التزم الأهالى بدفع قيمة إيجارية لبنك الإسكان والتعمير تبلغ 55 جنيهاً عن كل وحدة، لكن لم يلتزم الجميع بالدفع، بحسب «غ. ب»، مشيرة إلى بيع البعض وحداتهم السكنية خلال الفترة الأخيرة ب80 ألف جنيه للوحدة، قبل اللجوء للعشوائيات من جديد، فى انتظار فرصة أخرى للحصول على وحدة: «أنا بقول الحقيقة، فيه ناس بتعمل كدة، تبيع الشقق وترجع الجبل، علشان ياخدوا شقق تانى، الأول كانت بتتباع ب22 ألف، ودلوقتى وصل سعرها ل70 و80 ألف وأكتر». «أبو ريحان» لسمسرة العقارات.. تقول لافتة غطت جدران العديد من المساكن بالمنطقة الرابعة بمساكن سوزان مبارك، وهى المساكن التى لا يجوز بيعها بعد أن منحتها الدولة لعدد من المحتاجين للاستفادة منها، بحسب رفاعى فرغلى، أحد سكان المرحلة الرابعة: «بقى فيه تحايل على القانون، وشغل محامين، وبقت الشقق بتتباع بالتوكيلات». ويضيف الرجل الأربعينى: «البيت الأرضى بيتهد ويتعمل 3 محلات كل محل يتباع ب 90 ألف جنيه، وأهى الناس بتطلّع مصالح من ورا الحكومة، وترجع الجبل، علشان تاخد شقق تانى، لا الناس بتشبع، ولا الحكومة بتحل المشكلة»، ويطالب «فرغلى» بوضع قانون يمنع تداول الوحدات السكنية بالبيع أو الشراء، وأن يتم تمليك الشقق لمستحقيها مع وضع بند فى العقد يمنع الإيجار أو البيع.