يمتهنون "البحث عن المتاعب".. مستهدفون في كل لحظة خلال أداء عملهم من كل أطراف الصراع، لم يكتفوا بالمتابعة عن بعد داخل مؤسساتهم، ولكنهم يحرصون دائمًا على الزج بأرواحهم في قلب الأحداث.. يوثقون ويكشفون الخبايا.. يقفون على خط النار.. كما أن لديهم القدرة على اقتحام (عش الدبابير)". كانت البداية مع الصحفي المصري، يسري فودة، خلال عمله في قناة "الجزيرة" القطرية، حيث تمكن من إجراء لقاء مطول مع زعيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، في أبريل 2002، وكان الحوار الأول لقائد تنظيم القاعدة عقب هجمات 11 سبتمبر. ويرجع اختيار "فودة" لإجراء الحوار إلى العقول المدبَّرة لأحداث 11 سبتمبر، لأسباب لا يعلمها يسري فودة نفسه، وفقًا لما قاله في أحد اللقاءات التليفزيونية، مشيرًا إلى أنه ربما طبيعة البرنامج الذي كان يقدمه، كانت سببًا لاختياره، حيث كان يريد التنظيم أن يكشف كيف تم تنفيذ هجمات 11 سبتمبر والسبب الرئيس من ورائها. "ذاهب لا أعرف إلى أين، وما المصير الذي سألقاه، أشعر بأن هناك شيئًا كبيرًا سيحدث، حتى دخلت المنزل الآمن، حيث يتواجد بن لادن"، كواليس لقاء "فودة" مع "بن لادن"، كما أن هناك الكثير من الأسرار التي يحملها الإعلامي المصري حول "بن لادن" والقاعدة، قرر أن يجمعها مؤخرًا في كتاب يحمل اسم "في طريق الأذى.. من معاقل القاعدة إلى حواضن داعش". ومن بين الشخصيات الصحفية الأخرى التي أُتيحت لها الفرصة للقاء "بن لادن"، الكاتب الصحفي البريطاني روبرت فيسك، الذي التقى زعيم القاعدة حوالي 3 مرات في الفترة من 1994 إلى 1998، بالإضافة إلى جون ميلر، مساعد مدير إف بي آي وصحفي سابق، وسكوت ماكليود، مراسل مجلة التايم الأمريكية، وحامد مير، مدير مكتب قناة جيوافي إسلام أباد. "بن لادن".. تلك الشخصية المثيرة للجدل، وحديث العالم لفترات طويلة من الزمن، حتى بعد مماته، في عالم التنظيمات الإرهابية، إلى أن جاء الوقت الذي انتشر فيه تنظيم "داعش"، الذي ينتهج سياسة معادية تجاه الصحفيين والإعلاميين، حيث كانت البداية مع الصحفي الأمريكي "جيمس فولي" حينما نشر التنظيم مقطع فيديو يقومون خلاله بذبح الصحفي الأمريكي، إلى أن نشرت الصحف العالمية واقعة الصحفي الألماني الذي نجح في اختراق تنظيم "داعش". مغامرة صحفية وضع فيها حياته على كفه، ليدخل الصحفي الألماني يورجن تودنهوفر، إلى معاقل "داعش"، زار خلال الرحلة "الرقة" و"دير الزور" في سوريا، وأيضًا "الموصل" في العراق، حتى نجح في زيارة المسجد الذي قام فيه زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي، بإطلالته الوحيدة، كما عاين حياة الرعب التي يعيشها من تبقى في المدينة التي تم طرد 130 ألف مسيحي منها وفرَّ منها الشيعة. "يمتلكون قوة كبيرة تشبه تسونامي نووي".. بتلك الكلمات وصف "يورجن" قوة تنظيم "داعش"، مؤكدًا أنه ما زال مندهشًا وغير قادر على تصديق ما شاهده، حيث أجرى حوارات مع عناصر التنظيم، وسمحوا له بالتصوير، ارتدى زيهم ودخل بين ميليشياتهم، في خطوة هي الأولى في تاريخ التنظيم. نجح "يورجن" في الحصول على تصريح صحفي يحمل ختم "الخليفة البغدادي" للقيام بعمله الإعلامي، يحمل اسم "كتاب أمان"، قضى بواسطته 10 أيام داخل معقل الإرهاب، حتى تمكن من محاورة أعضاء التنظيم وتوضيح وجهة نظرهم فيما يطلقون عليه "الجهاد في سبيل الله". أن تغطي مؤتمرات صحفية، وتكشف قضايا فساد، وتوثِّق بالفيديو والصور النزاعات والصراعات، هو أمر ليس سهلاً، ولكن حينما يتعلَّق الأمر بمحاورة قادة الإرهاب في العالم، فالقرار يحتاج مليون لحظة من التفكير، وكمًا كبيرًا من الشجاعة.