مصير قادة إسرائيل الذي تلقوا الهزيمة في حرب أكتوبر عام 1973، من الأمور التي يغفلها كثيرون بعد الحرب التي مثلت ملحمة مصرية عربية في لحظات فارقة من تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي، سواء القادة السياسيين أو العسكريين، وهو ما رصده مارك ريجيف مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيمين نتنياهو في مقال بصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية. وأوضح في مقاله أنه بعد الحرب ومع بدء وقف إطلاق النار شهدت إسرائيل اندلاع موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات على طريقة تعامل الحكومة التي كانت تقودها جولدا مائير مع الحرب، وأدى ذلك إلى إنشاء لجنة أجرانات التي كلفت بإجراء تحقيق وطني مستقل للوقوف على أسباب إخفاقات الجيش الإسرائيلي في الفترة التي سبقت الحرب وخلالها. اقرأ أيضا: مستشار نتنياهو يعترف: السادات داهية وشن حربا لاستعادة الكبرياء العربي مصير رئيس الأركان ورئيس المخابرات العسكرية أصدرت اللجنة تقريرها المؤقت في أبريل 1974 ودعت إلى إقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك اللفتنانت جنرال ديفيد إليعازر، إذ حملته اللجنة المسؤولية الشخصية لفشله في رؤية اقتراب الحرب وعدم استعداد الجيش الإسرائيلي لها، وتوفي إليعازر المهزوم بنوبة قلبية بعد عامين من صدور التقرير. بالإضافة إلى ذلك، تم إجبار رئيس المخابرات العسكرية الجنرال إيلي زعيرا على الاستقالة وترك منصبه، إذ قالت لجنة أجرانات إن رئيس المخابرات العسكرية كان مهملاً في أداء واجبه، وأن تقييم زعيرا الخاطئ بأن وقوع هجوم عربي احتمال ضعيف ترك إسرائيل في حالة عدم استعداد بشأن الهجوم المصري السوري القادم. فصل قائد القيادة الجنوبية مع مصر وخروجه لمنفى إجباري كما تم فصل رئيس القيادة الجنوبية الجنرال شموئيل جونين أي قائد الجبهة المصرية، لفشله في أداء واجباته، وذهب «جونين» إلى منفى اختياري في جمهورية إفريقيا الوسطى، ولم يعد إلى إسرائيل إلا بشكل متقطع حتى وفاته في عام 1991. وأضاف تقرير لجنة أجرانات أن عدم مساءلة القيادة السياسية يعطي طاقة جديدة للتظاهرات المطالبة باستقالة رئيسة الوزراء جولدا مئير ووزير الدفاع موشيه ديان، وكلاهما ترك منصبيهما في يونيو 1974. جولدا مائير تترك السياسة والحرب تعيد إسحاق رابين لرئاسة الوزراء ولم تعد جولدا مائير البالغة من العمر 76 عامًا، وهي واحدة من أوائل القائدات في العالم، إلى السياسة النشطة مرة أخرى، لكن «ديان» فعل ذلك في عام 1977، حيث شغل منصب وزير الخارجية في حكومة الليكود برئاسة مناحيم بيجن. كما دفعت حرب أكتوبر بإسحاق رابين عن غير قصد إلى رئاسة الوزراء، والذي كان رئيسا لجيش إسرائيل خلال حرب الأيام الستة أي حرب 1976، بعد أن كان سفيرا لإسرائيل في واشنطن. ولم يكن رابين جزء من القيادة الملوثة بأخطاء عام 1973، وقد اختاره حزب العمل ليحل محل مائير، وفي نوفمبر 1995، خلال فترة ولايته الثانية كرئيس للوزراء قُتل رابين على يد إرهابي يهودي. بزوغ نجم شمعون بيريز وتوليه منصب وزير الدفاع وتعزيز مكانة شارون علاوة على ذلك، أدت استقالة ديان إلى ترقية شمعون بيريز إلى منصب وزير الدفاع، وسيبقى بيريز لاعبا رئيسيا على الساحة السياسية الإسرائيلية، بما في ذلك شغله منصب رئيس الوزراء مرتين، حتى أصبح رئيسا لاحقا وانتهاء ولايته الرئاسية عام 2014. كما عززت الحرب مكانة أرييل شارون الذي سينتخب رئيساً للوزراء في عام 2001. الحرب كانت بداية النهاية لهيمنة حزب العمل ومن الناحية السياسية، كانت الحرب بداية النهاية لهيمنة حزب العمل، إذ قاد حزب العمل إسرائيل باستمرار منذ الإعلان عن الدولة عام 1948. في المقابل، بعد الحرب مباشرة، شهدت انتخابات ديسمبر 1973 تقليص مقاعد حزب العمل إلى 51 عضوًا في الكنيست بعد أن كانت 65، وبحلول عام 1977، كان الليكود منتصرًا ب 43 مقعدًا مقابل 32 لحزب العمل. ويقول مارك ريجيف إن الحرب ولدت أيضا توجها ديمقراطيا أكثر انتقادا من قبل الجمهور الإسرائيلي تجاه القادة السياسيين والمؤسسات.