انتهت الجمعية التأسيسية من مشروع الدستور فى صياغته الأولية ووضعته على موقعها الإلكترونى. وبغض النظر عن موقفى الرافض للجمعية التأسيسية، وبمعزل عن تنازع القوى السياسية بشأن مصير التأسيسية، والإمكانية التى ما زالت قائمة (حتى لحظة كتابة هذه الأسطر) لحل التأسيسية من قبل القضاء الإدارى، لا أملك كمواطن مصرى ولا نملك كمجتمع ترف تجاهل مشروع الدستور الذى أعدته التأسيسية، بل أن واجبنا، وكما سجلت مراراً كتابةً وقولاً، هو إخضاعه لحوار مجتمعى موضوعى يبين ما به من أوجه قوة وأوجه قصور، ويسهم من ثم فى توعية المصريات والمصريين ويهيئهم للتناول الدقيق للقضايا الأساسية التى يتضمنها مشروع الدستور. سجلت أيضاً كتابة وقولاً أن اشتباكى مع مشروع الدستور يستند إلى هدف واضح ومعيار تقييم صريح، وهما حق مصر فى دستور يضمن الحقوق والحريات والمساواة الكاملة دون تمييز والعدالة الاجتماعية فى إطار احترام الملكية الخاصة وسيادة القانون، وتداول السلطة والتوازن بين السلطات العامة الثلاثة كمرتكزات للدولة المدنية الديمقراطية وللمجتمع العصرى. وقناعتى الراسخة هنا أن جميع هذه المرتكزات لا تتعارض على الإطلاق مع تمسك مجتمعنا بهويته وقيمه الدينية، وتنسجم مع خبرتنا التاريخية بتنوعها الحضارى والثقافى والفكرى. هدفى هو دستور ينفض عنا تراث الاستبداد الذى تراكم عبر العقود الماضية، ويضعنا عالمياً فى مصاف الدول الديمقراطية التى تحترم المواثيق والعهود الدولية المنظمة لحقوق الإنسان من حظر التعذيب إلى مناهضة التمييز ضد المرأة. فى هذا السياق، إذن، سأناقش فى هذه الزاوية وبصورة يومية تبدأ بالغد أبواب مشروع الدستور والمواد المختلفة؛ ساعياً لشرحها بموضوعية وتبيان ما بها من إيجابيات وسلبيات استناداً لهدف الدولة المدنية الديمقراطية والمجتمع العصرى. وأذكر مجدداً بأننى لن أجافى الحق (كما أفهمه) وسأشير للجيد وللمتقدم وللمتوازن من بين مواد الدستور، ولن يدفعنى موقفى السياسى الرافض للجمعية التأسيسية لتغييب موضوعية التناول. وقبل أن أشرع من الغد فى تناول أبواب ومواد مشروع الدستور، أشير إلى كون المشروع يندرج فى خمسة أبواب (أو أقسام) هى: الدولة والمجتمع، الحقوق والحريات والواجبات العامة، السلطات العامة، الأجهزة الرقابية والمستقلة، أحكام ختامية وانتقالية. ويبلغ عدد المواد الدستورية 224 مادة تبدأ بمادة (1) التى تقرر أن جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة، وتنتهى بمادة 224 التى تنص على أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور يبقى صحيحاً ونافداً بما لا يخالف أو يتعارض مع أحكام الدستور. أخيراً، أدعو كل مصرية وكل مصرى لمطالعة مشروع الدستور على الموقع الإلكترونى للجمعية التأسيسية وهو (www.dostour.eg/sharek/pdf/topics). إلى الغد وباب الدولة والمجتمع.