كشف تقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكى أن مصر كانت وجهة رئيسة للولايات المتحدة لنقل السجناء لاستجوابهم فى سجونها، وأن الاستخبارات الأمريكية تعاونت لسنوات مع نظام مبارك باستخدام أساليب تعذيب قاسية، كما جاء فى التقرير أن الولاياتالمتحدة بدأت فى إرسال الأشخاص المشتبه فى ضلوعهم فى الإرهاب إلى مصر منذ عام 1995 فى عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون. ذلك ما أكده التقرير وتداولته وسائل الإعلام، حيث كانت مصر «المخلوع» تُعد نموذجاً مبهراً لتوافر أفراد ومؤسسات وأدوات قمع قادرة على تليين الأدمغة الناشفة للإرهابيين الذين يرفضون الاعتراف. نعم، هناك دول عربية أخرى شاركت «الأمريكان» فى ذلك، لكنهم فى النهاية كانوا ظلاً لشمس مصر الكبرى، صاحبة الريادة والقيادة! المسألة تعود إلى العام 1995 كما أكد التقرير، أى أنها سبقت أحداث 11 سبتمبر 2001 بست سنوات. أمر طبيعى بلا شك، فجذور الإرهاب قديمة، لكن أرجو ألا يفهم البعض أن تصدير الإرهابيين إلى «مهد الصناعة» فى مصر كى يتم تعذيبهم واستجوابهم لا يعود إلى رقة المشاعر الأمريكية أو الافتقار إلى الأدوات، ربما كان منشؤه الخوف من المساءلة فيما بعد، أو الرغبة فى «التسريع» بعملية الاعتراف. ف«سلومة الأقرع» المصرى «مايعرفش أبوه»، إنه لا يعرف شيئاً أصلاً، كل قدراته الاحترافية مبنية على تلك المعادلة السحرية: «مايعرفش». فالجاهلون هم الذين يعذبون، ومن يعرف لا يعذب! السؤال الذى يجب طرحه الآن: هل تستطيع أن تشرح لى الفرق بين أوباما ومبارك وأبوبكر البغدادى خليفة «داعش»؟ وما الفرق بين زبانية أوباما ومبارك وغيرهم من رؤساء وأمراء الدول العربية التى فعلت ذلك وزبانية «داعش» الذين يذبحون البشر بدم بارد؟ أنا شخصياً لا أجد فرقاً بين الطرفين، فثمة قاسم مشترك أعظم بينهما يتمثل فى الجهل، الجهل الذى يدفع إلى الاستخفاف بالإنسان، إن مثل هؤلاء جميعاً كمثل «أحمد سبع الليل» الذى قدم «عاطف الطيب» نموذجه بعبقرية فى فيلم «البرىء»، لا بل إن «سبع الليل» الطيب كان أكثر شرفاً منهم، إذ لم يزعم مثلهم أنه ينطق بالحقيقة أو يقيم العدل، كما يفعل دواعش «البغدادى» والدواعش «المصر أمريكية»، كان يعترف بأنه جاهل، وعندما فهم امتلك شجاعة أن يوجه ساعده إلى الدواعش الحقيقيين. إن الإنسان ليشعر بالتأفف وهو يشاهد زعماء العالم وهم يهاجمون داعش ووحشية داعش وافتقار أعضائها إلى أبسط القيم الإنسانية، فى حين أنهم «داعشيون» أصلاء، بل إنهم أصحاب براءة الاختراع، فعلى أيديهم تعلم الجهلاء وضعاف الإنسانية أن يحملوا السلاح وكل أدوات القتل وإهدار كرامة الإنسان ليعيثوا فى أرض الله فساداً وإراقة للدماء. «الداعشية» ليست «دقن» و«عمامة» و«جلابية سودة» و«سكين» فى اليد، «الداعشية» فكرة وحالة ورؤية قديمة متجددة يتشارك فيها كثيرون لا يبدون فى سمت «البغدادى»، لكنهم يفكرون كما يفكر، ويؤدون كما يؤدى. وإذا كان ل«الدواعش» التقليديين خليفة هو «البغدادى»، ف«الدواعش» الأصلاء لهم خليفة هم الآخرون هو «مولانا أوباما»، وواليه على مصر اسمه «مبارك»!