لا يتوقف الحديث عن المخدرات فى مصر، مع ارتفاع معدلات انتشارها وتعاطيها، فى أعقاب موجة الانفلات الأمنى، ثورة 25 يناير، قبل 4 سنوات، فخلال تلك الفترة، أُغرقت البلاد بمختلف أنواع المخدرات، وارتفعت بالتبعية معدلات التعاطى، لكن فى المقابل تقف الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، كحائط صد لمنع دخول تلك السموم إلى البلاد، سواءً عن طريق البر أو البحر أو حتى الجو. «الوطن» التقت اللواء أحمد الخولى، مساعد وزير الداخلية، مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، على هامش المؤتمر السنوى الثانى والعشرين لمكافحة المخدرات. «الخولى»، قال فى حواره، إن المخدرات تمثل أزمة قومية بكل المقاييس، وتنعكس آثارها على كل مناحى الحياة فى البلاد، مؤكداً أنه يجرى حالياً دراسة تعميم تدريس آثار المخدرات ومخاطرها لطلاب المدارس، من خلال توزيع كتيبات عنها مع الكتب الدراسية. ■ فى البداية، ماذا عن كواليس إحباط محاولة تهريب 15 طناً من الحشيش المغربى إلى داخل البلاد؟ - هذه العملية تم إحباطها قبل أيام، من خلال تعاون وتنسيق دولى بين مصر وكل من إيطالياوفرنسا وإسبانيا، وكانت بداية الخيط فى سبتمبر الماضى، عندما تلقينا معلومة عن أن أحد المتهمين فى قضايا هجرة غير شرعية، ويدعى عمر عبيد، ينوى إدخال شحنة ضخمة من الحشيش للبلاد، وبفحص سجل المتهم تبين أنه متخصص فى عمليات الهجرة غير الشرعية، ويقيم فى قرية برج مغيزل بمطوبس، فى محافظة كفر الشيخ، وسبق اتهامه من قبل فى تهريب 15 طناً من الحشيش. ■ وكيف كانت ملاحقته؟ - المعلومات والتحريات أكدت أن المتهم يجهز مركباً كبيراً ومجموعة من البحارة لجلب هذه الكمية من المغرب، فتم إبلاغ ضابط الاتصال المصرى، التابع للإدارة والمقيم فى فرنسا للتنسيق مع الدول المجاورة، ثم تأكدنا بعد ذلك أن المتهمين مصريون وليبيون، وجهزوا بالفعل مركباً اسمها «ريناد» وأبحروا بها من ميناء رشيد فى البحيرة أوائل شهر نوفمبر الماضى قاصدين السواحل المغربية لاستلام شحنة الحشيش والعودة بها وإنزالها فى المياه الدولية لليبيا وتسليمها إلى مراكب أصغر لإدخالها البلاد على دفعات، وفى حالة فشل تلك الخطة يجرى إنزالها إلى السواحل الليبية، وإدخالها مصر عبر الحدود البرية الغربية. ■ وماذا حدث بعدها؟ - راقبنا أفراد التشكيل حتى وصلوا إلى المغرب، وتسلمهم الشحنة هناك وشحنها على المركب، وبعد الإبحار بدأت ملاحقة المركب، وضبط 15 طناً من الحشيش مع أحمد رمضان محمد، وشهرته عمرو عبيد، وباسم عبده حسن، وبلال مصطفى يوسف، ونجاح الإبيارى، ومحمود محمد محروس، وأحمد جمعة على، ومحمود أحمد الديب، وسيد محمد محمد، ومحمود محمد أحمد. ■ وأين المتهمون الآن؟ - المتهمون تم نقلهم إلى إيطاليا وستجرى محاكمتهم هناك. ■ وكم تبلغ قيمة تلك الشحنة؟ - قيمة الشحنة بالعملة المصرية لا يقل عن 600 مليون جنيه، وللعلم ارتفع سعر الحشيش فى الفترة الماضية إلى الضعف تقريباً، وذلك بسبب الضربات الأمنية المتلاحقة. ■ وما منافذ إدخال المواد المخدرة، وكيفية التهريب؟ - الخط الرئيسى للتهريب هو الحدود الغربية البرية، مع ليبيا، ومن تشاد والنيجر، وتكون الشحنة محملة على سيارات الدفع الرباعى، وليست هناك طرق مستحدثة فى التهريب، لكن التجار يحاولون إيجاد ثغرات ومنافذ جديدة ويلجأون للطرق الوعرة حتى يصعب ضبطهم، إلا أن هناك رقابة ورصداً قوياً لهم، بالتعاون مع قوات حرس الحدود والقوات المسلحة فى تبادل المعلومات والاشتراك فى عمليات الضبط، كما توجد عمليات استطلاع جوى مستمرة على الحدود الغربية، فضلاً عن التعاون مع القوات البحرية، ما أدى لضبط كميات كبيرة من المخدرات. ■ وماذا عن خطة الإدارة للقضاء على تجارة المخدرات؟ - جهود رجال المكافحة نجحت فى التقليل من المخدرات داخل الأسواق بصورة كبيرة، حتى وصل سعر كيلو الحشيش إلى 40 ألف جنيه، بعد أن كان ب20 ألفاً العام الماضى، ما يؤكد أن الحشيش «شاحح» فى السوق، نتيجة جهود رجال المكافحة، وإحباط الكثير من عمليات التهريب. ■ ماذا عن المؤتمر السنوى للمكافحة وتوصياته؟ - اتفقنا على عدة نقاط مهمة، سيكون لها تأثير كبير فى السيطرة على تلك التجارة، منها تفعيل حجم التعاون والتنسيق مع الدول المجاورة بعقد اتفاقيات ثنائية، ووضع آلية لتنفيذها، من خلال الاتصال المباشر، وتبادل الزيارات والمعلومات فى مجال المكافحة الدولية، وتفعيل دور اللجان الأمنية المشكلة على المنافذ الشرعية للبلاد من وزارات الداخلية ممثلة فى إدارات مكافحة المخدرات وأمن الموانئ والأمن الوطنى والأمن العام، ووزارة المالية ممثلة فى مصلحة الجمارك، ووزارة النقل، بهدف فرض رقابة محكمة على المنافذ، فضلاً عن التنسيق مع القوات المسلحة، لتنفيذ حملات إبادة الزراعات المخدرة، بجانب الحملات السنوية المتفق عليها مسبقاً، والتنسيق مع مديريات الأمن على مستوى الجمهورية وقطاع مصلحة الأمن العام لعمل دراسات أمنية متكاملة للبؤر الإجرامية فى المحافظات لتصفيتها، وضبط القائمين عليها بالاشتراك مع إدارات وأقسام المكافحة، كما تم الاتفاق على تفعيل دور الشرطة الجوية فى مجال مكافحة المخدرات والاستعانة بها فى رصد طريق التهريب، ولتنفيذ عمليات استطلاع لأماكن الزراعات المخدرة. ■ هل يشمل عمل الإدارة تسجيل المكالمات والتنصت على تجار المخدرات؟ - يحدث هذا إذا اقتضى الأمر فقط، ويجرى وفقاً للقانون بعرض المحضر على النيابة، ثم على رئيس المحكمة المختص فالقاضى المختص، ليصدر إذناً بتسجيل المكالمات لمدة معينة، ويرسل إلى النيابة التى تنتدب الضابط ليقوم بتسجيل المكالمة وفقاً لضوابط معينة، ولا بد أن يعلم الجميع أن قضية المخدرات قضية إجراءات، فلا بد من اتباع إجراءات قانونية صحيحة مائة فى المائة، حتى لا تكون هناك ثغرة يستطيع المتهم استغلالها للحصول على البراءة. ■ ما هو مخدر الفودو؟ - الفودو هو خليط من البانجو، تجرى معاملته بمواد كيميائية معينة، لإنتاج مخدر له مفعول مماثل للحشيش وأقوى منه عدة مرات، وتم إدراج مخدر الحشيش الصناعى أو «الفودو»، لجداول المخدرات المحظورة بعد أن كان يباع منذ فترة قصيرة على الأرصفة، وكان رجال الإدارة العامة رصدوا انتشار وتداول كميات من هذا النوع بين أوساط الشباب، فتم تشكيل لجنة ثلاثية على الفور من وزارات الداخلية والعدل والصحة لمعرفة ودراسة خطورة هذا المخدر الجديد، خلصت إلى أن «الفودو» له تأثير يفوق تأثير نبات الحشيش وتم إدراجه على جداول المخدرات المحظورة التى تسبب الإدمان. ■ وماذا عن المخدرات الرقمية؟ - ليس هناك شىء اسمه مخدرات رقمية، الأمر «نصب»، كل ما هناك أن الموضوع عبارة عن نوع معين من الموسيقى أو المؤثرات الصوتية يجرى سماعها بنوع محدد من السماعات فتؤثر على الجهاز العصبى المركزى، ولا تحدث تخديراً بل نوع من الهيستيريا التى تنتهى بإصابة المستمع بنزيف فى المخ أحياناً، وفى النهاية لا يوجد قانون لدينا يجرمها، ولم تُحدد بعد كنوع من المخدرات. ■ ما حصيلة جهود الإدارة فى الفترة الأخيرة؟ - نجحنا خلال الفترة الماضية، فى توجيه ضربات أمنية قوية لبؤر جلب المخدرات والاتجار فيها، فقد تمكنت الإدارة فى الفترة من 1 يناير 2014 حتى 30 نوفمبر الماضى، من ضبط نحو 42688 متهماً فى قضايا مخدرات، وبلغت الكمية المضبوطة من مخدر البانجو 344 طناً، ومن الحشيش 39 طناً، ومن الهيروين 580 كيلوجراماً، والكوكايين 527 كيلوجراماً، والأفيون 80 كيلوجراماً، والماكستون فورت 1218 سنتيمتراً، والقات 4 كيلوجرامات، فضلاً عن 775 فداناً من نبات القنب. ■ متى تنجح الإدارة فى القضاء على تجارة المخدرات؟ - حتى يكون كلامنا حقيقياً وصريحاً، فإننى أقول إن جريمة الاتجار فى المواد المخدرة تختلف عن أى جريمة أخرى، فلا توجد دولة فى العالم تمكنت من القضاء نهائياً على تجارة المخدرات، حتى أمريكا نفسها، وكل ما نستطيع عمله هو الحد منها بجميع الوسائل وبكل الإمكانيات.