مثل مدينتها الصامدة مقبرة المعتدين التى وقفت أمام أطماعهم وعلى أعتابها كتبت نهايتهم وسطّر التاريخ أروع البطولات والأمجاد، جاءت ابنة الإسماعلية رانيا علاء المرشدى لتكمل ما بدأه أجدادها وترفع راية التحدى وعلم وطنها عالياً فى سماء العالم. رانيا، صاحبة الأربعة والثلاثين عاماً، هى بطلة منتخب مصر لذوى الاحتياجات الخاصة فى رفع الأثقال فوق 86، تعانى رانيا إعاقة حركية نتيجة إصابتها بمرض شلل الأطفال، تولت جدتها رعايتها منذ الصغر لانشغال والديها، إلى أن تخرجت من كلية العلوم السياسية جامعة قناة السويس والتحقت بالعمل فى الشركة المصرية للاتصالات، واستكملت مشوارها التعليمى، حيث حصلت على درجة الماجستير فى العلوم السياسية. رانيا هى أم لثلاثة أطفال هم: «ياسين»، 12 عاماً، تلميذ بالصف الخامس الابتدائى، و«محمد»، 3 سنوات، و«أحمد»، سنة و3 شهور، وجدت فى الرياضة تحدياً للنفس ومحاولة لتغيير نظرة المجتمع لذوى الاحتياجات الخاصة، بدأت بمصارعة الذراعين وحصلت على المركز الأول عالمياً فيها. تقول رانيا: «بعد أن حصلت على المركز الأول على مستوى العالم فى مصارعة الذراعين اتجهت لرفع الأثقال، وانضممت لمنتخب مصر. ورغم مشقة التدريبات فقد كان حلم المشاركة الدولية والرغبة فى رفع علم مصر وإسعاد أطفالى وجعلهم يفتخرون بأمهم البطلة وليست المعاقة يزيد من عزيمتى، وبالفعل حصلت على المركز الأول فى البطولة العربية لرفع الأثقال عام 2007 ثم المركز الأول فى بطولة مصر الدولية المفتوحة التى أقيمت فى الإسماعلية، فضلاً عن المركز الرابع فى أولمبياد بكين للمعاقين عام 2008». وجودها المستمر فى معسكرات مغلقة استعداداً لبطولة البرازيل 2016، يجعلها أمام إصرار على ألا يذهب الوقت الذى تمضيه بعيداً عن أطفالها بدون فائدة، فوجودها داخل معسكرها التدريبى بصحبة المنتخب يشكل دعماً معنوياً لكل زملائها.. ضحكاتها تملأ أرجاء المكان، تنثر البهجة على وجوه الجميع، فهى تدرك جيداً أن أكتر ما يؤلم أقرانها من ذوى الاحتياجات الخاصة هو نظرة المحيطين لهم على أنهم معاقين مهما حملوا على صدورهم من أوسمة، فتقول رانيا: «أكتر حاجة بتؤلم هى نظرة المجتمع لينا مهما نعمل فإحنا من وجهة نظرهم معاقين مهما ناخد شهادات وبطولات، إلا من هو متحضر وفاهم، ودول قليل لما بنقابلهم». مشاركة رانيا الدولية واحتكاكها بأبطال عالميين فى نفس ظروفها جعلاها ترى الظلم الذى يتعرض له ذوو الاحتياجات الخاصة فى مصر، مؤكدة أنهم «لم يحصلوا على حقوقهم بشكل كامل، حيث لا أماكن خاصة بهم فى الشوارع وكذا وسائل الموصلات العامة مثلما هو الحال فى الدول الدول الأخرى، كما أنهم يعانون من ثقافة المجتمع الذى ينظر لهم على أنهم أناس مختلفون وكأنهم جاءوا من كوكب آخر، بشوف المعاق فى مصر مش واخد حقه ومفيش حد بيعمل له حاجة، ولو ماكانش عنده إرادة وساعد نفسه بيموت من القهر والظلم فى كل دقيقة». الجدة فى حياة رانيا هى عماد أسرتها الصغيرة، حيث تتولى رعاية أطفالها الصغار طوال فترة وجودها فى التدريبات والمعسكرات، كما يعاونها زوجها، الذى يعمل مدرساً، فى تدبير شئون صغارها ويشجعها على استكمال دراستها وإليه تُرجع رانيا تميزها قائلة: «زوجى رجل عظيم وبيساعدنى طول الوقت ويشجعنى، وبشوف الفرحة فى عينه مع كل بطولة بأحققها كأنه هو اللى حصل عليها رغم إنى عارفة أوقات بقصّر فى حقه وحق أولادى، لكن بحاول قدر الإمكان أسعدهم وأنا موجودة معاهم، وخارج المعسكر بعد ما أخلص شغلى والتمرين بقضى وقتى فى البيت أذاكر لياسين لأنه فى مدارس لغات ومحتاج متابعة خاصة وأروح معاه الدروس». الوصول إلى أولمبياد البرازيل 2016 هو حلم رانيا الذى تنوى إنهاء تاريخها الرياضى به لتتفرغ بعدها لرعاية أولادها مؤكدة: «ناوية أعتزل بعد بطولة البرازيل وأتفرغ تماماً لرعاية أولادى، ودى هتكون هديتى لمصر ولأولادى وزوجى وكلمة الشكر لجدتى عن كل تعبها معايا ومع أولادى فترة غيابى». رسالة دائماً ما تحملها البطلة رانيا المرشدى لذوى الاحتياجات الخاصة: «ماتستسلمش للإعاقة».