سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الأزهر» يقود ممثلى المؤسسات الدينية ب120 دولة للحرب على الإرهاب «الطيب»: جرائم الإرهاب محاولة لتصدير صورة كريهة للإسلام.. و«تواضروس»: كنائسنا نقدمها قرباناً لبلادنا
بمشاركة ممثلى الطوائف السنية والشيعية والمسيحية من 120 دولة، أجمع 700 من كبار العلماء الممثلين لمختلف المؤسسات الدينية فى تلك الدول بملتقى «الأزهر لمكافحة الإرهاب» على ضرورة إصدار وثيقة رسمية تلزم كافة المؤسسات الدينية بالتصدى للتيارات الإرهابية، التى انتشرت فى الشرق الأوسط مؤخراً مثل تنظيمات «القاعدة، وداعش، وأنصار بيت المقدس»، لافتين فى الوقت ذاته إلى أن الإسلام برىء من تصرفات تلك التنظيمات، ومعلنين رفضهم لإطلاق «دعوات الجهاد» من قبل تلك التيارات الإرهابية بعيداً عن راية الدول والمؤسسات. وقال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن «الجرائم البربرية النكراء» التى ترتكبها التنظيمات الإرهابية مع تسميتها لنفسها بأسماء «الدولة الإسلامية»، أو «دولة الخلافة الإسلامية»، أو «الدفاع عن المذهب»، هى محاولة لتصدير صورة ل«إسلامهم المغشوش» بحسبانه ديناً جاء للناس بالذبح وقطع رأس كلّ من يخالفه أو تهجيره من دياره. وأضاف أن: «تصدير مثل هذه الصورة الكريهة لديننا الحنيف أمر طالما تمناه أعداء الإسلام وانتظروه، بل طالما دندنوا حوله ونسجوا من أجله أفانين من الأباطيل والمفتريات والأكاذيب، ولعلَّهم اليوم يواجهوننا بهذه الصورة الشّوهاء، ويبهتوننا بها عبر الشاشات الفضائية ليتم لهم ما يريدونه من تحذير شعوب العالم من هذا الدين الدموى المتوحش». وأشار «الطيب» إلى أن السبب فيما نعانيه من إرهاب حالياً ما هو إلا مؤامرات الأعداء على الشرق العربى، لصالح دولة إسرائيل ومصالحها، وبقائها الدولة الأقوى والأغنى فى المنطقة، مشيراً إلى «غزو العراق لأسباب واهية كشفها العالم وتسريح جنوده ونهب ثرواته، وما يحدث مع سوريا واليمن وليبيا»، مضيفاً: «تلعب المؤامرة على الوتر نفسه، وهو التوتر المذهبى والعرقى والطائفى مع إمداد المتوترين بالسلاح لتندلع الحرائق، ويحصد الموت أرواح الآلاف من شباب هذه الأمة.. والله وحده الذى يعلم متى تصمت آلة الحرب فى هذه الدول المنكوبة، ومتى يقدر لهذه البلاد أن يكون قرارها من رأسها لا بضغوط ولا تدخلات إقليمية أو دولية». وأوضح أن أصحاب هذه الخطط يجنون ثماراً هائلة من وراء اقتتال العرب والمسلمين فيما بينهم، فهذا الاقتتال الدائم يبقى العرب والمسلمين فى حالة هزال وضعف ويأس مستمر، ولا يسمح لهم بأى شكل من أشكال القوة والتطور والتقدم، ثم هو حرب بالوكالة لا يخسر الموقدون للحروب فيها خسائر تذكر، سواء فى الأرواح أو العتاد، ثم إن هذا الاقتتال (العربى - العربى) يفتح أسواقاً كبرى لمصانع السلاح وتجار الحروب وسماسرة الموت والخراب.. ويكفى دليلاً على ذلك أن المسرح السورى، بات على مدى سنوات ساحة مفتوحة لحرب يصطرع فيها السلاح من الغرب ومن الشرق على حد سواء. ودعا شيخ الأزهر مصانع الأسلحة لأن تبحث لها عن صحراء أو بيداء لتجرب فيها أسلحتها وتختبر قوتها وطاقتها بدلاً من صدور العرب وديارهم ومنشآتهم، لافتاً إلى أن نظرية المؤامرة ليست هى كل ما هنالك، فهناك سبب أعمق يذهب بعيداً فى طى تاريخنا العربى والإسلامى، ويكاد يكون منهجاً ثابتاً فى علاقاتنا الداخلية، ذلكم هو منهج الفرقة والتنازع والاختلاف. وتابع: «أمتنا رغم ما خصنا الله به من بين سائر الأمم بمقومات الوحدة والاتحاد، من لغة وجنس وعرق ودين وتاريخ وجغرافيا أيضاً، وبرغم جامعتنا العربية ومنظمة التعاون الإسلامى، وقد مضى على إنشائهما أكثر من نصف قرنٍ، فلا نزال نفتقر إلى اتحاد يشبه الاتحاد الأوروبى، وهو أمر ممكن، وليس من عداد المستحيلات، ولا يحتاج إلا إلى صدق النوايا والنظرة البعيدة واستبعاد الخلافات البينية، والعرب لا شك مؤهلون، بل قادرون على صنع هذا الاتحاد إن أرادوا، مختتماً: «بهذه المناسبة فإن الأزهر الشريف يقدر حق التقدير جهود خادم الحرمين الشريفين فى سعيه الدؤوب لجمع الشمل العربى فى مواجهة التحديات والأخطار التى تحدق بالأمة». من جانبه، قال البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إن ثورات الربيع العربى لم تكن ربيعاً، موضحاً فى الوقت ذاته أن ثورتى 25 يناير و30 يونيو جاءتا لتعيدا الأمور إلى نصابها، مشدداً على وجود علاقات طيبة بين الأزهر والكنيسة، حيث يشتركان فى بيت العائلة والجميع يعمل بروح واحدة وفكر واحد لحماية أوطاننا وخدمة أبنائه. واستطرد: «كنائسنا نقدمها قرباناً لبلادنا، لأن وطناً بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»، داعياً إلى تجديد الخطاب سواء الإعلامى أو فى المساجد والكنائس وتعديل المناهج الدراسية وعقد ندوات مستمرة، لترسيخ قيم العيش المشترك، وأن يشارك كل رجال الفن والثقافة ليظهروا حلاوة الأديان. فيما أشاد عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية السابق، بجهود الأزهر فى محاربة التطرف، مشيراً فى كلمته بالملتقى إلى أن هناك مخططات تحاك ضد دول المنطقة، وعلى العالم العربى توحيد الصف والجهود من أجل تفتيت تلك المؤامرات والتصدى لها. من جانبه، اقترح الشيخ على الأمين، من كبار علماء الشيعة بلبنان على الحكومات العربية إنشاء المعاهد الدينية المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، يجلس على مقاعد الدراسة فيها طلاب العلوم الدينية من المشايخ والقساوسة يدرسون معاً وجنباً إلى جنب الأديان السماوية ويتخرجون بعد ذلك فى المدرسة الواحدة، مبشرين فى مجتمعاتهم وشعوبهم برسالة التسامح التى جاء بها الرسل والأنبياء، فإن هذا مع كل تلك الأمور التى ذكرناها تساهم مساهمة فعالة فى نشر ثقافة الاعتدال والعيش المشترك القائم على المحبة والتسامح والاحترام المتبادل. وقال الداعية الدكتور عمرو خالد إن المؤتمر بذرة للتصدى للتطرف وتصحيح المفاهيم المغلوطة، مؤكداً ضرورة التصدى لتلك الأفكار التكفيرية بالفكر، لأن الحل الأمنى ليس كافياً لمواجهة تلك الفصائل المتطرفة. وقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ل«الوطن» إنه ستتم ترجمة أعمال المؤتمر إلى برامج وخطط، بالتنسيق مع وزارة الداخلية للسماح لعلماء الأزهر والأوقاف بزيارة السجون من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى التكفيريين وإجراء مراجعات فكرية لهم لعلهم يهتدون.