ملايين من الأوراق النقدية تحتضنها خزائن من الحديد، يتصارع على امتلاكها رئيس أسبق تنحى إثر ثورة غضب، وشعب يجد في استردادها حلًا لمشكلاته الاقتصادية.. ملايين من الدولارات في البنوك السويسرية هي حصيلة مبارك من سنوات حكمه الثلاثين، تم تجميدها عقب ساعة واحدة من تنحيه عن الحكم لحين الفصل في مشروعية مصدرها. تجميد سويسرا لأموال مبارك في بنوكها موقف سياسي أرادت منه الدولة منع تهريب هذه الأرصدة بطريقة غير مشروعة، هذه الأموال التي بلغت حينها 424 مليون دولار وارتفعت لتصبح 700 مليون في يوليو 2012. استرداد الأموال المجمَّدة لا يعني بالضرورة استرداد الحكومة المصرية لها، حيث ينبغي على مصر أن تثبت أولًا أن الرئيس الأسبق جمع هذه الملايين بطريقة غير قانونية ومن خلال جرائم محددة، على أن تقع تلك الجرائم ضمن قائمة الجرائم في القانون السويسري، أو اتفاقية الأممالمتحدة لمحاربة الفساد، أو مبادرة "star". رحلة الحكومة المصرية لاسترداد أموال مبارك تأثرت بالاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ ثورة يناير، فالصراع الذي نشب بين السلطة التنفيذية ممثلة في الرئيس المعزول محمد مرسي وبين السلطة القضائية في عام 2012، دفعت المحكمة الجزائية الفيدرالية السويسرية في مدينة بلينزونا السويسرية لإصدار قرارها في ديسمبر من نفس العام، برفض منح مصر الحق في الاطلاع على ملف أموال الرئيس الأسبق حسني مبارك وهو ما كانت النيابة العامة السويسرية قد وافقت عليه سابقًا، كون مصر تمر بمرحلة انتقال غير واضحة، وهو ما أعاد مجهودات مصر لاستعادة الأرصدة بضع خطوات إلى الوراء. جاء حكم "البراءة" الذي حصل عليه الرئيس الأسبق في القضية المعروفة إعلاميًا ب"محاكمة القرن" ليثير الشكوك حول إمكانية استرداده لأمواله وانتهاء الصراع الدائر منذ 3 سنوات لصالحه، يقول المستشار يوسف عثمان، مساعد وزير العدل للكسب غير المشروع، إن الحكم الصادر ببراءة الرئيس الأسبق حسني مبارك في "قضية القرن"، لا يؤثر بأي شكل على مساعي لجنة استرداد الأموال المهربة في استرداد أموال "مبارك"، مضيفًا، في تصريحات خاصة ل"الوطن"، أن أموال الرئيس الأسبق مجمَّدة في بنوك سويسرا، ولم يتم رفع التحفظ عنها، ويوضح: "أموال مبارك المجمدة في الخارج ترتبط باتهامه في قضايا يحققها جهاز الكسب تتهمه باستغلال النفوذ وتضخم ثروته بطريق غير مشروع"، لافتًا إلى أن هذه القضايا لم يتم الانتهاء منها بعد، وبالتالي ستظل أمواله مجمَّدة لحين إحالتها إلى محكمة الجنايات وإصدار أحكام فيها. ويتفق معه المستشار حسن أحمد عمر، خبير القانون الدولي والمحامي بالنقض، قائلًا: "مبارك حصل على براءة في قضايا غير متعلقة بالكسب غير المشروع وعليه فإن تلك الأحكام ليس لها تأثير على عملية استرداد الأموال المنهوبة"، موضحًا أن مصير الأموال المجمدة في بنوك سويسرا لا يزال معلقًا.