سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«إيجى تكس».. كلمة سر أزمة «الكويز» بين الشركات المصرية وإسرائيل الشركة أسسها «الزوربا وعرفة وطلبة» لتمرير المكون الإسرائيلى للمصانع المصرية.. وظهور منافس جديد يشعل الصراع
عندما أبرمت مصر اتفاقاً ثلاثياً مع إسرائيل والولايات المتحدة فى أواخر عام 2004 بشأن إقامة مناطق صناعية مؤهلة تحت اسم «كويز»، كان الاقتراح وقتها قادماً من كبار رجال القطاع الخاص القريبين من دوائر السلطة فى مصر، وتحديداً العاملين فى صناعة الملابس الجاهزة، سعياً منهم لفتح السوق الأمريكية أمام بضائعهم. كانت الحجة التى ساقها هؤلاء هى أن الصادرات المصرية من الملابس الجاهزة ستتضاعف وأن الاستثمارات فى قطاع المنسوجات والغزول ستشهد طفرة غير مسبوقة تسهم فى تطوير القطاع بأكمله وزيادة معدلات التشغيل فيه، وهو ما لم يتحقق فى أغلبه. وعندما أعلن وزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد الاتفاق الذى كان ولا يزال محل جدل، أطلق تصريحه الشهير: «إن الاتفاق لا يعنى أن تتنازل مصر عن سيادتها»، لكن ما يعتبره بعض المصدرين ضغوطاً إسرائيلية حالياً على الشركات المصرية قد يثبت عكس تلك التصريحات. ويقضى الاتفاق بأن تفتح أمريكا أسواقها أمام صادرات الملابس المصرية دون أى رسوم جمركية، شريطة أن تحتوى على مكون إسرائيلى لا تقل نسبته عن 11٫7%، تم تخفيضها بعد ذلك إلى 10٫5%، وعقب توقيعه، قرر رجال أعمال بارزون فى قطاع الملابس، منهم جلال الزوربا، الرئيس السابق لاتحاد الصناعات صاحب شركة النيل للملابس «عراب الكويز»، كما أطلق عليه، وعلاء عرفة، رئيس المجموعة السويسرية للملابس (يمتلك كلاهما حصة تتراوح بين 30% و35%)، وعدد آخر من رجال الصناعة، منهم: مجدى طلبة، صاحب «كايرو قطن سنتر»، إنشاء شركة لاستيراد المكونات الإسرائيلية التى تمثل 10٫5% من المنتج النهائى المصرى، وتوريدها إلى المصانع المصرية العاملة فى إطار «الكويز»، بما يسهم فى عدم اضطرار تلك المصانع للاستيراد مباشرة من إسرائيل، وهى الشركة التى تم تأسيسها تحت اسم «إيجى تكس». وبموجب اتفاق «الكويز» سُمح لتلك الشركة بتوريد المكون الإسرائيلى إلى المصانع الأخرى تحت اسم «التنازل عن البضاعة»، بينما تقول وحدة «الكويز»: إن بعض الشركات المصرية قامت بشراء فواتير فقط وليست بضاعة، وبالتالى عليها إعادة الشراء من إسرائيل ك«بضائع». التهديدات التى تحيط الاتفاق تفجرت عقب دخول الشركات المصرية والإسرائيلية فى خلافات حادة قبل أشهر بسبب إصرار الجانب الإسرائيلى على قيام حوالى 68 شركة بإعادة شراء بضائع إسرائيلية بعد أن اكتشفت تل أبيب أن إحدى شركاتها الموردة للجانب المصرى، وهى «A. politive»، لديها مشاكل قانونية، وهو الطلب الذى رفضته الشركات المصرية العاملة فى إطار الكويز، فى الوقت الذى فضَّلت فيه وحدة الكويز التابعة لوزارة الصناعة والوزير منير فخرى عبدالنور الصمت التام وعدم الرد، رغم محاولات التواصل المستمرة من جانب الجريدة. وتشهد سوق الملابس الجاهزة حالياً حرباً طاحنة بين شركاء الأمس، بسبب سعى أحد كبار المصدرين لإنشاء شركة أخرى -توكيل- لتوريد المكونات الإسرائيلية، وهو الشخص ذاته الذى يدافع عن الموقف الإسرائيلى من ال68 شركة ويسعى لإقناع أصحاب تلك المصانع بإعادة شراء البضائع مرة أخرى، لإنهاء الأزمة وفقاً لأكثر من مصدر. وبحسب خطاب موجَّه من وحدة الكويز إلى 68 شركة -حصلت «الوطن» على نسخة منه- فإن هناك تحذيرات من الجانب الإسرائيلى بشطب تلك الشركات ما لم تقُم بإعادة الشراء، ويفيد الخطاب بأن تل أبيب ستعتمد نظاماً جديداً لشراء المكون الإسرائيلى يلغى إجراء «التنازل» الذى كان متبعاً منذ توقيع الاتفاق، بل إن الخطاب ذاته يؤكد رفض إسرائيل -خلال اجتماع اللجنة المصرية الإسرائيلية فى القدس 6 أكتوبر الماضى- طلباً مصرياً بتأجيل تلك الخطوة لحين وضع معايير محددة للشراء، وإصرارها على تنفيذ تلك الخطوة بدءاً من 1 نوفمبر الجارى. المعلومات التى تمكنت «الوطن» من الحصول عليها من مصدرين بارزين فى سوق الملابس تفيد بأن الشركات «المجبرة على الشراء» تعتزم رفع دعوى قضائية ضد رئيس وحدة الكويز وأحد كبار المصدرين بسبب عدم دفاعهما عن الموقف المصرى فى الخلاف الدائر حالياً. «لا يمكن لإسرائيل أن تتخذ قراراً يتعلق بشركات الكويز دون الرجوع للجانب المصرى، وأى قرار أحادى سيكون مخالفاً للاتفاق»، وفقاً لأحد كبار مصدرى الملابس الجاهزة فى إطار «الكويز» بمنطقة أكتوبر، مؤكداً أن إسرائيل تسعى لزيادة مبيعاتها من المكون المحلى على حساب المصانع المصرية، كاشفاً فى الوقت ذاته عن أن إجمالى قيمة البضائع المطلوب إعادة شرائها يصل إلى 12 مليون دولار. «نظام التنازل عن البضاعة كان متبعاً منذ تنفيذ الاتفاق ولم تكن هناك مشكلات»، يضيف المصدر، الذى يتوقع أن تنخفض صادرات مصر من الملابس مستقبلاً بسبب الأزمة الحالية. وقال صاحب إحدى الشركات الكبرى للملابس الجاهزة بمنطقة العبور: «إن وحدة الكويز تطالبه بإعادة شراء بضائع إسرائيلية بقيمة 338 ألف دولار مرة أخرى رغم قيامها بشراء بضائع بالفعل»، مضيفاً: «لا أعلم إلى أى جانب تقف وحدة الكويز، مصر أم إسرائيل!». ووفقاً للبند رقم 3 من المادة السادسة فى اتفاق الكويز، فإن الشركات المصرية العاملة فى إطار «الكويز» عليها أن تتقدم بأوراق تتضمن «نوع المدخلات المشتراة مؤيدة بصور الفواتير من موردين مصريين أو إسرائيليين وقائمة بالموردين المصريين أو الإسرائيليين فى فترة ربع العام الأخير، بما فى ذلك أشخاص الاتصال». وبحسب وحدة الكويز، التابعة لوزارة التجارة والصناعة وبيانات المجلس التصديرى للملابس، فإن حوالى 450 شركة مصرية تقوم بالتصدير إلى أمريكا استفادةً من الاتفاقية، فى حين بلغ إجمالى قيمة صادرات الملابس منذ توقيع الاتفاق وحتى نهاية العام الماضى 7 مليارات دولار تقريباً.