هل تعلم عزيزي القارئ أن جمع الأحاديث "بدعة مستحدثة" نهى عنها رسول الله (ص) مرارا و تكرارا؟ وكذلك عمرو أبا بكر رضي الله عنهما ؟؟ أه والله !! إن كنت لا تصدق فعليك بمراجعة كتاب "الزهد والرقائق" باب "التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم" حديث رقم 3004 عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه". كذلك في "سنن الترمذي" كتاب "العلم" حديث رقم 2665 أن أبا سعيد الخردي قال "استأذنا النبي في الكتابة فلم يأذن لنا"، وكذلك في مسند أحمد حديث رقم 10701 عن أبي سعيد قال: قال رسول الله "لا تكتبوا عن شيئا سوى القرآن ومن كتب شيئا فليمحه". وستجد عزيزي القارئ نفس الحديث في سنن الدارمي حديث رقم 450. كذلك دعونا نتأمل الموقف الذي اتخذه الخليفة أبو بكر الصديق بعد وفاة النبي من كتابة الأحاديث، حيث ذكر الذهبي في كتابه "تذكرة الحافظ": أن أبو بكر الصديق جمع الناس بعد وفاة الرسول وقال لهم "إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافا فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه". كذلك ما جاء في نفس الكتاب للذهبي ما رواه الحاكم عن عائشة قالت: "جمع أبي الحديث عن رسول الله وكانت خمسمائة حديث فبات يتقلب، فلما أصبح قال: أي بنية هلمي بالأحاديث التي عندك، فجئته بها فدعا بنار فحرقها، فسألته لما أحرقها فقال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذلك". كما أن الذهبي في نفس الكتاب سجل موقف عمر بن الخطاب الحاسم من كتابة ورواية الأحاديث فقال: إن عمر بن الخطاب حبس أبا مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود بن الأنصاري في المدينة وقال لهم: أكثرتم الحديث عن رسول الله. وفي الطبقات الأخرى نقل ابن سعد أن عمر بن الخطّاب أراد أن يكتب السنن فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله فأشاروا عليه أن يكتبها، فظل عمر يستخير الله فيها شهرا ثم أصبح يوما وقد عزم الله له فقال: إني كنت أردت أن أكتب السنن وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها فتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا. وفي كتاب "البداية والنهاية" ذكر أبن كثير في الجزء 8 صفحة 107 أن عمر قد قال: أقلوا الرواية عن رسول الله إلا فيما يعمل به، كما جاء في "مسند أحمد" مجلد 4 صفحة 64، جاء عثمان فصعد المنبر وقال: لا يحل لأحد أن يروي حديثا لم يسمع به في عهد أبي بكر وعمر. عليك أيضا بالتأمل في صحيح البخاري الجزء ال5 صفحة 512: عن أبي عباس قال: لما حضر رسول الله وفي البيت رجال، فقال النبي: هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا من بعده، فقال بعضهم إن رسول لله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا من بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله: قوموا عني. فإذا كانت تلك الرواية صحيحة كما يزعم البخاري، فلماذا يغضب أتباع البخاري من الذين يرفعون شعار "حسبنا كتاب الله" في وجوههم ولم يغضبوا من عمر حين رفع نفس الشعار في وجه الرسول شخصيا ؟؟! قبل أن تنتصب لحاكم وتعبسون أمام شاشات كمبيوتراتكم، أنا لا أحاول هدم السنن النبوية ولا أدعوا لعدم العمل بها، ولكني أسلط الضوء على اجتهادات قام بها فقهاء ومفكرين وباحثين من قبلي وراجعتها بنفسي، اجتهادات هي - لسبب ما - غريبة على آذاننا جديدة على أذهاننا، لماذا نسمع كل هذا لأول مرة؟! لماذا يتعمد شيوخ الوهابية تقديس جامعي الأحاديث كأبي هريرة والبخاري ومسلم إلى هذا الحد ووضعهم في مكانة ليست بمكانتهم؟! هناك لغط ما فيما يخص إعمال الأحاديث التي تتنافى مع القرآن وتتنافى مع المنطق البشري وتغيرات الزمان والمكان، لما لا نعترف بوجود ذلك اللغط ونبدأ سويا بالنظر والبحث، اليوم لدينا كمسلمين مئات المذاهب والجاماعات والفرق، كل منها يعتقد أنه على حق، ولا أحد يجرؤ على التخلي عن سياسة الاتباع، لا إمام سوى عقلك الذي وهبك إياه الخالق وأمرك بالتدبر مرارا و تكرارا، وإذا أصررت على الاتباع، فلتنتقي من يحلو لك من العلماء من بين كل تلك المذاهب والجامعات والفرق ولتتبعه وتسير على منهاجه، لكن لا تحدثني بعدها عن خلو الإسلام من الكهنوت فأنت من تجعل أمتنا رائدة في مجال صناعة الكهنوت!.