مثلما قال العراف: أمامك طريقان «أحدهما يأخذك إلى سكة الندامة والثانى يوصلك لسكة السلامة». هكذا رمى العراف الودع وترك الطريق مفتوحاً للاختيار..!! فسار كل منا فى طريقه اعتقاداً أنه طريق السلامة!!.. وهكذا «وشوش» العقل لنا.. وهكذا حول الدفة لرغبته مطلقاً للمصير وليس للقدر الطريق الذى يريد أن يسلكه.. اختار العقل مصيرنا. تأملت ذلك وأنا أتابع كلمات ووقائع جلسات جمعت الزعماء والقادة فى الأسبوع الماضى حول موائد الحوارات والمناقشات بمناسبة انعقاد الدورة ال64 للأمم المتحدة، وذلك من أجل البحث عن حلول لهؤلاء الذين سار بهم المصير إلى سكة الندامة «دافعين» معهم أبرياء لأقدار التهلكة والهلاك!! تحت شعار الإسلام.. تحت راية الإسلام يتحدثون باسمى.. وباسمك ضحايا كنا.. متورطين أو مؤيدين. وتحت اسم الإسلام ارتفعت شعارات الجهل والدمار وذابت معانى كرامة الحياة بأيديولوجيات.. كاذبة.. خاطئة.. مغرضة.. تتخذ من الإسلام سلطة متحدية بوحشية للسلطة الإلهية العليا وحقها الأوحد فى القرار!! لهذا.. ولذلك يقف العالم حاملاً رؤية جديدة تنحنى احتراماً لبدائل غير معتادة.. غير تقليدية أو مطروقة لمحاربة هذه الأيديولوجيات الشريرة القاسية.. بدائل لن تستخدم فقط العنف والقتل والسحق للإرهاب.. بل تنوى أن تستخدم أساليب متينة ترفع المعانى الحقيقية للأنظمة الدينية ومفاهيمها عبر ممارسات أكثر سلاماً.. وأكثر استنارة تخترق العقل والوجدان محلقة بالمعنى السماوى والرسالة الأصيلة للإسلام. ترى هل أدرك العالم الآن ونحن على مشارف الهاوية وجوب الاستدارة لنحو الأساليب الأكثر إنسانية.. ولنحو خيارات تمس العقل والقلب والوجدان؟؟ وترى.. هل سننفتح على تحول فكرى.. دينى وثقافى على نحو ظاهرة الحركة الثقافية المضادة التى ظهرت فى الفترة ما بين 1960 و1970 منطلقة من الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا مروراً إلى معظم بقاع العالم؟ .. هذه الحركة التى اكتسبت شعبية مع نمو نضال الزنوج الأمريكان لحقوقهم المدنية وتواكب ذلك مع التدخل الأمريكى الشرس السافر فى الحرب مع فيتنام! أكتب هذه السطور وأنا أعود بالذاكرة إلى هذه الحقبة التى تأثرت بالحركات المضادة للتسلط والاستبداد، والتى ظهرت فى عصور سابقة وظهور ما أطلق عليهم ب«البيبى بومرز» Baby - boomers وهم من أسهموا فى إعادة تغيير الفكر الأمريكى بعد حرب فيتنام وكثير من الدول التى تتبع النظم الديمقراطية فى سياستها!! وما تبع ذلك من تدفق معانى حقوق الإنسان والمرأة وحرية العلاقات الجنسية، والأهم من ذلك كله التفسيرات المختلفة لمعنى الحلم الأمريكى!! أكتب هذه السطور ويدق قلبى بالحنين لشعارات ترفع الدعوة للسلام وليس للحرب!!.. لأغانٍ تنشد وتناشد بالعطف والرحمة.. لصور وعلامات ترفع شعارات الحرية والإخاء والحب بين الشعوب. وأخيراً يخفق قلبى ويذوب مروءة وعطفاً وأنا أشاهد صوراً عاطفية بثتها وكالات الأنباء فى الأسبوع الماضى، تصور محاولة مدينة باريس الرومانسية التخلص من الآلاف من «أقفال الحب» التى تعج بها جسور المدينة حيث يقوم العشاق بتعليق أقفال نحاسية على القضبان الحديدية للجسور تعبيراً عن الحب الأبدى ثم يلقون بمفاتيحها فى نهر السين. هل تعرفون كم قفلاً يتم تعليقه كل بضعة أشهر؟؟.. إنها 700 ألف قفل!! ألا ترى أن هذا الخبر يستحق أن نتوقف عنده؟؟.. ألا يستحق أن يخترق قلوباً ربما لم تعرف الحب؟؟ أو ربما يستحق منكم أيها القادة الجلوس حول مائدتكم المستديرة لإيجاد حلول بديلة تنبذ العنف وتغرس الحب فى قلوب جفت وماتت مشاعرها وحل مكانها دعاة للكراهية!! وهل لنا أن نحلم أن يظهر عندنا جيل جديد من الدعاة للفكر المستنير وللحب والسلام مثلما ظهرت هذه الأجيال فى كثير من دول هذا العالم الذى أصبحنا عليه غرباء!