«جثة مجهولة»، كلمتان تتكرران كثيراً داخل مشرحة زينهم، كلمتان تمثلان النهاية لأشخاص لا يعرف قصتهم أحد، فمن هم أو من قتلهم ومن عثر على الجثة أو نقلها إلى المشرحة؟ حتى تأذن الأوراق بالدفن، فيحملها عدد قليل من البشر ويذهبون بها إلى مقابر الصدقة، فى الوقت نفسه تجد أسراً تبحث فى المستشفيات ومراكز وأقسام الشرطة عن «غائب». «الوطن» تكشف بالصور عن 15 جثة مجهولة استقبلتهم مشرحة زينهم بالقاهرة خلال الأسبوعين الماضيين، فانتقت صوراً تصلح للنشر دون أن تؤذى القراء، وستنشرها بالكود الذى توجد عليه داخل مشرحة الطب الشرعى بزينهم لسهولة التعرف عليها وتسلمها من الطب الشرعى حال التعرف عليها. الجثة المجهولة رقم 233 دخلت مشرحة زينهم بتاريخ 15 أغسطس الماضى، عُثر عليها فى دائرة قسم شرطة شبرا الخيمة، وتبين أنها جثة لذكر فى العقد الثالث من العمر، يرتدى «فانلة حمالات» بلون أزرق فاتح، وبالكشف الظاهرى تبين أن الجثة فى حالة تعفن، إضافة إلى وجود علامة مميزة عبارة عن وشم أعلى العضلة اليمنى مكتوب عليها «شهد ووائل»، ما يؤكد أن صاحب الجثة اسمه وائل أو لديه طفل اسمه وائل، كما تبين وجود شبهة جنائية فى وفاته، لذلك خضعت الجثة للتشريح وأُخذت عينات منها وأُرسلت للمعمل لمعرفة سبب الوفاة. الجثة المجهولة رقم 241 دخلت مشرحة زينهم فى 23 أغسطس الماضى وعُثر عليها فى دائرة قسم شرطة باب الشعرية، وتبين أنها جثة لذكر فى العقد السادس من العمر ويرتدى «فانلة نصف كم رمادى» وبنطلون أسود قديم، وبالكشف الظاهرى على الجثة تبين أنها غير متعفنة، كما تبين وجود علامة مميزة بالجثة عبارة عن وشم على شكل دمية، وأن الوفاة طبيعية ولا توجد شبهة جنائية فى الوفاة ولذلك اكتُفى بالكشف الظاهرى دون التشريح. ودخلت الجثة المجهولة رقم 248 مشرحة زينهم بتاريخ 29 أغسطس الماضى، وعُثر عليها فى دائرة قسم شرطة الطالبية، وتبين أنها جثة لذكر فى العقد السادس من العمر يرتدى «تى شيرت» كحلى وبنطلون أسود ممزق، وغير متعفنة، وتبين عدم وجود علامات مميزة بالجثة، وبمناظرتها تبين وجود شبهة جنائية، وخضعت الجثة للتشريح وأُرسلت عينات منها للمعمل لبيان سبب الوفاة. أما الجثة المجهولة رقم 250 فدخلت مشرحة زينهم فى 29 أغسطس الماضى، وعُثر عليها فى دائرة قسم شرطة الجيزة، وتبين أنها جثة لذكر فى العقد السابع من العمر، يرتدى «تى شيرت» أحمر و«بنطلون ترينج» أسود و«شورت» أبيض، وبالكشف الظاهرى تبين أن الجثة غير متعفنة ولا توجد بها إصابات، كما تبين وجود علامات مميزة وهى عبارة عن شعر رأس أبيض ولحية بيضاء، ولم يصل بشأنها قرار من النيابة العامة حتى الآن سواء بالتشريح أو بالكشف الظاهرى فقط. والجثة المجهولة رقم 251 دخلت مشرحة زينهم فى 2 سبتمبر الحالى، وعُثر عليها فى دائرة قسم شرطة الهرم، وتبين أنها جثة لذكر فى العقد الثالث من العمر يرتدى «تى شيرت» وبنطلون أسود، وتبين أن الجثة غير متعفنة ولا توجد عليها علامات مميزة، وبالكشف الظاهرى تبين أن الوفاة نتيجة حادث سيارة. والجثة المجهولة رقم 254 دخلت مشرحة زينهم بتاريخ 8 سبتمبر الحالى، عُثر عليها فى دائرة قسم شرطة إمبابة، وتبين أنها جثة لذكر فى العقد الثالث من العمر يرتدى «فانلة حمالات وشورت»، وتبين أن الجثة غير متعفنة ولا توجد بها علامات مميزة، وبالكشف الظاهرى تبين أن سبب الوفاة هو الغرق. من جهته، قال الدكتور هشام عبدالحميد، المتحدث الرسمى باسم مصلحة الطب الشرعى، ومدير عام دار التشريح فى زينهم ل«الوطن»، إن نشر صور الجثث المجهولة يسهم فى كشف هوية هذه الجثث. وأضاف: «الجثث المجهولة أصبحت فى الفترة الأخيرة مشكلة كبيرة بسبب ارتفاع عددها الذى يتجاوز ال500 جثة خلال العام الواحد»، وأشار إلى ارتفاع عدد الجثث المجهولة بسبب ملايين الزائرين إلى القاهرةوالجيزة يومياً، بسبب وفاة البعض داخل القاهرة أثناء قيامه بإنهاء بعض المصالح، وحتى بعد مرور عدة أيام يصعب التعرف على الجثة، بسبب تغير ملامحها لتفاعلها مع عوامل الطقس والهواء بسبب فتح وغلق الثلاجات بصفة مستمرة، بالإضافة إلى أن ثلاجات المشرحة كانت متهالكة ولا تصلح لحفظ الجثث لفترات طويلة، والانفلات الأمنى الذى تسبب فى كثرة جرائم القتل خاصة بعد الثورة. وتابع عبدالحميد: «قبل الثورة كان 90% من الجثث المجهولة لا توجد شبهة جنائية وراء وفاتها و10% فقط جرائم قتل، أمام بعد الثورة فانتشرت الجريمة الكاملة، حيث أصبحت الجثث المجهولة التى يرجع سبب وفاتها لوجود شبهة جنائية بنسبة لا تقل عن 40% من الجثث المجهولة التى تستقبلها مشرحة زينهم، وبمجرد دفن الجثة المجهولة دون كشف هوية صاحبها يستحيل معرفة المتهم بقتلها، ما يؤكد أن الجريمة الكاملة انتشرت فى مصر فى الفترة الأخيرة بنسبة مخيفة». يُذكر أن الناشط السياسى محمد الشافعى دخل مشرحة زينهم تحت بند «جثة مجهولة» لعدم حمله أى مستندات تدل على هويته. وعلى الرغم من أن والدته ذهبت إلى مشرحة زينهم 3 مرات ودخلت ثلاجة العرض فإنها فشلت فى التعرف على جثة ابنها بسبب اختفاء ملامحه لوجود الجثة لعدة أيام داخل ثلاجة العرض الخاصة بالجثث المجهولة وتفاعل الجثة مع الهواء وتحللها وتعفنها نتيجة فتح وغلق الثلاجة، وبالرغم من وجود علامة مميزة فى الجثة تتطابق مع العلامة الموجودة فى جسم الناشط محمد الشافعى فإنه أُجرى تحليل «دى إن إيه» للجثة، وهو ما كشف عن هويته. كما نُقلت جثة عالم الذرة الدكتور وديع وهبى جرجس الذى توفى فى 6 أغسطس 2012 إلى مشرحة زينهم، وظلت أسرته تبحث عنه، وحررت العديد من المحاضر. وعلى الرغم من أنه مقيم فى منطقة الوايلى والمشرحة فى زينهم فإن أسرته لم تتوصل إليه على الرغم من دخول مشرحة زينهم وفحص كل الجثث المجهولة، وبعد فترة تم التعرف عليه من خلال الخاتم بواسطة أحد العاملين فى مشرحة زينهم.