تدخل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، المقررة الشهر المقبل، مرحلة جديدة غداً بإجراء أول مناظرة رئاسية من أصل ثلاث بين مرشحى الرئاسة باراك أوباما وميت رومنى. وتأتى المناظرة فى الوقت الذى أظهر فيه آخر استطلاعات الرأى تقدم أوباما على منافسه الجمهورى رومنى، ويسعى رومنى لاستغلالها لدثر الفارق بينه وبين أوباما، فيما يركز الأخير جهوده على تجنب أداء كارثى يدفع الناخبين لإعادة النظر فى ترشيحه لولاية ثانية. ويكمن الدور الرئيسى للمناظرات الرئاسية -بصفة عامة- فى تأكيد انطباعات الناخبين عن مرشحهم المفضل أو تغييرها فى حالات نادرة، إلا أن ثمة قواعد عامة يمكننا استخلاصها من التاريخ الطويل للمناظرات الرئاسية الأمريكية الذى يتخطى الخمسين عاماً. فدروس التاريخ تؤكد أن آراء المرشحين وسياساتهم المقترحة لا تؤثر كثيراً على اتجاهات الرأى العام السائدة قبل انطلاق المناظرات. ويدعم ذلك الاتجاه أحد الخبراء الاستراتيجيين فى الحزب الجمهورى لموقع راديو سوا قائلاً: «إن الأثر الذى يخلفه أداء المرشح فى تلك المناظرات على الناخب لا يكمن فى جوهر الرأى ولكن فى الأسلوب الذى يعرض به المرشح رأيه، ويضيف:«إذا تمعنّا فى تاريخ المناظرات، لوجدنا أن الأمر لا يتعلق بالسياسات، كما أنه لا يتعلق بالحقائق، فقد سمع الناس الكثير عن ذلك، وشاهدوه واطلعوا عليه. أى أنهم على علم تام به؛ لكن المناظرة تتمحور حول مفاتيح شخصية المرشح والطرق التى يتصرف بها بتأنق». وغيرت المناظرات اتجاهات الناخبين فى حالات نادرة والسبب يرجع لأداء المرشح أمام الكاميرا، لغة الجسد، وليس لآرائه وسياساته، ففى 1960، منح أداء نيكسون المرتبك والمفعم برائحة العرق كرسى الرئاسة لجون كيندى على طبق من ذهب، كما دفعت نظرات بوش الأب العابرة لساعته الناخبين للتصويت لخصمه بيل كلينتون فى انتخابات 1992، حيث اعتبروها دلالة على عزلته وافتقاره للصبر. والقاعدة الراسخة فى تاريخ تلك المناظرات أن من يملك سرعة البديهة ويقدم إجاباته بصوت هادئ وواضح دون تلعثم يكسب المناظرة، كما أنها آخر فرصة للمرشح لعرض الجوانب الإيجابية فى شخصيته. وفى مثل هذه المبارزات السياسية، تجنب الغرق فى بحر التفاصيل فضيلة، فكل مرشح يعمل من أول لحظة فى المناظرة على دفع خصمه للحديث بإسهاب فى ملفات معينة يراها ثغرة، وفى حالة رومنى- أوباما سيعمل الأخير على جر خصمه إلى زاوية سياساته الضريبية التى يراها لا تضيف جديداً. كما أن رومنى فى وضع لا يحسد عليه، فلكى ينعت أوباما بالفشل فى إصلاح الوضع الاقتصادى، عليه إلقاء الرئيس الأسبق جورج بوش تحت القطار والقطع أمام المشاهدين بأنه صنع وضعاً اقتصادياً كارثياً وهو ما سيغضب- إن حدث- أعضاء حزبه.