قد يكون هذا موضوعاً إنسانياً.. قل عاطفياً.. على الأقل من وجهة نظرى، وقد تراه جزءاً من الثورة التكنولوجية أو لغة العصر، كما يطلقون عليها، لكل ما تحمل من معانٍ نتوافق معها أو نختلف.. لكنه حديث المدينة، إذا استبعدنا بالطبع بلاوى داعش ومصائب الإخوان وغيرهما فى المنطقة! وإن كان ما سوف أكتب عنه هو موضوع يلعب به معظمنا الآن كباراً أو صغاراً.. أشراراً أو طيبين!! هو لغة جديدة تزحف عبر هواتفنا الذكية.. عبر شبكاتنا التواصلية الاجتماعية وغيرها من وسائل الاتصال التكنولوجى الحديث الذى أصبحنا لا نستغنى عنها.. هى لغة ليست جديدة، بل هى لغة عرفتها الإنسانية قبل أن تعرف أى لغة كلامية أو كتابية أخرى.. ويبدو أنها «عجبانة» فنعود مرة أخرى لاستخدامها! نلغى لغة أجسادنا أو نضعها جانباً ونعبر بلغة جديدة يطلقون عليه Emoticons.. أيقونات عاطفية.. كارتونية نزجها بين كل كلمة وكلمة عبر رسائلنا ومراسلاتنا، معبرة وحاملة لفكرنا.. آرائنا.. هزارنا.. عواطفنا وحتى شجارنا!! لغة جديدة لطيفة الأشكال واللون تحمل أكثر من 1٫500 تعبير عاطفى صم، لكنه مترجم لما نريد أن نحمل للمتلقى من معنى، فهذه أيقونة ترسل لك ابتسامة.. ضحكة، وأخرى تقول لك أنا مكسوف أو «متعجب»، وأخرى تقول لك أنت شيطان أو حتى سافل!! وهناك أيقونات تعبر لك عن الحب والغزل والقبلات، وهناك أخرى تقوم بدور اللغة، فبدلاً من أن تكتب أنا مسافر تجد أيقونة للسفر وأخرى تقول أنا بشتغل.. تحت الشمسية.. بصطاد.. على الكمبيوتر!! وغيرها من مئات التعبيرات كما ذكرت.. كلها لطيفة.. لكنها خالية من لغة جسدك؛ المصدر الحقيقى والأكيد الذى يعبر عن مشاعرك، والمصدر الحقيقى الذى يمكن من خلاله اكتشاف صدقك أو كذبك وشخصيتك الحقيقية!!. هذا هو العلم الحديث الذكى الذى أدرك إيقاع الحياة وسرعتها وانشغالك فيها وقلة وقتك وهوسك لاستخدامك لأدواته التكنولوجية الحديثة التى لا تفيق أو ترفع رأسك من عليها.. ولكنه هذا العمل أيضاً الذى أدرك أنك ما زلت إنساناً وأن مشاعرك وعواطفك هى جزء منك المشاعر.. سخونتها ودفئها.. خالية من صدقك.. قاتلة لروح شخصيتك وقدرتها على الإقناع والتعبير والمواجهة.. فأنت تحب.. تكره.. تعمل.. تتشاجر من خلال رسومات كارتونية ابتدعها فى الأصل «يابانيون» لتصبح أنت أيضاً كارتونياً مثلهم (محتاج بس تختار لك لون)، هكذا يلعب العلم بنا ويسخرنا لخدمته بذكاء ودهاء شديد، فاتحاً أبواباً للمناقشة حول أبحاثه لتحتاجها للتعبير عن حالك!! فقدم لك هذه الأيقونات العاطفية التى تقوم بدورك المهم الاجتماعى للاتصال والتواصل مع الآخرين ففتحت لك الباب بجفاء وبرود شديد!! لتجد العشرات بل والمئات من التعبيرات التى تغنيك وتوفر لك الوقت وتمنع عنك الحرج أحياناً فى المواجهة وجهاً لوجه دون أن تدرى أنها تحولك إلى آلة جافة ميكانيكية إلكترونية حديدية خالية من نبض حلول للتواصل الاجتماعى العاطفى الذى يمكنك تحقيقه دون إرهاق، ودون أن ترفع رأسك عن آلته العبقرية الصماء فكله موجود هنا.. حتى عواطفك موجودة هنا!! نجح العلم فى هدفه وجر خلفه لغات عمرها آلاف السنوات بعدد كلمات يتعدى آلاف الآلاف.. نجح العلم فى هدفه وبعد الكبار والشباب، ومعهم الأطفال، عن طبيعة وهوية لغتهم وقتل الحرف والهمزة والفصلة والنقطة وحل مكانها وجه الشمس الضاحك والوردة.. نجح العلم وقتل حسناً وبصمة لغة جسد كل واحد منا!! وحول مشاعرنا إلى مشاعر آلية وانتظار الحبيب وهو يمسك الوردة ويقول «أنا أحبك»!! تنبيه: مجرد لفت نظر.