تغيرات جذرية تشهدها علاقة رجال الأعمال بالسياسة بعد الثورة، أصحاب المال والشركات انقسموا إلى فريقين: الأول توارى عن الحياة السياسية برمتها بعد أن كان ضالعا فى الحزب الوطنى المنحل، والثانى وجد فى الثورة فرصة للانغماس فى العمل الحزبى بعد أن كان بعيدا أو مبعدا عنه فى عهد النظام السابق. وبالنظر لخريطة الانتماءات السياسية قبل الثورة سنجد، وفقا للإحصاءات، أن 30% من أعضاء لجنة السياسات بالحزب المنحل رجال أعمال، أغلبهم قرر الابتعاد عن العمل السياسى بعد سقوط النظام، ومنهم جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات. الزوربا أكد ل«الوطن» أنه يرى أن المناخ الحالى لا يسمح بظهور رجال الأعمال على الساحة السياسية، وذلك لا يعنى بالضرورة -على حد قوله- أن رجال الأعمال هم من تسببوا فى إفساد الحياة السياسية قبل الثورة. فى القائمة ذاتها يأتى الدكتور شريف الجبلى، شقيق وزير الصحة الأسبق الدكتور حاتم الجبلى ورئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات وأحد رجال لجنة السياسات، وهو يرفض الانضمام لحزب سياسى حاليا. ومحمد أبوالعينين، صاحب مجموعة كليوباترا وأحد أبرز أعضاء لجنة السياسات، قرر الابتعاد عن السياسة، خاصة بعد اتهامه فى قضية «موقعة الجمل»، كما ابتعد الدكتور محمود سليمان، رجل الأعمال فى مجال البويات والأمين السابق للحزب الوطنى المنحل بمنطقة مصر الجديدة، عن عالم السياسة وقرر التركيز فى إدارة شئون أعماله الخاصة، ولحق به محمد المصرى، الرئيس السابق لاتحاد الغرف التجارية والقيادى بالحزب المنحل، كما انصرف رجل الأعمال حمادة القليوبى المستثمر فى مجال الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات والأمين العام للحزب المنحل بالمحلة الكبرى عن المجال السياسى. وفى نفس السياق قرر عملاق صناعة السجاد والبتروكيماويات محمد فريد خميس، القيادى بالحزب الوطنى المنحل، الابتعاد عن الحياة السياسية بعد سقوط نظام مبارك. وعلى النقيض وجد بعض من رجال الأعمال فى الثورة فرصة كبيرة للانخراط فى العمل السياسى بعدها، ومنهم نجيب ساويرس رئيس شركة أوراسكوم للاتصالات وصاحب قناة «أون تى فى» الذى أسس حزب المصريين الأحرار صاحب التوجه الليبرالى الذى يعتقد كثيرون أنه يمثل الجبهة المضادة للتيار الإسلامى. كما وجد رجل الأعمال مجدى طلبة الرئيس السابق للمجلس التصديرى للملابس الجاهزة وصاحب شركة «كايرو قطن سنتر» فى حزب الوفد فرصة لإبراز ما لديه من أفكار سياسية. وقال طلبة إن ميوله وأفكاره وفدية منذ زمن بعيد إلا أنه اتجه للعمل الحزبى بعد الثورة لممارسة الحياة السياسية بشكل فعال، خاصة بعد تولى منصب وزير الصناعة والتجارة فى حكومة الظل التى شكلها حزب الوفد. بدوره دخل رجل الأعمال هشام الخازندار العضو المنتدب لمجموعة القلعة للاستثمارات المالية عالم السياسة من بوابة تمويل حزب العدل حتى أصبح أحد أعضائه المؤسسين. وعلى نفس الخط انضم رجل الأعمال حاتم صالح الرئيس السابق لشعبة الألبان باتحاد الصناعات ورئيس مجموعة «جذور» للصناعات الغذائية لحزب الحضارة. وربما كان رجل الأعمال نبيل دعبس صاحب مجموعة «مودرن» ضمن مجموعة رجال الأعمال الذين اتجهوا للعمل السياسى من خلال إعلانه عن تأسيس حزب تحت اسم «مصر الحديثة». وبرغم ميل رجل الأعمال محمد مؤمن صاحب مجموعة «مؤمن» للصناعات الغذائية إلى التيار الإسلامى، وجماعة الإخوان المسلمين على وجه التحديد، فإنه عندما قرر العمل السياسى لم ينضم إلى الجماعة أو إلى حزب، لكنه كان من أبرز الداعمين للمرشح الرئاسى الدكتور محمد سليم العوا ليصبح مديرا لحملته الدعائية منذ إعلان العوا عزمه الترشح للرئاسة. ويرى «مؤمن» أن فئة رجال الأعمال مثلها مثل أى فئة أو شريحة فى المجتمع يوجد بها الفاسد والجيد، معتبرا أن دخول رجال البيزنس إلى السياسة أمر مقبول فى ظل وجود قواعد وقوانين تنظم العلاقة بين العنصرين «البيزنس والسياسة». وظهر بقوة رجل الأعمال حسن مالك أحد أشهر رجال الأعمال المنتمين للإخوان المسلمين على ساحة البيزنس بعد الثورة من خلال ترأسه لجمعية «ابدأ» بعد تضييق الخناق عليه فى عهد النظام السابق واعتقاله أكثر من مرة. وعلى الرغم من كون صفوان ثابت صاحب مجموعة «جهينة» للصناعات الغذائية وعضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات أحد البعيدين عن العمل السياسى قبل الثورة وحتى بعدها فإنه يعد واحدا من رجال البيزنس المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين خاصة أنه يرتبط بعلاقة نسب بقيادات داخل الجماعة. ويعد رجل الأعمال عمرو خضر رئيس شعبة الورق باتحاد الغرف التجارية واحدا من رجال البيزنس الذين ظهروا على الساحة السياسية بعد الثورة عقب ترشحه لعضوية البرلمان على قوائم حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين عن دائرة قصر النيل، وهى الانتخابات التى خسرها أمام مرشح حزب المصريين الأحرار محمد أبوحامد. ويأتى رامى لكح ضمن رجال الأعمال الذين ظهروا بقوة على الساحة السياسية بعد الثورة وإن كان انضمامه لحزب الوفد قد جاء قبل الثورة بأشهر قليلة، لكنه قام بعد الثورة بتأسيس حزب جديد تحت اسم «مصرنا»، ثم أعلن مؤخرا عن دمج الحزب مع حزب آخر أسسه رجل الأعمال محمد عصمت السادات تحت اسم «الإصلاح والتنمية». ويستعد لكح لإصدار جريدة ورقية وقناة فضائية تحملان نفس الاسم وتعبران عن توجهات الحزب الجديد المزمع تأسيسه.