فور أن حددت اللجنة العليا للإنتخابات ضوابط الدعاية الانتخابية كحد أقصى 10 مليون جنيه بالجولة الأولى و2 مليون جنيه بجولة الإعادة، على ألا تزيد جملة التبرعات والمساهمات النقدية أو العينية عن 200 ألف جنيه، و 40 ألف جنيه فقط في حالة الإعادة.. تفجّرت إشكالية الدور الذي يلعبه رجال الأعمال المصريين في دعم مرشحي الرئاسة، سواء دعمًا ماديًا، أو معنويًا، بما يجعل للمرشح صاحب الدعم ميزة تنافسية أكبر من غيره. وفي هذا الملف، المكون من 6 حلقات، ترصد "أموال الغد" الدور الذي يلعبه رجال الأعمال في دعم مرشحي الرئاسة، ودلالات ذلك الدور، بما يعكسه البرنامج الإنتخابي، خاصة الناحية الاقتصادية، ببرنامج كل مرشح. وفي الحلقة الأولى، نلقي بصيص من الضوء على الدور الذي لعبه رجال الأعمال المصريية أثناء حكم النظام السابق، والذي اشتهر بتبنيه لرجال الأعمال، وتسهيل مهمتهم، سواء كانت الشرعية أو غير الشرعية، بما همّش مشكلات المواطنين، لتصب الساحة السياسية في صالح مجتمع الأعمال المصري، وتزخم المؤسسة التشريعية (البرلمان) بكثير من الوجوه من رجال الأعال، في دلالة واضحه على الصعود السياسي لهم، والذي آرق المصريين، فكان أحد دعائم ثورة 25 يناير سيطرة وسطو مجموعة من رجال أعمال الحزب الوطني المنحل على الساحة السياسية بما يخدم مصالحهم الشخصية، تقزيمًا لمصالح الوطن. شهد البرلمان المصري تواجدًا قويًا لرجال الأعمال منذ العام 1995، وبالتحديد عندما بدأت بوادر حلم التوريث، فرأى نظام الرئيس السابق أن يكون داعم هذا المخطط أو الحلم هم رجال أعمال الحزب الوطني. في عام 1995 ومع تصاعد "نكتة" الإصلاح الإقتصادي الذي ركز عليه البرنامج الانتخابي للحزب الوطني، بدأ نجم رجال الأعمال يظهر، خاصة بعد أن قام مبارك بصفته رئيسًا للجمهورية بتعيين رجل الاعمال محمد أبو العينين، مما كشف عن توجهات الحكومة آنذاك لزيادة دعم هذه الفئة، خاصة بعد أن استطاع مجموعة أطلق عليه فيما بعد "نواب القروض" من حجز مقاعدهم بالبرلمان، هم محمود عزام، إبراهيم عجلان، خالد حامد، توفيق عبده إسماعيل، وإبراهيم كامل، ليبلغ عدد رجال الاعمال نحو 6 أعضاء بهذا البرلمان. وفي الحلقة الثانية من المسلسل ذاته، ففي برلمان 2000، استطاع نحو 17 رجل أعمال من حجز مقاعدهم أيضًا، لمواصلة الخطة الاستعمارية لفئة رجال الاعمال على الحياة السياسية جنبًا إلى جنب والحياة الاقتصادية، ومنهم مصطفى السلاب، ورامي لكح، بالاضافة إلى محمد أبوالعنين. الصعود السياسي لرجال الاعمال خلال هذه الفترة ضرب بعرض الحائط نتائج الدراسة الميدانية التي قام بها قسم الاجتماع بكلية الآداب - جامعة القاهرة عام 1995 ، والتي كشف من خلالها أن نسبته 98.5% من رجال الأعمال لا يفضلون أن يكون لهم حزب خاص بهم، وأن 70% لا يفضلون دخول الحياة السياسية. وتتوالى حلقات المسلسل ذاته، ويأتي برلمان عام 2005 لترتفع نسبة رجال الأعمال بنحو ما يقرب من 200% عن السابق، ويبلغ عددهم 50 عضوًا، من بينهم أحمد عز، أمين التنظيم الاسبق بالحزب الوطني المنحل، بالاضافة إلى محمدإبراهيم سليمان، محمود أباظة، بطرس غالي، ومحمد أبوالعنيين أيضًا. وارتفعت نسبة رجال الاعمال ببرلمان عام 2010 مقارنة بالدورة السابق عليه بنسبة 72%، ليصل عددهم إلى 86 رجل أعمال، منهم سامح فهمي، وزير البترول السابق. من أبرز من حصلوا على الحصانة بمجلس 2010 من رجال الأعمال 17 عضوًا كانوا بمجلس 2005 من برلمانات، أبرزهم طارق طلعت مصطفي، رئيس لجنة الإسكان، أحمد عز، رئيس لجنة الخطة والموازنة، محمد أبو العينين، رئيس لجنة الصناعة والطاقة، خالد خيري، محمد المصيلحي، حسني خليل، محمود عثمان، طلعت السويدي، محمود خميس، منصور عامر، عادل ناصر، أحمد عبد السلام قورة، عبد الرحمن بركة، محمد المرشدي، طلعت القواس، إبراهيم العبودي، هشام مصطفي خليل، رفعت الجميل، يسري المغازي، نبيل فسيخ، وحمدي قريطم. ودخل برلمان 2010 عشرة رجال أعمال جدد لأول مرة، هم محمد الشامي، عفت السادات، فخري طايل، علي عبد الفضيل، عبد المحسن أبو الخير، علاء طاحون، جلال مازن، محمد البنا، شريف العناني، ياسر الجندي، خالد الاسيوطي. وعلى الرغم أن المصادر اختلفت حول عدد رجال الأعمال في كل دورة برلمانية، إلا أن الثابت كما يؤكد د.جمال زهران، عضو مجلس الشعب الاسبق، أن عددهم كان يزيد من دورة برلمانية لأخرى بداية من عام 1995 مع بداية حملة الاصلاح الاقتصادي التي دعا لها الحزب الوطني المنحل. والثابت أن أكثر رجال الأعمال وجودًا بالبرلمان كان محمدأبوالعنين، رئيس مجلس إدارة شركة كليوباترا جروب ورئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب السابق، بعد أن عيّنه الرئيس مبارك في برلمان عام 1995 –وهو أول برلمان يشهد حضور ولو كان خافتًا لرجال الأعمال-، وفقًا لنص القانون رقم 38 لسنة 1972 -آنذاك- الذي يقضى في مادته الأولى بأن يتالف مجلس الشعب من 444 عضوا يختارون بطريق الانتخاب المباشر السرى العام، بالإضافة لعدد من الاعضاء يعينهم رئيس الجمهورية لا يزيد على 10. وفي برلمان عام 2005 حصل على تأييد 88% من أبناء الجيزة، هو رقم غير مسبوق جعله الأول على مستوى الجمهورية في نسبة التأييد، وفي برلمان الصناعة والطاقة، و الاسكان والمرافق العام ببرلمان (2000-2005)، و وحصل على جائزة أفضل نائب معين بمجلس الشعب على مدى 50 عامًا، وثاني أفضل نائب منتخب، في استفتاء شعبة المحررين البرلمانيين بنقابة الصحفيين، كما أنه فاز بانتخابات 2010 (برلمان العار كما يطلق عليه) بإجمالي أصوات بلغ 26310 صوت. وعقب الثورة، تنفس المصريون الصعداء، خاصة بعد أن زج بعدد من رجال الأعمال في السجون، على خلفية قضايا فساد كبرى وإهدار للمال العام، فيما قام آخرون برد ما حصلوا عليه من أموال وأراضي بصورة غير شرعية مستغلين نفوذهم وقربهم من مؤسسة الرئاسة. يبحث رجال الأعمال الآن عقب الثورة، عن دور لهم في مصر الجديدة، فراح بعضهم يخرج من جلباب الاقتصاد لجلباب السياسة الرحب، أبرزهم المهندس نجيب ساويرس، مؤسس حزب "المصريين الاحرار" الذي أعلن استقالته من رئاسة مجلس إدارة شركة "اوراسكوم تليكوم" للتفرغ لحزبه، ويجمع الحزب ذاته مجموعة من رجال مجتمع الأعمال، أبرزهم هاني سري الدين، رئيس هيئة سوق المال الأسبق، وأسامة مراد، رئيس مجلس إدارة شركة آراب فاينانس، بالاضافة إلى 16 رجل أعمل يمولون الحزب، ولا يتدخلون في شئونه كما أكد القائمين عليه أكثر من مرة. بالاضافة لحزب المصريين الاحرار، فإن حزب العدل أيضًا يحتوي على العديد من رجال الأعمال ، أبرزهم هشام الخازندار، العضو المنتدب بمجموعة القلعة، وهشام أكرم، العضو المنتدب لشركة مدينة نصر للإسكان، وهي واحدة من أكبر شركات قطاع العقارات المدرجة بالبورصة المصرية، ويقوم بتمويل الحزب كل من كريم العسال، مؤمن الحسينى، حاتم الدهان، وليد عليم، هشام فاروق، أحمد فهيم، عازر فرج، شهاب مرزبان، طارق خليل، محمد العديسى، طارق نجارة، وعمر المراغي. كما أسس رجل الأعمال "رامي لكح"، عضو مجلس الشعب السابق، حزب يحمل اسم "مصرنا"، كما أسس د.نبيل دعبس حزب "مصر الحديثة"، والذي يعده شباب الثورة أحد أحزاب الفلول إبان الثورة. وفي المقابل، لجأ عدد من رجال المال لدعم مرشحي الرئاسة، سواء ماديًا أو معنويًا، بما ينذر لوجود دور حتمي وفعّال لرجال الأعمال في مصر الجديدة، مما يقلق جموع المصريين، ويجعلهم يهابون عودة أسطورة الحزب الوطني من جديد، سواء من قبل رجال الأعمال المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، أو رجال الأعمال السلفيين، أو حتى رجال الأعمال المنتمين لأحزاب ليبرالية كبرى، فضلا عن رجال الأعمال الداعمين لمرشحي الرئاسة. اقرأ في الحلقة القادمة : - حقائق دعم "محمد مؤمن" لسليم العوا..