بدأت أمس، بالعاصمة السودانية الخرطوم، اجتماعات وزراء مياه النيل الشرقى بمشاركة 54 مسئولاً مصرياً وسودانياً وإثيوبياً لمناقشة التوصل لحل خلافات سد النهضة الإثيوبى. وطالب الدكتور حسام مغازى، وزير الرى، فى كلمته بالرد على تساؤلات بشأن معدلات أمان السد وسعته وما يتعلق بسنوات الملء والتفريغ، بينما شدد الوزير الإثيوبى فى كلمته على أنه لن يتم التطرق لأى محاور أخرى غير تنفيذ توصيات اللجنة الثلاثية الدولية بتشكيل لجنة لاستكمال الدراسات الخاصة بالسد. وقال الدكتور حسام مغازى، وزير الموارد المائية والرى، خلال كلمته إن «مصر تعول على دعم قوى من جميع الأطراف من أجل التوصل إلى اتفاق يمكن أن يحقق الرفاهية لجميع دولنا لإعطاء مثال للعالم أجمع أن المياه تُعد حافزاً للتعاون وليست مصدراً للصراع، وإن لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس عمر البشير بالخرطوم واجتماعه مع رئيس الوزراء الإثيوبى هيلى مريم ديسالين فى مالابو تُعتبر سبباً فى عقد هذا الاجتماع». وأضاف مغازى أنه «تحت هذه المظلة، وضمن مناخ من الروح الإيجابية السائدة، فإننا نأمل أن تكون نتائج هذه المفاوضات مساعدة لنا فى وضع أرضية مشتركة لحقبة جديدة من التعاون بين الدول الثلاث يكون منها الخير للجميع، ويمكن أن يكون المشروع نواة للتعاون الاستراتيجى بين بلادنا بدلاً من أن يكون مصدراً للتوتر، ويكون نموذجاً يحتذى به فى الموضوعات المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود». وشدد وزير الرى على أن التعاون والتنسيق هما أفضل الطرق لتحقيق الأهداف الإنمائية فى إقليم حوض النيل، لتحقيق المنافع المشتركة وتجنب الآثار الضارة للجميع، معرباً عن أمله فى التغلب على باقى الموضوعات العالقة، خاصة أن «شعوبنا تتطلع لتعاوننا المثمر ونتائج مفاوضاتنا، ولذا فإن علينا استئناف ما بدأناه بالفعل منذ عامين فيما يخص مشروع سد النهضة». وأوضح مغازى: «هناك احتياج لإعداد بعض الدراسات طبقاً لتوصيات التقرير النهائى للجنة الدولية للخبراء، وذلك فى إطار التأكد من أن أى مشروع للمياه على نهر النيل أو روافده سيخضع لدراسات مستفيضة من جانب المنتفعين والدول المتأثرة استناداً إلى المعايير الدولية والممارسات الشائعة، مع أهمية الوضع فى الاعتبار عامل الوقت كعامل ضاغط وهام». وأضاف: «على الرغم من التحديات الاقتصادية التى واجهتها مصر فى السنوات القليلة الماضية، فإنها لم تكن أبداً، ولن تكون، ضد تنمية إخواننا بدول حوض النيل ما داموا يهدفون إلى تحقيق التنمية المشتركة والمستدامة من النهر والإدارة المتكاملة لموارده المائية من أجل تحقيق المنافع المتبادلة وتحقيق الرخاء لشعوبنا، وهو خير شاهد على حسن نوايا مصر»، مشيراً إلى استمرار الجهود المصرية على الصعيد الثنائى مع دول حوض النيل. وأكد مغازى أن «ظروف مصر الخاصة جداً توضح أننا نعانى من الجفاف وندرة مياه الأمطار، ونعتمد كلياً على مياه النيل من قديم الزمن، وبكوننا متخصصين فى المياه قبل أن نكون سياسيين، فإننى أعتقد أن جميعكم كأصدقاء وأشقاء تشاركوننا نفس المخاوف بشأن تأثير عمليات بناء، وملء وتشغيل مشروع سد النهضة على دول المصب». وقال مغازى، فى تصريحات للصحفيين عقب الجلسة المغلقة الأولى، إن سير المفاوضات مُرضٍ، وإن جميع الأطراف تبدى حرصها على السعى لإنجاحها، وأضاف أنه سيتم عقد عدة جلسات لاحقة لاستكمال المناقشات الخاصة بتشكيل اللجنة الفنية للدول الثلاث المنوط بها تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، وكذلك وضع خارطة طريق لكيفية قيام اللجنة الوطنية بعملها. من جانبه أعرب وزير الموارد المائية والطاقة الإثيوبى، أليماهو تيجنو، عن استعداد بلاده للاستخدام المتساوى لمياه النيل دون إلحاق أى ضرر بأى طرف، وخاصة مصر والسودان، مؤكداً استعداد بلاده أيضاً لتعزيز التعاون الحقيقى والبنّاء بين القاهرةوالخرطوموأديس أبابا. وأشار الوزير الإثيوبى إلى أن المفاوضات الحالية هى فرصة لتطوير التعاون مع الشقيقتين مصر والسودان، لصالح شعوب الدول الثلاث ودول حوض النيل. وقال «تيجنو»، فى كلمته خلال افتتاح اجتماعات سد النهضة بالخرطوم، إن مشروع سد النهضة يشكل محوراً للتنمية، ويساهم فى تخفيض وطأة الفقر فى المنطقة، معرباً عن استعداد بلاده للعمل بشفافية وصدق وتعاون مع مصر لإنجاح المفاوضات، وعدم إلحاق الضرر بدولتى المصب. وأضاف: «ليس لدينا رغبة فى إلحاق الضرر بمصر والسودان»، مشيراً إلى أن الاجتماعات الحالية سوف تنهى الخلافات حول النقاط العالقة، مشيداً بدور السودان فى إدارة الحوار بين الدول الثلاث. وشدد على أهمية تشكيل لجنة للخبراء الوطنيين لتنفيذ خارطة طريق تقرها الدول الثلاث طبقاً للمواعيد المحددة، تمهد الطريق لإنهاء حالة الخلاف القائمة حالياً، مؤكداً ثقته فى قدرة المفاوضين على تحقيق تطلعات الشعوب الثلاثة. وأوضح أن مصر وإثيوبيا والسودان اتفقت مسبقاً على وضع آلية لتنفيذ التوصيات النهائية الخاصة باستكمال الدراسات المتعلقة بسد النهضة، وأن كل الأطراف قدمت خلال الاجتماعات الثلاثة التى عُقدت فى الخرطوم فى ديسمبر ونوفمبر ويناير، مقترحات من أجل تنفيذ تلك التوصيات، مشدداً على أهمية التركيز، خلال جولة المفاوضات الحالية، على تشكيل لجنة الخبراء الوطنيين لاستكمال الدراسات وتنفيذها، مع الأخذ فى الاعتبار ما تم التوصل إليه خلال الاجتماعات السابقة. وأضاف «تيجنو» أنه يجب تركيز التفاوض على مناقشة القضايا الخلافية الرئيسية بدلاً من التطرق إلى موضوعات من شأنها أن تستغرق وقتاً أكثر، بينما نسعى لأن ننتهى من تلك الدراسات فى أقصر وقت ممكن. وأشار إلى أن حكومة بلاده قدمت ما يزيد على 170 بحثاً حول سد النهضة لتسهيل عمل لجنة الخبراء الدولية، مشدداً على التزام بلاده بتنفيذ توصيات تقرير اللجنة الدولية، وأنه فيما يتعلق بقواعد أمان السد، فقد قامت هذه الدراسات بمراعاتها وتنفيذها. وناشد الوزير الإثيوبى أن تثمن القاهرة التزام إثيوبيا بتنفيذ نتائج تقرير لجنة الخبراء الدوليين، مشيراً إلى تقدير حكومة أديس أبابا للبيان المشترك لقادة الدول الثلاث، فيما يتعلق بضرورة التعاون بينهم. وأشاد بما تم الإعلان عنه عقب لقاء هيلى مريام ديسالين، رئيس الوزراء، والرئيس عبدالفتاح السيسى، على هامش القمة الأفريقية بعاصمة غينيا الاستوائية ملابو نهاية يونيو الماضى، وضرورة تواصل النقاش بين الدول الثلاث باستكمال تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية. وحرص الوزراء، خلال فترة الاستراحة التى أعقبت الجلسة الافتتاحية، على التواصل فيما بينهم وكذلك مع وسائل الإعلام، وهو ما علق عليه بعض الذين حضروا مثل هذه الاجتماعات من قبل بأن هذا التواصل لم يحدث فى الاجتماعات السابقة التى كانت تتسم بالتوتر والحذر من قبَل الوزيرين الإثيوبى والمصرى. وأكد السفير معتز موسى، وزير الموارد المائية والكهرباء السودانى فى كلمته، ضرورة أن نعمل معاً على تعزيز حسن الجوار بين الدول الثلاث للاستفادة من مياه النيل لتحقيق مصالح شعوب الدول الثلاث دون إلحاق أى ضرر بأى دولة لضمان أحداث التنمية الإقليمية وإعادة تحديد الأولويات وتقاسم الفوائد من النيل من خلال الاحترام المتبادل بين الدول الثلاث، وأن التفاوض هو الطريق الوحيد لحل الخلافات. وأوضح أن السودان يتطلع إلى تعاون شامل لحل القضايا الخلافية بروح من التعاون بدلاً من انعدام الثقة، لافتاً إلى أن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تمر بها مصر والسودان وإثيوبيا تمثل فرصة لحل هذه الخلافات وإحداث تعاون مزدهر. وشدد موسى على التزام السودان بتعزيز وضمان وتطوير ونهضة دول حوض النيل، وخاصة دول حوض النيل الشرقى التى تضم الدول الثلاث، وضرورة إنهاء الخلافات والتوصل إلى اتفاق بين دول الحوض. وأشار موسى إلى أن الدول الثلاث قامت بجهود جبارة خلال المفاوضات السابقة التى استضافتها الخرطوم، مشدداً على ضرورة التركيز على مصالح الدول الثلاث وتوافر حسن النية لدى جميع الأطراف للمساعدة فى إنجاح المفاوضات الحالية، مشيراً إلى أن السودان يقدّر أن مصر وإثيوبيا لهما الحق فى بعض التحفظات ويجب مراجعة الآراء للتوصل إلى تفاهمات مشتركة ولحل أى خلافات عالقة بين القاهرةوأديس أبابا.