كشف الدكتور محمود محيي الدين المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، تفاصيل 5 قضايا رئيسية حظيت باهتمام المشاركين في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي، في وقت سابق هذا الشهر، وعلى رأسها التفاوت في توزيع لقاح كورونا. وحول كواليس اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي، قال «محيي الدين»، في تصريحات صحفية، اليوم الإثنين، إنَّه بالنسبة لما دار من موضوعات مهمة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، يمكن تقسيمها إلى 5 موضوعات رئيسية، الموضوع الأول يتعلق بطبيعة الحال بالتعامل مع الأزمة الصحية العالمية، وجاء التركيز على مسألة إتاحة اللقاح، لأنَّه حتى هذه اللحظة هناك تفاوت شديد في إتاحة اللقاح، وذُكر وقتها في أثناء الاجتماعات أنَّ 10 دول مسؤولة عن إتاحة اللقاح بنسبة 70% في العالم، في حين أن هناك عدد من الدول النامية لم تحصل على أي لقاح حتى وقت الاجتماعات. ينبغي التعامل مع التفاوت في توزيع لقاح كورونا وأضاف «محيي الدين» في تصريحاته: «هذا النوع من أنواع التفاوت ينبغي التعامل معه، لأن هناك عوائق مالية، بما في ذلك ما تحتاجه آلية توزيع اللقاح تحت إشراف منظمة الصحة العالمية، وهناك مشكلات تتعلق بالإنتاج والتوزيع، ومشكلات استراتيجية، علماً أنَّه في شهر أكتوبر الماضي، تقدمت الدول النامية بطلب للسماح المؤقت من القيود الخاصة بالملكية الفكرية، لكن قوبل طلبها بالرفض، وهناك معاودة لهذا الموضوع مرة أخرى، لأن هذا الأمر يحتاج إلى تعاون دولي ضخم، ليس بمجرد الحديث لكن بإجراءات فعالة، والفهم لهذا الشأن يجب أن يكون من قبل الدول المتقدمة، لأن المسألة ليست من باب التعاون الدولي فقط، لكن توفير اللقاح تؤدي إلى تحقيق الضمانات الكافية لسيطرة العالم أجمع بما في ذلك الدول المتقدمة والنامية بغض النظر عن الجغرافيا على الوباء، وبدون توفير اللقاح ستكون هناك مشاكل حتى للدول التي تكون قد أمنت نفسها بلقاحات تتجاوز أعداد سكانها عدة مرات في بعض الأحوال». نسبة الحزم المالية المناسبة للتعافي الاقتصادي تجاوزت 12% من الدخول القومية والناتج المحلي وعن الأمر الثاني الذي حظي باهتمام اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي، تابع «محيي الدين» قائلاً إنَّها «مسألة التعافي، وقدرات الدول المختلفة على القيام بضخ تمويل من إنفاقها العام ومن التيسير النقدي، يساند عملية التعافي، وهناك أرقام بأن الدول المتقدمة اقتصادية، كانت نسبة الحزم المالية المناسبة للتعافي الاقتصادي تجاوزت 12% من دخولها القومية والناتج المحلي، بينما كانت قدرات دول الأسواق الناشئة أنفقت وفقاً لقدراتها في حدود أقل من 4%». الدول الأقل دخلاً أنفقت 2% من الناتج المحلي لمواجهة كورونا وأردف المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي قائلاً: «أما الدول الأقل دخلاً من الدول النامية أنفقت أقل من 2% وهذا سوف يؤثر على إمكانية التعافي السريع ومعاودة الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية للحركة، ومساندة الأنشطة والمشروعات الاقتصادية الحيوية للخروج من الأزمة، ويؤثر على التوقعات الخاصة بمعدلات النمو الاقتصادي، علماً أنَّ النمو المتوقع لهذا العام حوالي 6% بعد انكماش بلغ 3.3%، والولاياتالمتحدة تتوقع 6.4% نمواٌ اقتصادياً هذا العام، والصين تتوقع 8%، وكذلك الحال لجيرانها في الاقتصادات النامية في آسيا حيث الرقم المتوقع أكثر من 8%، بينما الشرق الأوسط وأفريقيا، فالنمو المتوقع يتراوح بين 3 و4% في المتوسط، وأوروبا 4.4% ولن تعوض دولها انكماش العام الماضي، و4.6% لدول أمريكاالجنوبية، والواضح من ذلك أن هناك تفاوت جديد، يعبر عن تفاوت كبير بين الدول في مواجهة الأزمة، وحتى القطاعات داخل الدول ستتفاوت فيما بينها في التعافي، وكل ذلك يجعلنا نراجع القطاعات الأولى بالمساندة للعمل والتشغيل في المرحلة المقبلة». مخاوف من أزمة ديون رابعة وفيما يخص الموضوع الثالث الذي كان محل اهتمام اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي، أكّد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، أنَّه يتعلق بالديون والسيولة العالمية، مبينًا أنَّ العالم حالياً بصدد مواجهة موجة رابعة من الديون، ونعلم أن الموجات الثلاث الماضية انتهت بأزمات، وما نتمناه ألا تنتهي الموجة الرابعة بالأمر ذاته، فتراكم الديون في أمريكا اللاتينية في ثمانينات القرن الماضي انتهى بأزمة، وكذلك الأمر بالنسبة لديون دول جنوب شرق آسيا في التسعينات، وهناك الأزمة المالية العالمية في 2008 كانت بسبب تراكم الديون. العالم بحاجة لإتاحة السيولة المالية ذات ال650 مليار دولار وأوضح «محيي الدين»، أنَّ المرجو هو مضاعفة الجهود الخاصة لمواجهة تداعيات تراكم الديون، منوهًا إلى أنَّ هناك حالات كثيرة من التعثر تطلب توفيق الأوضاع، وأغلبها كان سابقاً على الجائحة، وهذه مسألة مهمة، وينبغي إتاحة السيولة المالية الدولية ذات ال650 مليار دولار، وزيادة إصدارات حدود السحب الخاصة، وهي ستتيح لعدد من الدول زيادة السيولة لديها وملائتها المالية، وهذا الرقم يعادل 95% من حصص الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي، وبالنسبة لمصر ستزيد حصتها بحدود 2.8 مليار دولار، وهذا سيضاف للاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر، حتى يتم استخدامه من قبلها. الدول متوسطة الدخل تحتاج صندوق مساندة وأشار «محيي الدين» إلى أنَّ هناك ضرورة لمواجهة تلك التراكمات قبل تفاقهمها، والمبادرات التي قامت من مجموعة العشرين استهدفت بالأساس الدول الأكثر فقراً، ولم تحظ الدول متوسطة الدخل بأي ترتيبات أو تيسيرات على الإطلاق ما يجعلنا أمام فخ الوسط الجديد، والدول متوسطة الدخل ليس لها حظ من المساندة، وهذا يدعوني للدعوة إلى تأسيس صندوق خاص لمساندة هذه الدول داخل صندوق النقد الدولي، على غرار صندوق الدول الأقل دخلاً. تسوية حالية لمديونيات السودان بعد عقود من التعثر وتابع المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي: «في الإطار ذاته، يمكن النظر إلى مساندة دولة السودان الشقيق، فنحن نعلم أنها عانت طوال سنوات من سوء الإدارة الاقتصادية، ولم تكن مدرجة في إطار التعاون الدولي بعد تعثرها في سداد مستحقاتها وتراكم مديونياتها، لكن هناك تقدير دولي الآن لما تقوم به الحكومة الحالية من إصلاحات، وهي جهود استوجبت المساندة الدولية، وقد ساعدتها في تسوية مديونياتها القديمة والمتعثرة بما يؤهلها الآن كي تحصل على تمويل جديد وتعاون فني داعم لبرامج الإصلاح السودانية». الأهم تحريك النشاط الاقتصادي في هذا البلد العربي وأوضح «محيي الدين»، أنَّ هناك جهود لسداد الديون القديمة للسودان، ومصر تساند بشكل مطلق جهود السودان الشقيق في الإصلاح والتطوير والتنمية وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، متابعًا «نؤكّد على ذلك في الاجتماعات المخصصة لمناقشة هذا الأمر وفي كل محفل لحث الدول للقيام بالمساندة المالية المطلوبة، والسودان لديه فرصة تاريخية للقيام بنقلة نوعية في إدارة سياسته الاقتصادية، ويحقق المزيد من النمو والتنمية، وكان هناك عدة اجتماعات بهذا الشأن وشاركت في أحدها بدعوة من وزارة المالية والخزانة الأمريكية وبحضور وزراء سودانيين، منهم وزير المالية والتخطيط السوداني جبريل إبراهيم، ونتطلع للتعاون بين السودان والمؤسسات الدولية، وأرى أن الدول الأعضاء في نادي باريس تقدم مبادرات مهمة لتسوية المديونيات القديمة والأهم تحريك النشاط الاقتصادي في هذا البلد العربي». التحول الرقمي هام للغاية واستكمل المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي: «بقي موضوعان من الموضوعات المهمة، وأتصور أنها ستشكل طبيعة الحوار الاقتصادي التنموي في المرحلة القادمة، وهما: موضوع التحول الرقمي، وهناك اهتمام منذ سنوات، وله تأثيرات على مجمل الاقتصاد وله أبعاد أمنية مهمة، وتأثيره على الشمول المالي أمر غير منكور، وهناك دول حققت نقلات نوعية في مد الخدمات المالية لجموع الناس بالاستفادة من البيانات والشبكات لتحسين تقديم الخدمات للجماهير ومتابعة النشاط الاقتصادي، وكفاءة تحصيل إيرادات الدولة وتحسين الإنفاق العام وحسن توجهيه، والأمر الهام هو دور مرتقب للعملات الرقمية التي تصدرها البنوك المركزية، وهنا يجب التفريق بين العملات الرقمية وبين الأصول الرقمية المشفرة مثل بيتكوين، فنحن نتحدث عن عملات رقمية تصدرها بنوك مركزية لدول ذات سيادة». عملات رقمية خلال 5 سنوات وأشار المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، إلى أنَّ هناك تقديرات أنه خلال من 3 ل5 سنوات، سيتمّ إصدار عملات رقمية مصدرة، وهذا سيؤثر على كثير من الأنشطة، بما فيها المصارف نفسها، وعلى البنوك من الآن الاستعداد لذلك، والتفكير في تقديم خدمات مالية مهمة، وتتنافس فيما بينها في خدمات الادخار والائتمان، وتأخذ هذه الخدمات شكل أكثر تطوّراً مما عهدناه، وهناك حاجة لمناقشة ذلك، وهو ما سيجعل من الذهاب للبنوك غير مهم، حيث ستتمّ الخدمات عبر الهواتف المحمولة والتطبيقات، والأعوام الخمسة المقبلة ستشهد تطورات نوعية في إدارة السياسة النقدية وأعمال البنوك وتؤثر على النشاط الاقتصادي في مجمله، وتداعيات مهمة على تأمين هذه النظم التي ستشهد تحولات كبيرة. صفر انبعاثات وواصل المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي: «الموضوع الخامس والأخير، هو الاستدامة، وتشمل تغيرات المناخ والأبعاد البيئية المختلفة، والتنوع البيولوجي وتغيراته حول العالم، وتشمل أيضاً ارتباطها بأهداف التنمية المستدامة مثل مكافحة الفقر وتوفير فرص العمل وإتاحة المياه والطاقة والتعليم، وتحقيق المساواة، واعتبارات الحوكمة، وكل هذه الأمر هناك اهتمام بالفعل بتغيرات المناخ خاصة بعد عودة الولاياتالمتحدة حالياً لاتفاقية باريس للمناخ، من قبل الإدارة الأمريكية الحالية، والتي دعت قبل يومين لمؤتمر حول تغيير المناخ وشاركت فيه 40 دولة، واتفقت على تعهدات مهمة منها تقليل الانبعاثات إلى صفر انبعاثات، والحفاظ على المناخ ومنع الزيادة في سخونة الأرض كلها أمور مهمة، إلى جانب توفير الموارد المائية للحفاظ على البيئة والغذاء، ويرتبط بها استثمارات هامة مثل الطاقة المتجددة، مثل مشروع بنبان في أسوان، ومشروع الرياح في الزعفرانة، والاعتماد على مصادر ليست لها تأثيرات سلبية على البيئة». واختتم المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي تصريحاته قائلاً إنَّ «هناك اهتمام كبير بالاستثمارات في السيارات الكهربائية وهو ما يخلق نقلة نوعية في طبيعة التقدم والتغير والتأثير التكنولوجي في هذا المجال أمر مهم، ولكن بالنسبة للدول النامية، يجب عليها أن تضعها في سياستها للتنمية المستدامة، ويجب التركيز على وضع تغيرات المناخ مع الأهداف الأخرى الخاصة بالتعليم والصحة ومكافحة الفقر لدى الدول النامية، وهذا كله يحتاج تمويل واستثمار، ولا يجب التعويل فقط على تعهدات بعض المؤسسات التمويلية التنموية التي تمنح تمويلاً في شكل قروض فقط، والأولى هو التنويع في الطاقة كما تفعل دول مثل مصر، بما يقلل الانبعاثات، ويطور البنية التحتية».