احتفى وانتشى الكثيرون بالتعليق المصرى على المظاهرات التى شهدتها ولاية «ميزورى» الأمريكية احتجاجاً على مقتل مواطن أسود على يد شرطى أمريكى، والحفاوة والنشوة أمر له ما يبرره فى ضوء حالة المكايدة السياسية التى تشهدها العلاقات المصرية الأمريكية منذ سقوط حكم «مرسى» وجماعة الإخوان فى 30/6/2013، لكن من الحكمة ألا يشتط البعض فى الأمر فيصف مطالبة الخارجية المصرية الإدارة الأمريكية بضبط النفس والتعامل السلمى مع المتظاهرين بالصفعة التى نجحت مصر فى توجيهها إلى الأمريكان. فمثل هذه الملاسنات أو البيانات أو التصريحات لا تعدو أن تكون مجرد استهلاك إعلامى لا يستهدف شيئاً أكثر من «المناكفة» وفقط. وهو حيلة من لا يملك رداً أو سلوكاً فاعلاً على من يكايده أو يناكفه! العجيب فى أمر من اشتطوا فى البهجة والفرحة بالتعليقات الرسمية المصرية على مظاهرات «ميزورى» هو عدم الالتفات إلى أن مصر ردت بطريقة شديدة السذاجة على مكايدات الإدارة الأمريكية لها، كان موقفنا أشبه بحال شخص قال له آخر: «أنت قبيح»، فلم يكترث بدفع التهمة عن نفسه ليثبت له العكس، بل رد عليه قائلاً «ما انت كمان قبيح»!.. أو قال له كما يرد الأطفال: «أهو انته»! فالولاياتالمتحدةالأمريكية تتهم الحكومة المصرية بقمع المتظاهرين، وبدلاً من أن ترد الحكومة على ذلك بما يؤكد أنها لا تفعل، ردت على الأمريكان بمنطق «طب ما انتو كمان أهه بتقمعوا المتظاهرين»، وهى إجابة تحمل فى طياتها اعترافاً من الحكومة المصرية بأنها تمارس القمع، وعذرها فى ذلك أن الكل يقمع، وأن شأنها شأن غيرها من الحكومات بأمارة «مظاهرات ميزورى». وهو أداء يستند إلى نظرية «لا تعايرنى ولا أعايرك؛ الهم طايلنى وطايلك»! وقد ظن البعض أن حكومتنا الرشيدة «علّمت» بهذا الموقف على «أمريكا»، فى حين أنها ثبتت التهمة على نفسها من حيث لا تدرى.. أليست تلك سذاجة؟! أتفق مع من يذهب إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية كايدتنا وحاولت الضغط علينا طيلة العام الماضى، وأنها عاندت إرادة الشعب الذى نزل بالملايين فى 30/6 للمطالبة بإقصاء الإخوان عن الحكم، لكننى أختلف مع هذا الأسلوب الساذج فى الرد عليها. فلدى صانع القرار أوراق كثيرة للضغط على أمريكا، يتعلق بعضها بالتعاون الأمنى وبعضها بامتيازات تحصل عليها الولاياتالمتحدة فى عبور قناة السويس، وغير ذلك. بإمكان مصر أن تستغل هذه الأوراق فى إدارة علاقتها بالأمريكان فى عالم تتأسس العلاقات بين الدول التى تعيش فى ظلاله على المصالح. المصالح وفقط. والكل يعلم أن هناك مصالح متعددة ومتنوعة تربط بين الولاياتالمتحدة ومصر. ولو كان البعض قد نسى فليذكر ذلك التصريح الذى جاء على لسان وزير الخارجية السابق نبيل فهمى وذكر فيه أن العلاقة بين مصر والولاياتالمتحدة علاقة زواج وليست نزوة أو علاقة «ليلة واحدة» (وكان ذلك بعد 30/6). وهو أمر يفهمه أبسط مواطن فى مصر، ويعلم أن الأزواج كثيراً ما تقع بينهما مشاكل، ولكن ما أسرع ما يتصافيان لتعود المياه إلى مجاريها. بلاش ضحك على دقن مواطن يفهم جيداً أن «مصارين البطن بتتخانق»!