سألت أحد القانونيين عن إمكانية إقامة دعوى لإلغاء القرار "الهزلى" بتعاقد الحكومة المصرية مع شركة "لوبى" صهيونية (جلوفر بارك) لتجميل صورة الحكومة لدى الإدارة الأمريكية فقال: أن الحكومة سوف تدفع بإنه من أعمال السيادة والتى لايجوز إلغائها.. وهو أمر يثير عشرات علامات التعجُّب إذ أن الحكومة الحالية عندما إتهمها البعض فى مصر وخارج مصر بالإنقلاب، دافعت بإنها جاءت بناء على قرار شعبى وهو صاحب السيادة، ونعتقد إنه حتى بفرض صحة هذا المنطق فإن كل من فوض الحكومة لم يوافق أو يدر بخلده أن التفويض سيصل إلى حد الإستعانة بالعدو الصهيونى، كما إنه من العجيب أن يأتى هذا التفويض فى وقت يقوم فيه البعض بجمع توقيعات لإلغاء المعونة الأمريكية، وإعلان عدد من الوزراء عن الترحيب بإلغاء المعونة، وبصرف النظر عن عدم قيام هؤلاء أو غيرهم بجمع توقيعات تطالب بإلغاء المعونة الأمريكية فإنه من الواضح إن التعامل مع الشركة الصهيونية أكثر ضررًا من المعونة الأمريكية والسؤال ماذا لو كانت قرارات الحكومة فى مصر تتعلق بموقف مضاد لإسرائيل مثل الإحتجاج على إختراق المجال الجوى، أو قتل جنود مصريين، أو أعمال تخريب فى المسجد الأقصى.. هل يعتقد أحد أن الشركة الصهيونية سوف تجمّل وجه الإدارة المصرية على حساب إنتمائها الأصلى وهو الإنتماء الصهيونى؟ أم إنها ستنصح الحكومة المصرية بعدم إتخاذ مثل هذه القرارات والإحتجاجات من الأساس أو على الأقل قبل الرجوع إليها.. عفوًا إلى سيادتها؟ وهل فكّر أحد فى أن تشمل التعديلات الدستورية وضع معايير لأعمال السيادة إذا هدّدت المصالح المصرية والأمن القومى حتى لو كانت من أجل تجميل وجه الحكومة خاصًة أن المصالح المصرية أهم وأبقى من الحكومات المتغيرة وكيف تستعين الحكومة المصرية بشركة أجنبية فى وقت لديها جيش من السفراء والقناصل والمكاتب الثقافية والإعلامية وجيوش أخرى ممن يطلق عليهم القوى المدنية والشعبية تسافر إلى هنا وهناك كل يوم؟ وهل هناك فائض من الأموال والتى تقدر بملايين الدولارات للتعاقد مع مثل هذه الشركة فى وقت ينام المواطنيين فى المقابر وتحت الكبارى؟ وأليس أجدى لتجميل وجه الحكومة صرف هذه الأموال على حاجيات الشعب المطحون، وفى الوقت نفسه يكون لديها مشروع لإتخاذ موقف جاد -وليس من خلال الشعارات الرنّانة التى تطلقها- ضد العدو الصهيونى؟ أما عن الناحية المهنية الصحفية فجدير بالذكر أن "الشروق" -وليست الجزيرة- كانت صاحبة السبق فى الكشف عن ملابسات هذا العقد المشبوه، ويلاحظ أن التقرير الصحفى للشروق تضمن تعاقد الشركة المشبوهه مع الحكومات المصرية طوال عهد مبارك ثم المجلس العسكرى ثم الحكومة الحالية، وكان الإستثناء الوحيد هو فترة حكم الدكتور مُرسى. اما العجيب فهو تصريح مسئول بالخارجية بان الاخوان كانوا ايضا يتعاقدون مع شركات امريكية لنفس الغرض ولكن من خلال الجماعة وليس من خلال الحكومة، وهو تصريح ومبرر عجيب فحتى لو افترضنا تورط الاخوان فهل يكون هذا مبررا لاستمرار الخطأ وفقا لمعيار "كلنا فى الهم سواء" أو المثل الشعبى " لا تعايرنى ولا اعايرك الهم طايلنى وطايلك " وبالطبع لم يقل مسئول الخارجية من هى الشركة التى تعاقدت معها الاخوان وهو ما يعنى ان كلامه "طق حنك " وحديثنا ليس دفاعا عن الاخوان ولكنه بيانا للواقع. أننا نطالب بتكاتف الرأى العام المُخلص للوطن والمناهض بجد لأمريكا واللوبى الصهيونى بإتخاذ كافة سبل الإحتجاج من إقامة الدعاوى وتنظيم المظاهرات السلمية والوقفات الإحتجاجية بل والإعتصامات والإضرابات وجمع التوقيعات حتى يتم إيقاف هذا القرار المُريب والذى تأتى تكلفته المالية والوطنية على حساب الشعب وكرامته.. فأعمال السيادة يجب أن تكون للشعب المصرى وليست للشركة الصهيونية. علمًا بأن تراجع الحكومة عن مثل هذا القرار سوف يجمّل وجهها ألف مرة على الأقل لدى الشعب المصرى، ويجمّل إحترامها لدى أمريكا والعالم كله والذى لايحترم سوى الأقوياء. إن أعمال السيادة يجب أن تكون مصرية خالصة وليست أمريكية صهيونية.