أجدنى مضطرا إلى تأجيل تتمة المقال السابق عن الإخوان والحركات الاحتجاجية بعد الحلقة المهمة التى قدمها الإعلامى الأستاذ خيرى رمضان واستضاف فيها المفكر والعالم الأزهرى الدكتور أسامة السيد الأزهرى والداعية البارز الحبيب على الجفرى، والأستاذ معز، وهى أطول حلقة فى قناة cbc، ويجرى ترجمتها لتقدم للغرب الأنموذج الذى يحتذى فى التعريف بسيد الخلق ودعوته ومنهجه. الذى يجب أن نتوقف عنده أن قنوات كثيرة استضافت عددا ممن يطلق عليهم المشايخ للحديث عن الأزمة، وخيرى رمضان نفسه استضاف قبل الحلقة بأيام شخصا يتحدث عن الرسول الكريم وشرعه، لكن شتان بين هذا وذاك، لقد بلغ البون بين فريقين يتحدثان عن الرسول وهديه إلى أن نعتقد أن هؤلاء يتحدثون عن رسول وهؤلاء يتحدثون عن رسول آخر، ولا صلة بين الرسولين. لا يمكن أن يكون النبى الذى تحدث عنه ضيف برنامج ممكن هو بذاته النبى الذى تحدث عنه الأزهرى والجفرى ومعز مسعود، لقد تبارى مشايخ فى تقديم رسالة الرسول بصورة فجة غليظة متزمتة، جاءت لتضيق على الخلق، والتشديد عليهم فى شتى شئونهم الحياتية لا الرحمة بهم والشفقة عليهم. إنه غثاء وعبث وتلاعب غير أخلاقى بمشاعر العوام عندما يطالب داعية مشهور بقتل منتجى الفيلم المسىء، ثم يستدرك تلميذه فى لقائه مع خيرى رمضان أن القتل لا يكون إلا لولى الأمر! فأى حل هذا الذى نتصور فيه ولى الأمر وهو هنا (الرئيس أوباما والرئيس الفرنسى) يقومان بقتل صانعى الفيلم ومحررى المجلة؟! أى عقل هذا الذى يخاطبونه؟ وأى نبى هذا الذى يشوهون سنته من حيث يريدون نشرها؟! وفى المقابل المحمدية والجدية والفهم والاستيعاب ومراعاة الواقع والإحساس بالمسئولية حين يتبارى الأزهرى والجفرى ومسعود وعلى وجوههم البشر والسماحة، ليرد هذا على شبهات الغرب شبهة شبهة، والثانى يصف عدالته وسماحته وأخلاقه وذوقه ومعاملته الراقية للخلق جميعا، والثالث يشرح العقلية الغربية وتفكيرها وفلسفتها وكيفية الرد المتزن عليها. ثم مداخلة مفتى الجمهورية د. على جمعة، وربطه بين ما يحدث وبين خطة تقسيم مصر إلى جنوب للمسيحيين وشمال للمسلمين، ومبادرته التى جعلت اسم دار الإفتاء يتردد الآن فى 74 دولة؛ حيث نشر مقالا فى «واشنطن بوست» الأوسع انتشاراً فى أمريكا، ومقالة أخرى فى «دير شبيجل» الألمانية، وثالثة فى وكالة «رويترز» العالمية عن نبى الرحمة وهديه وربانيته. لقد صدق الشيخ محمد الغزالى الذى مرت علينا ذكراه بلا ذكر حينما قال عن بعض المتحدثين باسم الدين وهم يشوهونه أكثر مما يخدمونه: «لقد أحسست أن القوم لن يكيدوا عدوا، ولن يكسبوا معركة، لأنهم لم يدرسوا الميدان الذى توجهوا إليه، ولا الجحور التى تنطلق منها الأفاعى، ولقد رأيت أناسا يتبعون الأعنت فالأعنت، والأغلظ فالأغلظ، وهذا فكر قطاع طرق لا أصحاب دعوة شريفة وحصيفة، وهؤلاء لا يُؤْمَنُون على تدريس الإسلام للتلاميذ فضلا عن أن يقدموه فى المحافل الدولية والمجامع العلمية». إننا لا بد أن نعترف بأن الإساءة للنبى الكريم جاءت من المسلمين قبل غيرهم، ومن دعاتهم قبل عامتهم، يوم أن ظهر دعاة ارتفع صوتهم الآن قدموا دين الله على أنه ظواهر النصوص وحرفيتها، متجاهلين سنن الله فى التطور والتغيير، ولا يبصرون النجاة لغيرهم، حتى وصل تقديس النصوصية الحرفية عند أحدهم أن اتهم الرسول بأنه قاتل وسباب، وبمثل هذا وصف القرآن أيضا! أعلمتم الآن أن النبى الذى يتحدث عنه هؤلاء لا علاقة له ألبتة بالنبى الأعظم والرسول الهادى الذى يتحدث عنه الأزهرى والجفرى ومسعود؟