لن يحكم الإسلامُ إذا كان قادة قافلته قطعانا منسوبة للإسلام، يشغلون الناس بحكم الأضرحة، والنقاب، والموسيقى تابعت في الأيام الماضية ما صدر من شيوخ كثيرين في خطب الجمعة، وقنوات كالرحمة والرحمة والناس والمصرية وcbc وغيرها، ولفت نظري وسط هذا الكم الهائل من الضجيج، ذلك الحوار المهم الذي أجراه الإعلامي خيري رمضان مع الحبيب علي الجفري والعلامة الشيخ أسامة السيد الأزهري. ذلك أن المتابع للحلقة يشعر ببون شاسع في عرض الإسلام، يختلف عن العرض الذي يقدمه بعض المشايخ الآن، كأن هؤلاء يتحدثون عن دين، وهؤلاء يتحدثون عن دين آخر. الإسلام الذي عبر عنه الأزهري والجفري، وأقصد هنا المدرسة والمنهج فضلا عن الأشخاص، هو إسلام الاعتدال والأخلاق، أمام خطاب متشنج متشدد ارتفع باسم الإسلام. فلاحظت سمات لكل خطاب: الخطاب الأول: مرجعيته الأزهر الشريف، ويركز على استمالة الناس بمد الجسوار بين فئات المجتمع عمليا، ويكشف عن معالم الجلال والشموخ والرفق والمحبة في هذا الدين، إنه منهج عريق منضبط كاشف عن الحفاظ على الناس عامة. إنه خطاب يقوم على إنتاج شرعي وفق رؤية وبصيرة، فيحلل في موضع التحليل، ويحرم في موضع التحريم، بلا تمحكات في الماضي والشكليات، مع الاهتمام والإحاطة بمقاصد الشريعة، والتأسيس لقيم العمل والتعاون والمواطنة وقبول المخالف. هو خطاب ممزوج بما يمثله من مرجعية فقهية وشرعية، يرشد الناس برفق، ويعلمهم بحب، ويتعرض لقضاياهم بالثقة فيهم دون اتهام لهم بكفر ولا بشرك، فلا يتعلم المتلقي التفكير المنضبط فقط، بل يتعلم من وراء ذلك منهجاً لحسن الخلق، وأسلوباً للتفكير، وبهذا ينتقل من التنظير إلى التطبيق. من تراث هؤلاء: جميع الناس محل نظر رحمة الله وهدايته، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موجود في مؤسسات الدولة لكن يجب تفعيله، والأصل فيه حسن الخلق، على الرئيس أن ينشأ وزارة لحقوق الإنسان، الإنسان قبل البنيان، والساجد قبل المساجد، القيم اليومية كاحترام إشارة من الإسلام، لابد من إحياء منظومة القيم حتى لا تحوجنا للشجار، البناء على النيل والأراضي الزراعية، وانتشار الأمية، وترك التنمية المستدامة، وعدم إغاثة المحتاج من المنكرات التي يجب تركها فورا. وأما الخطاب الثاني: فيركز على استمالة الناس بخطاب حراري، وهيئة في الزي يتخيل معها العوام أن هذه هي هيئة الصحابة، خطاب يُكثر من الصياح، ويعشق اتهام المخالف بالتشريك والتبديع، يعرف النهي عن المنكر، ولا يعرف الأمر بالمعروف. خطاب يزخرف للناس خيالات وأوهاما، ويقول لهم: هذا شرع ربكم، ولابد من تطبيقه، ويركن للتنظير، ويُحدث فتنا إذا انتقل للتطبيق، وترى أصحابه يحرمون في موضع التحليل، ولا يحللون أصلا، بضاعتهم نافقة، يتبعون الأعنت فالأعنت، والأغلظ فالأغلظ. هم الذين وصفهم الشيخ محمد الغزالي بقوله:"لن يحكم الإسلامُ إذا كان قادة قافلته قطعانا منسوبة للإسلام، يشغلون الناس بحكم الأضرحة، والنقاب، والموسيقى، واللحية، ويجعلونها مشكلات الأزل والأبد، وكثرة الحديث عن هذه الموضوعات تعد مظهرا للعلل النفسية أكثر مما هو خدمة للإسلام". من تراث هؤلاء: معظم الناس محل غضب الله ولعنته، أمتنا ملعونة لأنها تركت الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، من لم يأمر بالنقاب، أو يساعد الإسلاميين لتطبيق الشريعة فقد كفر، الليبراليون كفار يجب قتالهم، ترك النقاب، وزيارة الحسين، ومشاهدة المسلسلات من أكبر المنكرات في مصر.