«ادعوا لابنى»، الجملة التى عرفها رواد طريق كوبرى 6 أكتوبر واعتادوا سماعها يومياً فهى كل علاقتهم ب«عم عوض» الجالس دوماً على رصيف الكوبرى، لا يطلب شيئاً سوى الدعاء لوحيده الذى شارف على الموت. بملابس متسخة، وفى مكان ثابت، يقف فى صمت، ماراً بين السيارات فى هدوء بلا إزعاج أو دق على زجاج بعضها، صمت تقطعه ترتيلات الدعاء لابنه الوحيد الذى داهمه السرطان منذ 3 سنوات: «هشام ابنى الوحيد اللى طلعت بيه من الدنيا بين الحياة والموت، بقاله سنين تعبان وفى المستشفى شوية يحجزوه وشوية يطلع، وحالته بتسوء كل يوم عن التانى، وإحنا ناس غلابة على قد حالنا مش طالبين إلا الستر». لم يجد «عم عوض» مصدر رزق يحاول من خلاله أن يصرف على أدوية علاج ابنه سوى «مقشة وشوال»، «ملقتش غير جمع الزبالة وباخد فى اليوم 20 جنيه، بجمع فيهم لحد ما أوفر تمن المحاليل اللى بجبها من برَّة المستشفى»، مضيفاً: «مبخدش صدقة من حد عشان أنا مش شحات، ولما حد بيجى يدينى فلوس بطلب منه يدعى لهشام، مش محتاج غير إنى ربنا يشفيه ليا ويرحمه من عذاب تعبه، ويرحمنى من وجعى عليه».