رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو أعظم الدعاة إلى الله قاطبة.. ورغم أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان قاضيا ورئيسا للدولة وقائدا لجيوش المسلمين وأبا وزوجا وصديقا.. وكان عظيما وعبقريا فى كل هذه المهام.. فإن أعظم مهامه على الإطلاق وألصقها به وأقربها إلى نفسه هى «الدعوة إلى الله».. وهى التى تمثل بدايته ونهايته.. وهى التى لم يتوقف عنها أبدا.. وهى التى خاطبه بها القرآن مرات ومرات بالتبشير والإنذار والنبوة والرسالة؛ {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً}.. وكأنها المهمة التى تنبع منها كل المهام أو تئول إليها أو تنبثق منها. واليوم أحب أن أذكر أهم ما تعلمته من الداعية العظيم محمد (صلى الله عليه وسلم).. الذى كان سببا فى هداية مليارات البشر.. لعل هذه الدروس تثرى مسيرة الدعوة الإسلامية الحديثة، ومنها: 1- «الحق مر فلا تزده مرارة».. لا تزده مرارة بجفوتك وغلظتك وعلو صوتك وسوء خلقك.. والنصيحة مرة فلا تزدها مرارة بالسب والشتم أو الإهانة أو التوبيخ.. ولكن علينا أن نضع على الحق الذى نسوقه إلى الناس بعض السكر الذى يحليه ويجعله مستساغا مقبولا محبوبا.. كما يصنع الطبيب مع مريضه: يضع له السكر فى شراب الدواء كى يكون مستساغا محبوبا.. 2- الإسلام دين غض وطرى على مر العصور والدهور.. وإذا لم تكن دعوة الدعاة غضة وطرية وإيجابية وفعالة ومتفاعلة مع الآخرين بحيث يشعر الإنسان العادى أن ما ينطق به الداعية يلامس وجدانه ويهز أوتار قلبه ويستشعر أن هذه الآيات والكلمات كأنها أنزلت خصيصا له.. لولا ذلك لأصبحت الدعوة عديمة الجدوى عمليا. 3- الداعية الممتاز هو الذى يجمع بين الصدع بالحق وعفة اللسان.. وبين التمسك بالدين والإحسان إلى الناس.. وبين مراعاة الحق «سبحانه» وملاطفة الخلق. 4- الخلق الكريم لا يتجزأ، فلا يكون المسلم حسن الخلق مع قوم وسيئ الخلق مع آخرين.. أو مهذبا مع أبناء دينه أو جماعته وسفيها سليطا مع الآخرين.. فهؤلاء لم يدركوا قوله صلى الله عليه وسلم: «وخالق الناس بخلق حسن».. الناس كل الناس المسلم والمسيحى والبوذى والهندوسى وكل أحد.. 5- الداعية الحكيم هو الذى يحدو للناس كى تتحمل الطريق إلى الله لأنه صعب وطويل.. والداعية مثل الراعى الذكى الذى يحدو لإبله كى تجدّ فى المسير حتى تبلغ الغاية.. وهى مرضاة الله سبحانه وتعمير كونه بما شرعه سبحانه. 6- أعظم حديث يعبر عن الداعية خصوصا والمسلم عموما هو قول النبى صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن مثل النحلة لا تأكل إلا طيبا ولا تضع إلا طيبا، وإذا وقع على عود لم يكسره».. 7- على الدعاة أن يعيشوا بقلوبهم وجوارحهم مع قول النبى (صلى الله عليه وسلم) الرفيق الحليم: «إن الرفق لا يكون فى شىء إلا زانه».. فزينوا دعوتكم بالرفق. 8- وأن يعيشوا مع قول النبى (صلى الله عليه وسلم): «من يُحرم الرفق يُحرم الخير».. فهل تريدون أن تحرموا دعوتكم من الخير وحياتكم من الخير؟. 9- حينما يترك الدعاة إلى الله السعى إلى هداية الناس جانبا ويشغلون أنفسهم بتكفير فلان وتفسيق فلان وتبديع فلان.. فإنهم بذلك يخسرون قضيتهم ويحيدون عن طريقهم.. ويتركون أثرا سيئا فى نفوس الناس يكون كافيا لصد الناس عن الحق الذى يحملونه.