قرر أن يتحدى شبح البطالة الذي يسيطر على حياته منذ أن كان في مرحلة الدراسة، فلم ينتظر جوابًا من القوى العاملة، وقرر أن يقف على عربة فول، "رضا سيد"، يقف بميدان الحصري بمدينة السادس من أكتوبر من الإفطار حتى السحور، "قدرة الفول بتكلفني 150 جنيه، والفول النظيف بيشد الزبون"، لم يخطر على بال الشاب العشريني أن بعد كلية تجارة جامعة القاهرة سيعمل بائع فول وإنما كان يتمنى أن يعمل محاسبًا في أحد البنوك الكبرى أو موظفًا في إحدى الشركات، ويقول "أنا حر نفسي محدش يقول اشتغل وما تشتغلش"، هكذا قال "رضا" معتبرًا أنه يفكر أن يستمر في ذلك المشروع حتى بعد رمضان، حسب قوله. رضا، الذي يسكن في شقة إيجار جديد هو وأسرته المكونة من أب وأم وأخ صغير يعاونه في تحضير عربة الفول، يقول "الناس دلوقتي بتحجز الفول بالتليفون من قبلها بيوم، وساعات بعمل قدرتين وثلاثة وما بيكفوش"، يذهب رضا إلى السوق يحضر الخضار والفول المدشوش والعدس ويقوم بغسل القدرة جيدًا ويسلمها للمستوقد ويستلمها في اليوم الثاني، ويقول رضا "الحمد لله بكسب فلوس كويسة وأهم حاجة محبة الناس". ما زالت عربة الفول الخشبية ترصع وتزين الشارع وتصبح جزءًا أساسيًا في ليالي رمضان، ويقول "رضا": "إحنا أصل الصنعة ولا منافس حتى المطاعم الكبيرة بتحط العربية قدامهم عشان تجذب الزبون"، يشعر "رضا" بليالي رمضان طوال الشهر، فيقول "ببقى في الشارع طول الليل وده شهر البركة ولقمة الفول بتصبر الناس في الصيام اليوم كله". يخرج رضا من معاناة البطالة إلى معاناة أخرى، وهي ارتفاع الأسعار ومحاولات شرطة المرافق ومصادرة عربة الفول في أي وقت، "الواحد بيبقى لسه بيقول يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم يلاقي الأمين واقف على دماغة"، قالها "رضا" وهو مستاء من معاملة بعض أفراد الشرطة، مضيفًا أنهم يصادرون العربة والفول أيضًا حسب قوله، "ناكل منين يا حكومة بعد ما ببوس رجل الضباط بيسيب القدرة بالعافية وساعات ياخدوها نفسي يسيبونا في حالنا".