علن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، "داعش"، الذي أحكم سيطرته على أجزاء واسعة من سورياوالعراق، رسميا دولة الخلافة الإسلامية مطالبا بولاء المسلمين في كافة أنحاء العالم في خطوة من شأنها توتير العلاقة مع الجماعات المسلحة الأخرى. وبكفاءة تتسم بالوحشية، استولت الجماعة الإسلامية المتشددة على أجزاء واسعة من المناطق ما ألغى الحدود بين العراقوسوريا ووضعت أسسا لدولتها المزعومة. إلا إن الإعلان الذي أصدرته "داعش" يوم أمس، وهو اليوم الأول من شهر رمضان، قد يطلق موجة من القتال بين الفصائل السنية المقاتلة التي شكلت تحالفا هشا في القتال في العراق. وأعلن أبو محمد العدناني، الناطق باسم الجماعة، عن تعيين زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، "خليفة على المسلمين" ودعا المسلمين في كل مكان، وليس الذين هم في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم فحسب، إلى مبايعة البغدادي. وأعلن إلغاء "داعش" واستبداله باسم "الدولة الإسلامية". وقال "العدناني" في تسجيل بث على شبكة الإنترنت "ننبه المسلمين أنه بإعلان الخلافة صار واجبا على جميع المسلمين مبايعة ونصرة الخليفة حفظه الله وتبطل شرعية جميع الولايات والإمارات والتنظيمات التي يتمدد إليها سلطانه ويصل إليها جنده. وقد بويع في العراق من قبل أهل الحل والعقد خلفا لأبي عمر البغدادي رحمه الله وقد امتد سلطانه على مناطق واسعة في العراق والشام. فاتقوا الله يا عباد الله واسمعوا واطيعوا خليفتكم ودولتكم التي تزداد عزة بفضل الله في كل يوم بإذن الله." وحدد "العدناني" إن حدود الدولة تمتد من شمال سوريا وحتى محافظة ديالى شمال شرقي بغداد، وهي مساحة شاسعة تمتد على جانبي الحدود وتقع بالفعل تحت سيطرة المتمردين. كما قال إنه بإقامة الخلافة، فإن الجماعة تغير اسمها إلى "الدولة الإسلامية" دون إضافة العراق والشام وذلك لتصبح دولة لكافة المسلمين في جميع أنحاء العالم. ولطالما حلم المتشددون الإسلاميون بإقامة دولة إسلامية أو دولة الخلافة، التي سبق لها وأن حكمت العالم العربي وما وراءه بأشكال عدة من ظهور الإسلام قبل 1400 عاما. ويتوقع الخبراء إن يؤدي الإعلان الى إقتتال بين المتمردين السنة الذين انضموا إلى "داعش" في القتال ضد الحكومة الشيعية في بغداد. وقال أيمن التميمي، المحلل المتخصص في المليشيات المسلحة في العراقوسوريا: "الآن المتمردون في العراق ليس لديهم مبرر يدفعهم للعمل مع داعش إذا كانوا يرغبون في اقتسام السلطة معها. لقد اتسع نطاق الاقتتال الداخلي في العراق بالطبع". ومع ذلك، فالأثر الأكبر قد يطال الحركة الجهادية الدولية الأوسع نطاقا، ولا سيما مستقبل القاعدة، التي أسسها أسامة بن لادن ونفذت هجمات 11 سبتمبر في الولاياتالمتحدة، والذي طالما ارتدى عباءة الجهاد العالمي. ولكن "داعش" تمكنت من فعل ما لم تتمكن القاعدة من فعله على الإطلاق في سورياوالعراق، وهو الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي في قلب العالم العربي والسيطرة عليها. وقال الزميل الزائر في مركز بروكينجز بالدوحة، تشارلز ليستر، في تعقيب أرسله بالبريد الإلكتروني: "يشكل هذا الإعلان خطرا بإلغا أمام القاعدة ومكانتها العريقة في تزعم قضية الجهاد العالمي". وأضاف قائلا: "على صعيد عالمي، أصبح الجيل الأصغر من المجتمع الجهادي أكثر دعما ل"داعش"، وإلى حد كبير، يرجع ذلك إلى ولائه لبراعتها وقدرتها المثبتة على تحقيق نتائج سريعة بأفعال وحشية". وتولى "البغدادي"، وهو مسلح عراقي طموح رصدت الولاياتالمتحدة مكافأة عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى القبض عليه، زعامة "داعش" في 2010 عندما كانت لا تزال تابعة للقاعدة في العراق. كان "البغدادي" على خلاف دائم مع زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري ودخل الاثنان في خصومة كبيرة معلنة بعد أن تجاهل "البغدادي" مطالب "الظواهري" بمغادرة "داعش" لسوريا. وبسبب سأمه من "البغدادي" وعدم قدرته على السيطرة عليه، أعلن الظواهري رسميا التنصل من "داعش" في فبراير. وبدأت مكانة "البغدادي" في التعاظم منذ ذلك الحين، حيث شدد مقاتلو داعش قبضتهم على أجزاء كبيرة من سوريا والآن يسيطرون على مساحات شائعة من العراق. وفي "واشنطن"، طالبت إدارة أوباما المجتمع الدولي بالتوحد في وجه الخطر الذي يشكله المتطرفون السنة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جين بساكي: "إن الاستراتيجية التي تتبعها داعش لإقامة خلافة إسلامية في أنحاء المنطقة باتت واضحة الآن. لذا فإنها لحظة حرجة أمام المجتمع الدولي وعليه أن يتكاتف في مواجهة داعش وما أحرزته من تقدم". ويأتي إعلان "داعش" مع محاولات الحكومة العراقية استعادة بعض أراضيها التي فقدتها على يد الجماعة الجهادية وحلفائها في الأسابيع الأخيرة. وأمس قامت مروحية عراقية بقصف مواقع متمردين مشتبه بهم لليوم الثاني على التوالي في مدينة تكريت السنية بشمال العراق، مسقط رأس الديكتاتور السابق صدام حسين. وتمكن المتمردون من صد التقدم المبدئي للقوات العسكرية في تكريت وواصلوا السيطرة عليها يوم أمس، إلا أن مصادمات حدثت في حي القادسية بشمال البلاد، وفقا لاثنين من السكان تم التوصل إليهما عبر الهاتف. وقال مهند سيف الدين، الذي يعيش في وسط المدينة، إنه شاهد أعمدة الدخان تتصاعد من القادسية، التي تقع بجوار جامعة تكريت، حيث أقامت القوات التي وصلت على متن مروحية، رأس جسر قبل يومين. وأضاف أن العديد من المسلحين انتشروا في ضواحي المدينة، لصد هجمات الجيش العراقي. وقال جواد البولاني، وهو مسؤول أمني في قيادة العمليات الإقليمية، ل"الأسوشيتد برس" إن الولاياتالمتحدة تتقاسم المعلومات الاستخباراتية مع العراق وقامت بدور "جوهري" في الهجوم على تكريت. وأرسلت "واشنطن" 180 - 300 جندي أمريكي تعهد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بإرسالهم لمساعدة القوات العراقية. كما تقوم الولاياتالمتحدة باستخدام طائرات مأهولة وبدون طيار في بعثات استطلاعية بالعراق.