كثير من القوانين صدرت لضمان حرية الصحافة، على مدار قرون منذ بدأت الحروب تتصاعد وتيرتها حول العالم، حرية الصحافة كانت أول مطلب لضمان عدم الملاحقة الأمنية، ليأتي بعد ذلك ضمان حماية الصحفيين المهنية، كي لا يستهدف الصحفي من أي جهة كانت، ورغم النصوص الكثيرة التي تعج بها المجتمعات الدولية عن الحماية المهنية، إلا أنها لا تطبّق بشكل كبير، حتى إن بعضها لم يطبق فعليًا لوجود نصوص مشابهة، ما يؤدي إلى تعرض الصحفيين إلى هجمات متكررة أثناء التغطية الإخبارية. وأصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، عام 2010، قانونًا ينص على أنه "يلزم لحرية الصحافة حماية خاصة كي تتمكن من لعب دورها الحيوي المنوط بها، وتقديم المعلومات والأفكار التي تهم الرأي العام"، ونفس المعنى احتوى عليه الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي صدر عام 2004، وكان يؤكد على ضمان حرية الإعلام والرأي والتعبير، ونقل المعلومات دون اعتبارات جغرافية. وفي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1738، نص على "إدانة الهجمات ضد الصحفيين، وموظفي وسائل الإعلام أثناء النزاعات المسلحة"، ونص أيضًا على ضرورة مساواة الصحفيين بالمدنيين واحترامهم ومعاملتهم بتلك الصفة، واعتبار منشآتهم مدنية لا تكون هدفًا للنزاع أو أي أعمال انتقامية. وتنص اتفاقية لاهاي 1907، في المادة 13 لها على معاملة الصحفيين والمراسلين الحربيين كأسرى حرب، حيث تتم حمايتهم، إذا ما وقعوا في أيدي القوات المسلحة التابعة للبلد، وذلك يحتم على الصحفي في الميدان عدم الإساءة للجنود أو المشاركة في العمليات العسكرية، كي لا يتم أسرهم. اتفاقية جنيف 1949، أكملت المعنى السابق، وطورت التشريعات لحماية الصحفي الميداني، كي لا تتم معاملته كأسير حرب، خاصة بعد ارتفاع وتيرة الحروب بشدة عالميًا في تلك المرحلة، وذلك في المادة (4 أ 4)، والتي تنص على أن "أسرى الحرب بالمعنى المقصود في هذه الاتفاقية هم الأشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات التالية: الأشخاص الذين يرافقون القوات المسلحة دون أن يكونوا في الواقع جزءًا منها، كالأشخاص المدنيين الموجودين ضمن أطقم الطائرات الحربية والمراسلين الحربيين، ومتعهدي التموين، وأفراد وحدات العمال والخدمات المختصة بالترفيه عن العسكريين، شريطة أن يكون لديهم تصريح من القوات المسلحة التي يرافقونها". الجمعية العامة للأمم المتحدة أيضًا أصدرت قرارًا أكدت فيه على الحاجة الشديدة لإيجاد أدوات دولية إنسانية لضمان حماية أفضل للصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة، ونصّت الفقرة (1) من القرار على "التعبير عن الاهتمام البالغ للأخطار الجسيمة التي يتعرض لها المراسلون الصحفيون المكلفون بمهام مهنية خطرة في مناطق النزاع المسلح، والتعبير عن الأسف للضحايا من المراسلين الصحفيين الذين دفعوا حياتهم في المناطق النزاع وبسبب ضمائرهم الحية لأداء مهمتهم ونقل الحقيقة". مشروع لاتفاقية دولية لحماية الصحفيين ظهر على الساحة عقب قرار الأممالمتحدة، بعد رؤية جمعيتها العامة أنه من الضروري اعتماد اتفاقية تعطي أقصى درجات الحماية للصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة، بنودها يمكن إجمالها في أن المادة (2 - أ) تضمنت تعريفًا للصحفي "بأنه كل مراسلًا أو مخبرًا صحفيًا ومصورًا فوتوغرافيًا أو مصورًا تليفزيونيًا ومساعديهم الفنيين في السينما والإذاعة والتليفزيون الذين يمارسون النشاط المذكور بشكل معتاد بوصفه مهنتهم الأساسية". أما المادة (5- 2) فقد تضمّنت وجوب أن يدون على ظهر البطاقة بيان ينص على أن حاملها يتعهد بأن يتصرف خلال مهمته بطريقة تتفق مع أعلى معايير الأمانة المهنية وألا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول التي يسافر إليها، و لا يشارك في أي نشاط سياسي أو عسكري أو أي عمل يمكن أن ينطوي على إسهام مباشر أو غير مباشر في العمليات العدائية بالمناطق التي يؤدي فيها مهمته بحيث يمكن للصحفي بهذه البطاقة أن يثبت أنه في مهمة؛ كما يمكن لكل صحفي أن يحمل على ذراعه شريطًا مميزًا كتب عليه حرف "P" بحجم كبير ولون أسود أو يكون الشعار مرئيًا وهو ما جاءت به المادة (9) من الاتفاقية، أما المادة (10) فقد نصت على ماهية "الحماية الخاصة" التي تمنحها الاتفاقية وهي أن أطراف النزاع المسلح ينبغي أن يعملوا على حماية الصحفيين بصفة خاصة. الاتفاقية لم ترَ النور طبقًا لمشاورات المجتمع الدولي عليها، حيث تم تفسير ذلك إلى الأجواء الدولية السائدة في هذه الفترة لم تكن مهيئة بإعطاء الصحفيين نظامًا خاصًا في الحماية رغم ما يتعرض له الصحفيون من أعمال خطرة، أما البعض الآخر فيرى أنه لا ضرورة لوضع أي اتفاقية خاصة بحماية الصحفيين بحجة أن اتفاقيات جنيف لسنة 1949 والبرتوكولين الإضافيين 1977 قد نصت على وضع خاص لمجموعة من الفئات، التي تتضمّن من بينها الصحفيين، وبالتالي فإن المشكلة ليس مشكلة نص أكثر ما هي مشكلة في عملية الرقابة على تطبيق هذه النصوص. الآخبار المتعلقة: "السعدي" ل"الوطن": أهم السبل الحماية ضمان عدم إفلات قتلة الإعلاميين من العقاب صحفي "رويترز": الأهالي يعتبرون المراسل "عدو".. وإنقاذ الروح أهم من التقاط الصورة ناصر نوري بعد تغطية 3 حروب: كل المتقاتلين "كدابين".. والصحف تتاجر بدم المراسل مراسلو الحرب في سوريا يخاطرون بحياتهم.. وثمن أسر الصحفي 140 ألف دولار صفاء صالح: الاختطاف ومواجهة الذبح أو الاعتقال أخطر ما تعرضت له كمراسلة حربية رئيس "الشارة الدولية" في حوار ل"الوطن": هناك تحديات تواجه حماية الصحفيين بمصر.. ومعظم القتلى تلقوا تدريبات السلامة كيف تضع خطة لمهمة صحفية صعبة؟ "الوطن" تقدم صمام الأمان لصحفي "على خط النار"