"إذا أطعمت العقرب فسوف يلدغك". مثل سوري سمعه روبرت فيسك من صديق دمشقي تعليقا على أحداث ليبيا الأخيرة، وجعله يرى الأحداث في الشرق الأوسط على ضوء جديد. ففي مقال نشره فيسك بصحيفة الإندبندنت البريطانية، أمس الأحد، قال إن الولاياتالمتحدة ساندت المعارضة الليبية ضد نظام القذافي، كما ساعدت السعودية وقطر في إغداق الأموال والأسلحة على الميليشيات، وتجني الآن ثمار ما زرعته، فالليبيين قد انقلبوا على أمريكا وقتلوا السفير وزملاءه، وبدأت القاعدة في قيادة حركة الاحتجاجات المناهضة للولايات المتحدة التي اجتاحت العالم الإسلامي. وخلص فيسك إلى أن الولاياتالمتحدة أطعمت عقرب القاعدة وهو الآن يلدغها، والأمر يتكرر مرة أخرى في سوريا، حيث تدعم الولاياتالمتحدة المعارضة ضد الأسد، وإذا تم الإطاحة بالأسد فمن المحتم أن نفس العقرب سيلدغ مرة أخرى. ويؤكد فيسك أن غضب العرب من الفيلم الفاحش، على حد وصفه، المسيء للرسول قد أعاد كتابة تاريخ الغرب مثلما أعاد الربيع العربي كتابة تاريخ العرب. فالإعلام الأمريكي اخترع بالفعل قصة جديدة قوامها أن الولاياتالمتحدة دعمت الربيع العربي وأنقذت مدينة بنغازي حينما كان أهلها على وشك الإبادة من قبل بلطجية القذافي المتوحشين، ولكن الآن هؤلاء العرب الخائنين طعنوا الولاياتالمتحدة في الظهر. ولكن الرواية الحقيقية مختلفة، فواشنطن قامت برشوة وتسليح ديكتاتوريات العرب لعقود، بداية بصدام ثم مبارك وبن علي حتى دول الخليج الاستبدادية، وهي مصارف تمويل الثورات التي اخترنا دعمها ودعمناها بالفعل. وأضاف فيسك: "وعندما دعمنا بنغازي بقواتنا الجوية تجاهلنا تكوين المليشيات الليبية التي دعمناها، تماما كما لا تلقي كلينتون وهوج بالا لتجميل موقفهم من الجيش السوري الحر اليوم، وهو نفس ما فعلناه في أفغانستان حينما ساندنا المجاهدين ضد السوفييت دون الالتفات لعقيدتهم الدينية، ولجأنا لباكستان لتوصيل السلاح لهم، وعندما انضم بعضهم لطالبان وبن لادن ولدغ العقرب في 11 سبتمبر صرخنا "إرهاب"، وهو نفس ما يحدث في سوريا، وبدلا من باكستان أصبح لدينا تركيا، فهل تتحول لتصبح باكستان الشرق الأوسط؟".