مصطفى مشهور مرشد الجماعة الخامس لم يمت حتى الآن! ما زال يسعى بيننا بأفكاره ورجاله، وكما يقولون فى الأمثال العامية «اللى خلِّف مامتش»، فإن مصطفى مشهور أنجب العديد من الأبناء فى جماعة الإخوان، كان منهم محمود عزت الابن البار، ومحمد بديع التلميذ الأمين، ومحمد مرسى وخيرت الشاطر ورشاد البيومى وجمعة أمين... إلى آخره. لذلك لم يكن مصطفى مشهور إنساناً يسعى على قدميه، ولكنه كان إنساناً يسعى على مجموعة من المسوخ البشرية أجاد مسخ عقولها وتشويه قلوبها، فأنتجت لنا قيحاً وصديداً قالوا عنه «هذا هو الإسلام»، وما كان إسلاماً ولكن تصديق الذى بثه الشيطان وألقاه فى قلوبهم. من أجل ذلك، عندما طلب الرئيس الراحل أنور السادات من المرشد الثالث عمر التلمسانى أن تقنن الجماعة وضعها فى صورة جمعية بشرط ألا يكون من بين أعضائها مصطفى مشهور، لم تكن الاستجابة لهذه الفرصة التاريخية متاحة ل«التلمسانى» ولا لغيره، وأنَّى له أن يطيح ب«مشهور» و«مشهور» هو الذى كان يستطيع الإطاحة ب«التلمسانى» وغيره، أليس له مُلك التنظيم الخاص وهذه التنظيمات المسلحة تجرى من تحته؟ ألم يقم «مشهور» فيما بعد بإنشاء تنظيم القاعدة؟ نعم، هذه حقيقة لم يكتبها التاريخ، مصطفى مشهور وليس أسامة بن لادن هو الذى أنشأ تنظيم القاعدة، وما كان «بن لادن» إلا رجلاً من رجال «مشهور». وقد يظن البعض أن مسألة «إنشاء مشهور لتنظيم القاعدة» ما هى إلا خيالات رجل هزت رأسه التهاويم، أو اتهام بلا دليل خرج من نفسية رجلٍ حسد فحقد فاختلق، ولكنه فى الحقيقة حقيقة، وتلك الحقيقة يشهد عليها جمهرة، ولكن عيون التاريخ كان بها قذى من أكاذيب الإخوان فلم تكتب ما حدث. أما ما هى أصل الحكاية، فتعود القصة إلى أن «أبوهانى»، وهو الاسم الحركى لمصطفى مشهور، الذى كان قد فر هارباً من مصر قبل أحداث سبتمبر 1981 بعد أن عرف عن طريق «استخباراته الخاصة» أن اسمه فى سجل المطلوب اعتقالهم، وفى رحلة الهروب كان قد مرَّ على الكويت ثم السعودية فاليمن، إلى أن حط رحاله فى أوروبا وأمريكا عاقداً العزم على إنشاء «التنظيم الدولى للجماعة». وفى السعودية، كان قد رتب أموره مع القائد الإخوانى الفلسطينى عبدالله عزام على إنشاء تنظيم مسلح أو بالأحرى جيش جهادى لمقاومة الاحتلال الروسى لأفغانستان، وكان «عزام» وقتها يعمل فى المملكة العربية السعودية وينتظم فى سلك الإخوان، وقد استطاع أن يؤثر فى كثير من شباب الصحوة الإسلامية إن كان هناك صحوة جدلاً، ومنهم الشاب الثرى المرفَّه أسامة بن لادن. وعقب عدة جلسات انتهت الترتيبات وصدرت القرارات النهائية من «مشهور» ببدء الجهاد المسلح فى أفغانستان، فكان أن قام الأخوان أسامة بن لادن وعبدالله عزام بإنشاء مكتب للخدمات فى أفغانستان، وكان هذا المكتب هو البوابة التى يعبر من خلالها كل المجاهدين إلى أفغانستان، وكان هو أيضاً المكتب الإدارى الذى يدير حركة الجهاد هناك وينسق فى ذلك مع قيادات الإخوان فى مصر. ومن هذا المكتب كان تنظيم القاعدة الذى وصل إلى مصر عندما وصل الإخوان إلى حكم مصر كى يكون جيشهم الذى يقيم أَوَدَهم ويقوى شوكتهم ويبقيهم على كرسى الحكم أبد الآبدين. وإذا كان الظن أن مصطفى مشهور أنشأ التنظيم الدولى للجماعة ووضع لائحته كى يقوم بدور دعوى فى العالم كله، إلا أن هذا الظن يضيع هباءً أمام حقيقة تستعصى على الإنكار والتكذيب، ذلك أن «مشهور» لم ينشئ التنظيم الدولى إلا لكى يكون «مفرخة» لجيش الإخوان المسمى بالقاعدة، وأرضاً خصبة لتجنيد الشباب الذى تنجح الجماعة فى تشويه وعيه وأفكاره. وقبل أن تنسحب روسيا من أفغانستان بعام ونصف، وإذ بانت الملامح، وعرف القاصى والدانى أن روسيا مغادرة بلا شك - كانت الحاجة ماسة إلى إنشاء جيش آخر يحمل السلاح، فكان جيش «حماس» الإخوانى فى فلسطين، وهل هناك أفضل من جيش يجاهد ضد الصهاينة باسم الإسلام؟ ولهذه الجيوش سبع فوائد؛ منها أنه سيقوم بتفتيت الجهاد الفلسطينى، وسيخلق فُرقة كانت إسرائيل تتمناها، ومنها أنه سيكون جيشاً مدرباً يحمل أسلحة قتالية متطورة، تم مدها إليه عن طريق تبرعات تدفعها دول تود أن تشارك فى الجهاد بالمال فى الخفاء دون أن تتعرض لمؤاخذة دولية. أما أعظم الأشياء عند الإخوان فإن هذا الجيش متاخم لحدود مصر تستطيع الجماعة استخدامه فى الوقت الذى تشاء، وهو الأمر الذى حدث فعلياً أثناء وبعد ثورة يناير إلى الآن. وفى كل الأحوال ومنذ أن هرب مصطفى مشهور من مصر كان يصطحب معه تلميذه وابنه البار وكاتم أسراره محمود عزت الذى ورث الكهانة من سيده واحتفظ فى خزائنه بكل أسرار المعبد، ولكن بعض هذه الأسرار شاء الله أن تظهر ويعرفها الناس، وقد شهد على هذه الأسرار المهندس أبوالعلا ماضى! والدكتور مأمون المحرزى وهو أحد القيادات التاريخية للجماعة. ومعهما شهد صراحة بكل القصة شخص غامض أفسحت له الجماعة مكاناً فى موقع إخوان أون لاين عام 2006 ليدلى بشهادته، هذا الشخص هو المتحدث الإعلامى لتنظيم القاعدة، ومع هؤلاء كان مقتل أحد الإخوان من محافظة الشرقية فى أفغانستان كاشفاً عن بعض الأسرار. أما الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح فقد كان دليلاً على هذا من خلال لجنة الإغاثة بنقابة الأطباء. فانتظرونى مع كشف الأسرار فى المقال المقبل.