أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 2-7-2024 في الصاغة.. تراجع ملحوظ    اليوم.. الحكومة تعلن عن مشروع شراكة استثمارية بين الدولة والقطاع الخاص بالساحل الشمالى    تراجع معدل التضخم في كوريا الجنوبية إلى أدنى مستوى منذ 11 شهرا    إعلام إسرائيلي: مقتل 5 جنود في عملية نوعية لفصائل فلسطينية وسط قطاع غزة    كوريا الجنوبية تستأنف مناورات بالمدفعية بالقرب من الحدود لأول مرة منذ 6 أعوام    المندوب الروسي بالأمم المتحدة: القرار الأمريكي حول وقف إطلاق النار في غزة لم ينفذ    حجازي: من لا يحب الانضمام للأهلي أكبر أندية إفريقيا؟    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 2 يوليو 2024 والقنوات الناقلة    «إكسترا نيوز» ترصد أجواء الامتحانات أمام لجان الثانوية العامة.. «قلوبنا معكم»    «الأرصاد»: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة بالمدن الساحلية اليوم    انتشال 14 جثة من أسفل عقار أسيوط المنهار    والد أحمد ضحية صديقه: عائلة مجرمة.. خلصوا على ابني ووضعوا جثته داخل سجادة وألقوها في البدرشين    الثانوية العامة 2024.. توزيع رسائل تحفيزية لرسم الابتسامة على وجوه الطلاب بدمياط    مَن هو المستشار عبد الراضي صديق رئيس هيئة النيابة الإدارية الجديد؟    الخميس المقبل.. تامر عاشور يحيي حفلًا غنائيًا في الإسكندرية    لماذا تأخر التغيير الحكومي كل هذا الوقت؟ معيار اختيار الأكفأ لتحقيق الرضا الشعبي وتخفيف الأعباء عن المواطن وحركة شاملة للمحافظين    مهرجان العلمين.. «الترفيه» والطريق إلى الإنسانية    وزارة العمل تعلن عن 120 وظيفة بشرم الشيخ ورأس سدر والطور    حملات مكثفة لمتابعة تطبيق غلق المحال التجارية بالإسماعيلية    ألقى بنفسه من على السلم.. انتحار روبوت في كوريا الجنوبية    مصرع شخصين وإصابة 10 في انقلاب ميكروباص بطريق مصر الفيوم    واشنطن: حادثة طعن في إحدى محطات المترو    خالد داوود: أمريكا استغلت الإخوان في الضغط على الأنظمة    خالد داوود: جمال مبارك كان يعقد لقاءات في البيت الأبيض    أبطال فيلم «عصابة الماكس» يحضرون عرض مسرحية «ملك والشاطر»    أمين الفتوى: وثيقة التأمين على الحياة ليست حراما وتتوافق مع الشرع    مفاوضات مع جورج كلوني للانضمام إلى عالم مارفل    «الاستثماري» يرتفع 2149 جنيها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 2 يوليو 2024    فودة يفتتح أول مطعم أسيوي بممشي السلام في شرم الشيخ    نتنياهو: المرحلة الرئيسية من الحرب ضد "حماس" ستنتهي قريبا    كوبا أمريكا.. أوروجواي 0-0 أمريكا.. بنما 0-0 بوليفيا    خلال أيام.. البترول تعلن مفاجأة بشأن إلغاء تخفيف الأحمال نهائيا في فصل الصيف (تفاصيل)    وفاة شاب بعد 90 يومًا على التنفس الصناعي بعد إصابته في مشاجرة بالفيوم    أحمد حجازي يحسم مصيره مع اتحاد جدة.. ويكشف تفاصيل عرض نيوم السعودي    أرملة عزت أبو عوف تحيى ذكري وفاته بكلمات مؤثرة    عصام عبد الفتاح: حالة واحدة تمنع إعادة مباراة بيراميدز والمقاولون في الدوري    «الإفتاء» توضح حكم تغيير اتجاه القبلة عند الانتقال إلى سكن جديد    الأزهر يعلن صرف الإعانة الشهرية لمستحقي الدعم الشهري اليوم    أزمة اختفاء أمام مضاعفة أسعار.. نقص 1000 صنف من سوق الأدوية في مصر    مخاطر الأجواء الحارة على مرضى الصحة النفسية.. انتكاسة العقل    3 مشروبات عليك تجنبها إذا كنت تعاني من مرض القلب.. أبرزها العصائر المعلبة    حيل ونصائح تساعد على التخلص من النمل في المنزل بفصل الصيف    جامعة الأزهر تعلن تسخير جميع الإمكانات لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده وإصابة آخر في انفجار قنبلة بالضفة الغربية    الزمالك يتقدم بشكوى رسمية لرابطة الأندية ضد ثروت سويلم    «نيبينزيا» يعطي تلميحا بإمكانية رفع العقوبات عن طالبان    ناقد فني: شيرين تعاني من أزمة نفسية وخبر خطبتها "مفبرك"    عبدالله جورج: الزمالك سيحصل على الرخصة الإفريقية    موعد الإعلان عن الحكومة الجديدة وأداء اليمين الدستورية.. أحمد موسي يكشف (فيديو)    خالد داوود: أمريكا قررت دعم الإخوان بعد أحداث 11 سبتمبر (فيديو)    برلماني: المكالمات المزعجة للترويج العقاري أصبحت فجة ونحتاج تنظيمها (فيديو)    العالم علمين| عمرو الفقي: المهرجانات محرك أساسي لتنشيط السياحة وترويج المدن الجديدة.. وتخصيص 60% من أرباح مهرجان العلمين لفلسطين    تعرف على توقعات برج الثور اليوم 2 يوليو 2024    لإصلاح مسار الكرة المصرية.. ميدو يوجه رسالة خاصة لرابطة الأندية    تنسيق الثانوية 2024.. تعرف على أقسام وطبيعة الدراسة بكلية التربية الموسيقية حلوان    انطلاق فعاليات المسح الميداني بقرى الدقهلية لاكتشاف حالات الإصابة بالبلهارسيا    أمين الفتوى عن الهدايا بعد فسخ الخطوبة: «لا ترد إلا الذهب»    غدا.. "بيت الزكاة والصدقات" يبدء صرف إعانة يوليو للمستحقين بالجمهورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميلاد القاعدة: أجواء دامية ماديا ومعنويا
نشر في بص وطل يوم 12 - 07 - 2010

ظروف ميلاد ذلك التنظيم مثيرة بحق، فقد وُلِدَ في أجواء دامية ماديًا ومعنويًا. فمن الناحية المادية كان الجو المحيط هو حالة التناحر الشرسة بين أمراء الحرب الأفغان الذين انهالت عليهم الثروات من اقتطاعهم قسمًا من أموال المعونات المرسلة للمجاهدين الأفغان والشعب الأفغاني البائس، بلغ الأمر أن عدد مَن سقطوا مِن قادة الميليشيات الأفغانية ضحايا الاغتيال، كان أكبر من عدد رفاقهم الذين سقطوا في ساحة المعركة ضد السوفيت.
أما معنويًا، فقد كان الفكر التكفيري ينمو ويترعرع، ويتسع نطاقه ليشمل لا الحكام المغضوب عليهم من المتطرفين فحسب، بل كل من يتعامل مع دوائر حكومات هؤلاء الحكام أو يشارك في الانتخابات أو وظائف السلطة.. ولم يكن أيمن الظواهري استثناءً لذلك، فقد اعتنق نفس الفكر، وزاد من نزعته الدموية الحادة في تطبيقه تجربة السنوات التي قضاها في السجن، حتى أن رفاقه في المستشفى الذي عمل به لفترة في بيشاور لاحظوا أنه قد تحوّل لشخص عدواني متحفّز يُفسّر كل كلمة بسوء نيّة، وأن هامش معارضته الأخلاقية للقتل الجماعي والجرأة على سفك الدم قد صار أكثر ضيقًا وضعفًا!
لم يعدم ذلك الاتجاه من عارضوه وتصدّوا له، فقد وقف المناضل الفلسطيني دكتور عبد الله عزام في وجه ذلك التيار، وشدد على حرمة المسلم على المسلم، وكان يرى أن أولوية جهاد المسلمين هي حل المشكلة الفلسطينية، وكان بالفعل قد ساهم في إنشاء حركة جديدة لتكون قوة إسلامية (والتي أصبحت تعرف باسم حماس) تحقق التوازن مع القوة العلمانية الممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات.
كانت رؤية "عزام" تتعارض تمامًا مع رؤية "الظواهري" الرامية لإشعال الثورات والاضطرابات في البلدان الإسلامية كوسيلة لإسقاط أنظمتها والاستيلاء على الحكم، وللأسف، فشل "عزام" في المنافسة مع "الظواهري" على استقطاب أسامة بن لادن الذي سرعان ما رجحت عنده كفة أيمن الظواهري الذي نظّم هجمات معنوية ضارية على "عزام" ومنهجه، بلغت حد اتهامه بالعمالة للمخابرات الأمريكية ودس البعض لاتهامه ببيع المشاريع الخيرية لمنظمات مسيحية غربية.
وفي الحادي عشر من أغسطس 1988، عُقِدَ اجتماع بطلب من عبد الله عزام، ضم "بن لادن" و"الظواهري" ومجموعة من قادة الجهاد العربي في أفغانستان؛ لمناقشة مستقبل الجهاد فيما بعد انسحاب السوفيت، وجرى تصويت على إنشاء منظّمة تضم العرب المجاهدين. في ذلك اليوم، بدت في كلمات "بن لادن" بشدة نزعة الزعامة، حتى أنه قد أغفل -عامدًا- ذكر دور "عزام" وفضله كمؤسس حقيقي للجهاد العربي في أفغانستان.
"الظواهري" ومن معه كانوا يعارضون تمامًا رؤية "عزام" للجهاد
تم الاتفاق على تسمية المنظمة "القاعدة العسكرية".. وبقيت مسألة اختيار زعامة له. كان المنطق يقتضي أن يكون عبد الله عزام هو ذلك الزعيم، ولكن تيارات عدة كانت تنفر من ذلك. ف"الظواهري" ومن معه كانوا يعارضون تمامًا رؤية "عزام" للجهاد، والمصريون والسعوديون كانوا يخشوْنه لانتمائه ل"الإخوان المسلمين"، وكانوا يقلقون من احتمال أن يوجه طاقة مريديه لصالح التنظيم المذكور، وكان للسعوديين سبب إضافي للرغبة في التخلّص منه، هو رغبتهم في وجود رجل سعودي على رأس القاعدة يمكنه وضع مصالح المملكة في الاعتبار. وبالإضافة لكل هؤلاء، كان أمير الحرب الأفغاني "حكمتيار" قد غضب على "عزام" لمؤازرته منافسه العنيد "مسعود".
ما عُرِفَ بعد ذلك هو أن لحظة ميلاد "القاعدة" لم تكن في ذلك الاجتماع سالف الذكر، بل كانت قد أُسِسَت مسبقًا بين "بن لادن" و"الظواهري" وبعض المجتمعين المتفقين معهما في الفكر، وما كان ذلك الاجتماع سوى تمثيلية لإعلان الميلاد.
تزامنت مع ذلك منافسة ضارية بين تنظيميّ "الجماعة الإسلامية" بقيادة "عمر عبد الرحمن"، و"الجهاد" بقيادة "الظواهري"، على استقطاب "بن لادن" بثروته الطائلة، ولكن هذا الأخير حسم المنافسة باختيار التحالف مع "الظواهري".
وفي نفس الوقت، كانت حملة "الظواهري" لتشويه صورة "عزام" قد بلغت ذروتها بتصعيد الاتهامات له بالفساد والعمالة، حتى بدأ ترتيب عملي لمحاكمته والتحقيق معه، واستقبل المتهم المناضل "عزام" ذلك بهدوء غريب.
وفي يوم 24 من نوفمبر 1989 وبينما كان عبد الله عزام يستقل سيارته مع اثنين من أبنائه، أطاح بهم انفجار قنبلة معدة مسبقًا وزنها عشرون كيلو جرامًا من مادة TNT. في نفس اليوم الذي كان فيه "الظواهري" ينشر في بيشاور شائعة عمل "عزام" لصالح الأمريكيين، وفي جنازة عبد الله عزام، كان أيمن الظواهري يمدح الشيخ ويثني عليه بحرارة شديدة!
السعودية 1989
في خريف 1989 عاد "أسامة" للسعودية، وقد بلغ الحادية والثلاثين من عمره، وقامت الصحافة السعودية ب"نفخ" صورته، حتى استقرت في قرارة نفسه فكرة أنه خُلِقَ لأجل "مهمة مقدّسة"!
لكن شهرته كان لها أثر سلبي على نظرة الشعب للأسرة الحاكمة ونمط حياتها المفرط في البذخ. وكانت ظاهرة البطالة المفرطة تخلق شبابًا خاوي الفكر والطموح، التقط "بن لادن" هؤلاء وبدأ يُحدّثهم هنا وهناك عن "الغرب الكافر" الذي ينظر للمسلمين كالنعاج، وأن الحل الوحيد لإيقاف التدخل الأمريكي في الشرق الإسلامي هو توجيه الضربات له؛ حتى يخرج الأمريكيون من بلاد المسلمين ويعودون لبلادهم.
وينسب المؤلف ل"بن لادن" أنه قال تعليقًا على اجتياح إسرائيل للبنان بضوء أخضر من أمريكا "بينما أنظر للأبراج المدمّرة في لبنان، انقدح في ذهني أن نعاقب الظالم بالمثل، وأن ندمر أبراجًا في أمريكا لتذوق بعض ما ذقنا!".
مغادرة "بن لادن" أفغانستان كانت بداية مرحلة جديدة من التخبّط له وللقاعدة
وهكذا أصبح حديث "بن لادن" يُمثّل مشكلة للنظام السعودي الذي كان يحاول أن يحل محل إيران كحليف استراتيجي لأمريكا في الشرق الأوسط، ومن ناحية أخرى بدأ يهدد العلاقات السعودية اليمنية؛ حيث كان "أسامة" يحاول إقناع السلطات السعودية بالتدخل في جمهورية اليمن الجنوبية الشيوعية لقلب النظام الشيوعي، وبعد أن اتّحدت اليمن في دولة واحدة قام "بن لادن" بتوجيه ضربات من خلال تنظيم القاعدة للاشتراكيين اليمنيين، مما دفع علي عبد الله صالح -الرئيس اليمني- للاحتجاج لدى الملك فهد الذي أمر أسامة بن لادن بالتوقّف عن دس أنفه في شئون اليمن، وتم سحب جواز سفره، الأمر الذي سبّب له صدمة أعادته للواقع، وجعلته يفيق من نشوة "البطولة" التي عاش فيها طويلاً!
بعد ذلك عاد "أسامة" لإثارة المشاكل بأن صوب انتقاداته لصدام حسين الذي كانت السعودية قد وقّعت معه توًّا معاهدة عدم اعتداء، ومرة أخرى حذّرته السلطات من إفساد العلاقات السعودية- العراقية، ولكن تلك العلاقات انهارت بالفعل بمفاجأة اجتياح العراق لدولة الكويت!
فور وقوع الغزو أصاب الرعب السعوديين من احتمال تعرّضهم لغزو مماثل، وهنا بدأت فكرة الاستعانة بالأمريكيين تتردد، الأمر الذي خشاه "بن لادن"، فسعى لإقناع السلطات بعدم طلب عون الأمريكيين، وعرض أن يقدّم مائة ألف مقاتل يتبعونه خلال ثلاثة أشهر، وعندما واجهه وزير الدفاع السعودي بحقيقة اختلاف الطبيعة الجغرافية لأفغانستان -التي اعتاد أسامة القتال فيها- عن تلك الكويتية؛ حيث يصعب تطبيق حرب الجبال التي يبرع فيها "بن لادن" ورجاله، لم يجد "أسامة" ردًّا منطقيًا، ولما سأله الوزير: "ماذا ستفعل حين يضربكم بصواريخ محمّلة بأسلحة كيميائية وبيولوجية؟" لم يكن في ذهنه أي خطة عملية واكتفى بالحديث عن "الإيمان".
بالطبع رفضت السلطات السعودية عرض "بن لادن" الذي حاول استقطاب رجال الدين لصف فكرته، وذكرهم بالحديث القائل "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب" فأجابه أحد العلماء الكبار وهو يشير لعنقه بأن مناقشة هذا غير ممكنة(!!).. وخلال أسابيع، وصل نحو نصف مليون جندي أمريكي إلى السعودية، وكان ذلك مسمارًا آخر في نعش العلاقة الطيبة بين "بن لادن" والنظام السعودي.
في ظل تلك الأجواء، قرر "بن لادن" العودة لباكستان للتوسط لإنهاء الحرب الأهلية الأفغانية، وبالفعل أقنع السلطات السعودية بإعادة جواز سفره له بعد أن وقّع على تعهد بعدم التدخّل في السياسة السعودية ولا سياسة أي بلد عربي آخر، وفي مارس 1992 وصل إلى مدينة بيشاور. وخلال المفاوضات بين الخصمين الأفغانيين "حكمتيار" و"مسعود"، اختلف موقف "بن لادن" عن موقف السعوديين، ومنذ تلك اللحظة انهار التحالف بين أسامة بن لادن والنظام السعودي!
كانت جهود "بن لادن" لمنع الحرب الأهلية الأفغانية قد انهارت.. وهنا أدرك أن عليه مغادرة أفغانستان.. وكانت تلك بداية مرحلة جديدة من التخبّط له وللقاعدة.. من محطة جديدة.. السودان..
(يُتّبع)
اقرأ أيضا:
أسامة بن لادن.. "المرعب"
البُروج المُشَيَّدة.. القاعدة والطريق إلى 11 سبتمبر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.