خطوات تحميل التقييمات والأداءات الصفية والواجبات المنزلية من موقع وزارة التربية والتعليم    طلاب التربية الخاصة ب«تعليم البحيرة» يصعدون لنهائيات الكرة الخماسية    محظورات فى قانون مزاولة مهنة الصيدلة، تعرف عليها    رئيس الأركان يشهد المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك ميدوزا -13باليونان    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024    التموين: زيادة المعروض من بيض المائدة بمعدل 10 آلاف طبق أسبوعياً    وزارة الإسكان تعلن تفاصيل شقق الإسكان الاجتماعي 2024: 78 ألف وحدة بمقدم 20%    محافظ الفيوم: المبادرات الرئاسية تعكس رؤية القيادة فى تطوير مجتمع متقدم    الصناعة: إصدار شهادات الإشراف الصحي والصلاحية للمنتجات الغذائية مطلع 2025    الرئيس السيسي يتوجه إلى روسيا للمشاركة في قمة تجمع دول «بريكس»    عودة الكهرباء لكوبا بعد 4 أيام من الظلام الدامس    روسيا.. هجوم أوكراني خطير بالقرب من محطة زابوروجيا للطاقة النووية    الزمالك يستأنف تدريباته استعدادًا لنهائي السوبر    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من نشاط قوي للرياح وارتفاع الأمواج اليوم    نشرة مرور "الفجر".. كثافات متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    تجديد حبس سائق بتهمة التحرش بسيدة في مدينة نصر    خبير أثري: تعامد الشمس على تمثال رمسيس الثاني يبرز عبقرية المصري القديم    شيرين عبد الوهاب تكتب التاريخ بدخولها موسوعة جينيس.. شاهد إطلالاتها المميزة    أميرة أديب توجه رسالة ل شريف سلامة بسبب مسلسل «كامل العدد +1»    الرعاية الصحية: نستهدف توفير خدمات آمنة لجميع المرضى بوحدات ومراكز الرعاية الأولية    النيران امتدت لمنزلين مجاورين.. إخماد حريق بمخزن تابع لشركة مشروبات غازية بالشرقية    بتهمة القتل الخطأ.. محاكمة أحمد فتوح في جنايات مطروح اليوم    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالشرقية    الكرة النسائية.. المدير الفني لفريق سيدات "مسار" يطالب الاتحاد بحلول لظاهرة الهروب من المباريات    ارتفاع جديد في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024: عيار 21 يسجل مستويات قياسية    عاجل:- بلينكن يتوجه إلى الأردن لبحث وقف إطلاق النار في غزة بعد مقتل زعيم حماس    لهذا السبب.. جوري بكر تتصدر تريند "جوجل"    النجمات لطيفة وجنات وريهام عبد الحكيم في ضيافة «الليلة العمانية» بالأوبرا    دعاء جبريل للنبي عندما كان مريضا.. حماية ربانية وشفاء من كل داء    بزعم أن ظروف المنطقة انعكست الموازنة .. وزير التموين :التحول من الدعم العيني إلى النقدي    الصحة تنظم جلسة حوارية حول فوائد البحوث التطبيقية في تحسين الرعاية الصحية    اليوم.. وزير التعليم يستعرض خطط وسياسات الوزارة أمام البرلمان    «الأزهرى» يشارك فى حفل تنصيب الرئيس الإندونيسى نائبًا عن «السيسى»    بث مباشر على تيك توك.. طبيبة تونسية تنقل عملية جراحية من داخل العمليات (تفاصيل)    الاحتلال يمنع انتشال الجثامين من تحت الأنقاض في جباليا    اسعار التوابل اليوم الثلاثاء 22-10-2024 في محافظة الدقهلية    عواقب صحية كارثية لشرب كوكاكولا يوميا، أخطرها على النساء    تصل ل 20 ألف جنيه.. أسعار تذاكر حفل عمرو دياب نوفمبر المقبل    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    الأمم المتحدة تدين القصف الإسرائيلي العنيف للمناطق الحضرية والسكنية في لبنان    قائد القوات البحرية: مصر نجحت في منع الهجرة الغير شرعية منذ 2016    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي في حزب الله في دمشق    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    تجديد عضوية وزارة التربية والتعليم في مركز اليونسكو حتى 2027    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    عقوبة تخبيب الزوجة على زوجها.. المفتاح بيد المرأة وليس الرجل فانتبه    ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم    المؤتمر العالمي للسكان والصحة.. الوعى في مقابل التحديات    صحة كفر الشيخ: تقديم الخدمات الطبية ل1380 مواطنا بقافلة فى دسوق    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    أسامة عرابي: الأهلي يحتاج خدمات كهربا رغم أزمته الحالية    رئيس إنبي: لجنة المسابقات ستشهد نقلة نوعية بعد رحيل عامر حسين    عضو رابطة الأندية: قرعة الدوري ليست موجهة.. والمقارنة مع عامر حسين «صعبة»    "غرامة وعقوبة وإيقاف".. ماذا يحدث في حالة اعتذار الزمالك عن السوبر؟    من بينهم المتغيبون.. فئات مسموح لها بخوض امتحانات نظام الثانوية العامة الجديد 2025    عبدالرحيم علي: ضرب المفاعلات النووية الإيرانية أول ما ستفعله إسرائيل في "الرد"    هل ينسحب الزمالك من نهائي السوبر أمام الأهلي؟ ثروت سويلم يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أخطأ عصام حجي ؟
نشر في الوطن يوم 01 - 03 - 2014

"سوف نحول الفيروس إلى صباع كفتة ونقدمه للمريض ليتغذي به، وهذا هو قمة الإعجاز العلمي" .. هكذا قدم لواء في الجيش المصري جهازا لا مثيل له في العالم يكتشف وجود فيروسات الإلتهاب الكبد الوبائي والإيدز ثم يدمرها ويحولها إلى مواد غذائية يستفيد بها الجسم .. ولكي أدخل في صلب الموضوع مباشرة و دون مواربة، فأنا كمشتغل بالبحث العلمي أرجو من سيادة المشير السيسي أن يأمر بإيقاف تلك المهزلة فورا وإحالة كل من ورطوا الجيش المصري في مثل هذا الهراء إلى التحقيق بتهمة الإساءة للوطن و لقواته المسلحة العظيمة.
والأن إلى شئ من التفصيل .. لا بد أن نعرف أولا أن وظيفة العلم في المجتمعات هي إنتاج المعارف الجديدة .. ويمتاز العلم عما دونه من الطرائق الأخرى بصرامة منهجه في الفحص والتمحيص على نحو يجعل ما ينتجه من معارف موثوق بها ومعول عليها. وحتي تكون المعرفة الجديدة علمية لا بد أن تتحقق فيها ثلاثة خصال .. أولها أن تكون قائمة على أسانيد منطقية رصينة مقبولة لدى المجتمع العلمي وثانيها أن تكون نتائجها قابلة للتكرار وثالثها أن يكون الإستنتاج العام قابل من حيث المبدأ للدحض وإثبات الزيف إن كان خاطئا.
لنعطي مثالا توضيحيا .. هب أن شخصا ما أدعى أنه إخترع سيارة لا تحتاج إلى وقود. لكي يجتاز هذا الإدعاء المرحلة الأولى من التدقيق العلمي لا بد و أن يشرح هذا الشخص وبوضوح الأساس العلمي لذلك الإكتشاف، كأن يبين مثلا أن هذه السيارة تعمل بالطاقة الشمسية مع تفاصيل التركيب الدقيق للخلايا الضوئية وكيفية عملها ومدى كفاءتها، على نحو يجعل التصميم العام قائما على مجموعة من الحقائق العلمية المنطقية والمقبولة. ولإجتياز المرحلة الثانية من التدقيق، لابد أن تكون التجربة قابلة للتكرار بمعنى أن تعمل هذه السيارة بنفس الطريقة في أي مكان في العالم عند تجريبها وألا يكون تشغيلها قاصرا على مختبر واحد في بلد واحد لما يلقيه ذلك بظلال من الشك على مصداقية العمل.
وأخيرا يجب أن يتم إختبار فرضية زيف الإدعاء بمجموعة من التجارب العيارية. على سبيل المثال، يتم نزع الخلايا الضوئية من السيارة ثم محاولة تشغيلها لإثبات أنه لا يوجد شئ آخر أخفاه الباحث يمد سيارته بالطاقة. أو فحص مستقل لقدرة هذه الخلايا الضوئية على امتصاص ضوء الشمس وتحويلها إلى طاقة كهربية. فإذا إجتاز الإكتشاف كل تلك الاختبارات الصارمة وأجازها المجتمع العلمي من خلال النشر العلمي الجاد، عندها وعندها فقط يمكن إعتبار هذا الاكتشاف اكتشافا علميا يمكن التعويل عليه.
الأصل في التدقيق العلمي هو التشكك وعدم التصديق والإعتماد التام على الأدلة المنطقية القاطعة كهادٍ ومرشد قبل القبول والتسليم. البحث العلمي عملية شاقة وطويلة و بسبب صرامتها و رصانتها أتت بالعلاجات الناجعة والمكتشفات العلمية الجبارة كالطائرات والسفن وأجهزة الحاسوب والهواتف النقالة وما إلى ذلك .. على عكس الخرافات والخزعبلات التي لا مرضًا داوت ولا بنيانًا أعلت. ولا يَعتد المنهج العلمي في الفحص والتمحيص بسيرة الباحث أو مكانته في المجتمع أو حتى مكانته العلمية. أي أنه لا حصانة لأحد عندما يخضع الأمر لصرامة التدقيق العلمي، فالبينة على من أدعى، وليس مطلوبا من المجتمع العلمي على الإطلاق أن يجدد مبررا لاكتشاف غير ذي سند من البراهين العلمية، إعتمادا على ثقٍة في شخص الباحث أو مكانة المؤسسة التي ينتمي إليها. وإنما هي مسئولية حصرية على ما من أدعي بأن يأتي بدلائله وحججه ليعرضها على المجتمع العلمي بما تعارف عليه من وسائل. ثم أن عِظم الإدعاء يستوجب عِظم الدليل، بحيث لا يُقبل التدليل على إكتشاف خارق بأدلة ركيكة متهافتة.
البحث العلمي لا يقوم على الكفتة يا سيادة اللواء عبد العاطي .. ولو صدق ما تدعيه من إمكانيات خارقة لهذا الجهاز فهذا يعني بالضرورة أنك وفريقك قد أتيتم أمرًا جلالا، و قمتم باكتشاف نظريات جديدة في علوم الفيزياء الحيوية والكيمياء تستوجب التكريم الدولي. وأنا بالطبع لا أرفض تلك الفرضية، إلا أنها تستوجب عليك أن تعرض اختراعاتك على المجتمع العلمي بكل وضوح لفحصها والتدقيق فيها بالطرق المتعارف عليها، ثم تترك للمجتمع العلمي المتخصص الحكم على إنتاجك العلمي بعيدًا عن المؤتمرات التلفزيونية، وبعيدا عن الإرهاب والكباب أيضا.
ولقد عملت زهاء الخمسة عشر عاما في مؤسسات علمية عالمية منضبطة، وإستنادا إلى تخصصي العلمي أقرر أنه لا يوجد أى سند علمي على الإطلاق لمثل هذا الجهاز، لا علي سبيل اكتشاف الفيروس أو علاجه وكل ما رُوي ونُقل ونُسب وتُتداول حول هذا الجهاز أشبه بترهات من يدعون علاج السرطان بالحلبة و مرض السكري بالجنزبيل وما إلى ذلك من أمور لا يلقى لها المجتمع العلمى بالا ولا تؤخذ على محمل الجد. وأشارك الدكتور عصام حجي المستشار العلمي للرئيس في ما مضى إليه بأن الإعلان بهذه الطريقة عن هذا الجهاز هو فضيحه لمصر تستوجب حساب من قام بها حسابا عسيرا.
كما أحييه على أمانته العلمية وشجاعته وإستعداده لتحمل الأذى من فلول المطبلين والراقصين في مواكب الكذب والنفاق. لم يخطئ الدكتور عصام حجي أبدا وانما قام بواجبه كمستشار حفيظ عليم و قوي شجاع. وأنا على ثقة كاملة أن سيادة المشير السيسي الذي أبدي بسالة في الدفاع عن مصر حين أنقذها من مخالب السوء، سوف يتكفل بحماية المستشار العلمي للرئيس حتى لا تكون الرسالة مفادها أن للأمانة والكفاءة في مصر ثمن فادح يشقى به الشرفاء في حين يهنأ المنافقون بنفاقهم. هل سنظل نمضي في نمط حياة ينطوى على إهدار لقيم العمل الجاد وعرق الجبين وإعلاء لصغائر الركاكة والتفاهة؟ هل ستكون مصر بعد ثورتين بوابة مشرعة للكفاءات ووجهة جاذبة للاستثمارأم جحيما من الجهل والتخلف طاردا لقيم الجمال و النبل والأصالة ؟ أرجو أن تكون هذه الأسئلة ومثلها تجول في خاطر الرئيس القادم لمصر .
* أستاذ الفيزياء الحيوية المساعد بجامعتى القاهرة وجنوب إلينوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.