قال مساعد المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم، إن لندن أرسلت وسيطا إلى طهران؛ لبحث مسألة الإفراج عن ناقلة النفط البريطانية المحتجزة في إيران منذ أيام، وفق ما نقلت وكالة أنباء "رويترز"، في وقت عبرت سفينة بريطانية مضيق هرمز في أول عملية عبور منذ واقعة الاحتجاز. واحتجزت إيران السفينة البريطانية قبل أيام بداعي مخالفتها إجراءات الملاحة في الجانب الإيراني من "مضيق هرمز"، في إجراء أتى بعد احتجاز السلطات البريطانية ناقلة نفط إيرانية في "مضيق جبل طارق"، الأمر الذي يثير كثيرًا من التساؤلات حول الدور الذي يمكن أن يقوم به الوسيط والتعاطي الإيراني معه. احتجاز إيران ناقلة النفط البريطانية أول أزمة أمام "جونسون" من جهته، قال الدكتور طه علي الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، إنه بالنسبة لأزمة احتجاز إيران ناقلة نفط بريطانية، فإنها أول أزمة أو أول مشكلة سوف يطلع عليها رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون، الذي انتخب خلفا لتيريزا ماي، مشيرا إلى أن هذه القضية مهمة لأكثر من سبب بالنسبة لبريطانيا، أولا الرأي العام البريطاني يتابع هذه القضية بقوة وخصوصًا أنها من ناحية إيران. وأضاف أن هذه الأزمة مرتبطة بتحالف أمريكي بريطاني في قضايا الخليج بشكل عام، وبالتالي فإن بريطانيا لن تستطيع العمل منفردة بعيدا عن واشنطن، والإيرانيين أنفسهم في حالة من الصرع نتيجة الضغوط الاقتصادية التي يعانون منها بسبب الحصار الاقتصادي الأمريكي، لذا نجد أن الإيرانيين وجدوا الفرصة التي لا يمكن تعويضها باحتجاز السفينة البريطانية، وبالتالي ما كان على البريطانيين إلا إرسال الوسيط. استجابة إيران للوسيط البريطاني سترتبط بحجم المكاسب في المفاوضات مع الغرب لدى طهران ولم يقدم مدير مكتب مرشد إيران محمد كلبايكاني، مزيدا من التفاصيل حول زيارة المبعوث البريطاني، حسبما نقلت "رويترز" عن وكالة "تسنيم"، شبه الحكومية في إيران. وأكد طه علي أنه نظرا لتعقد الأزمة وارتباطها بما هو أبعد من احتجاز سفينة، وهو الاتفاق النووي وسياسات إيران في الشرق الأوسط بشكل عام، فإن المسألة معقدة بشدة لذا فإن دور الوسيط غالبا لن يتطرق لكل هذه الجوانب وسيقتصر بدرجة كبيرة على تحرير ناقلة النفط. وعن استجابة إيران لمطالب الوسيط، قال المحلل السياسي، إنه ليس بالضرورة أن تكون الاستجابة سريعة، لأن إيران ستمارس الضغوط لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب في إطار عمليات التفاوض مع الغرب، ومحاولة سحب بريطانيا بعيدا عن التحالف مع الولاياتالمتحدة، وجذب بريطانيا تحت شعار مفاوضات "4 + 1"، وليس "5 + 1" بعيدا عن الولاياتالمتحدة، ولتتفاوض مع بريطانيا عوضا عن انسحاب الأمريكيين. طهران تخطط لسحب بريطانيا بعيدا عن الولاياتالمتحدة للتفاوض حول الاتفاق النووي وأوضح علي أن الموقف الإيراني يتمثل في محاولة سحب بريطانيا بعيدا عن الموقف الأمريكي لإعادة التفاوض مع الأوروبيين، وتحقيق مكاسب اقتصادية تعوض طهران عن الحصار الذي تفرضه واشنطن على الاقتصاد الإيراني، مضيفا: "هنا يوجد أطراف مثل فرنسا وألمانيا تدفع باتجاه إعادة التفاوض مرة أخرى، وبالتالي طهران تتصور وجود بريطانيا ضمن هذه الدول بعيدا عن الإرادة الأمريكية، ما يعزز الموقف التفاوضي الإيراني ويرسخ الثقة وجدية الحوار". وعن رئيس وزراء بريطانيا الجديد، أوضح علي أن بوريس جونسون يعرف عنه نزعة متشددة تجاه قضايا السياسة الخارجية، لكن ما يجعل البعض يرى أن جونسون سيتحالف أو يتضامن مع دونالد ترامب في مواجهة إيران، هذا يبدو صحيحا ولكن في حدود معينة. وأوضح المحلل السياسي أن جونسون بالأساس سينشط في ملف بريكست، وهو جاء على خلفية هذا الملف، ولكن فيما يخص إيران سيبدي جونسون مرونة نسبية في التعامل مع الوضع الإيراني نظرا لتفوق الموقف الإيراني نسبيا حتى الآن من خلال ضرب مرافق نفطية وضرب سفينة يابانية، وأخيرا احتجاز السفينة البريطانية، وهذا وضع متميز في معادلة الصراع مع الغرب، وبالتالي ستبدي لندن مرونة أكثر في التفاوض، وسيجرى الإفراج عن سفينة النفط البريطانية، وهذا سيأخذ وقتا يرتبط بقدرة الإيرانيين على تحقيق مكاسب، أي ستأخذ بعض الوقت تستغله طهران للغضط على البريطانيين لتحقيق مكاسب. النظام الإيراني سيوظف رغبة لندن في التفاوض لمواجهة أزماته الداخلية ويرى الكاتب والمحلل السياسي أنه انطلاقا من الأزمة التي يعيشها النظام الإيراني فإنه يسعى لتوظيف الأزمات الخارجية لدعم وحشد أكبر قدر ممكن من الصف الداخلي خلفه، مشيرا إلى أن النظام الإيراني روج، خلال الفترة، الأخيرة أن بريطانيا العظمى جاءت من خلال وسيط لتترجى إيران للإفراج عن سفينتها، وبالتالي إيران الفارسية في وضع متميز. وتابع: "ما يدفعنا بالقول إن النظام الإيراني سيستغل عملية الوسيط ويروج لها لمواجهة بعض المشكلات الداخلية من انتهاكات لحقوق الإنسان وأزمات اقتصادية، ومسألة عودة بريطانيا العظمى راكعة سيتم توظيفها في الفترة المقبلة من خلال الجانب الإعلامي والشعارات الدبلوماسية من جانب المسئولين الإيرانيين". كانت طهران أعلنت، يوم الجمعة، أن الحرس الثوري احتجز ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز، واقتادها إلى ميناء بندر عباس، فيما حذرت لندن من تداعيات وخيمة من أعمال "قرصنة الدولة". وقالت إيران إن احتجاز الناقلة جاء بعدما "تورطت في حادث اصطدام" مع زروق صيد إيراني، ورفع هذا الحادث التوتر مع بريطانيا، التي قالت إن الأمر ينطوي على عواقب وخيمة. رغم الأزمة.. سفينة بريطانية تمر من "مضيق هرمز" في السياق ذاته، مرت سفينة كبيرة ترفع العلم البريطاني، اليوم، من مضيق هرمز في أول عملية عبور من نوعها تقوم بها سفينة بريطانية منذ احتجاز الناقلة، وفق ما أوردت وكالة "أسوشيتد برس". وحدد المنشور البحري "لويدز ليست" السفينة باسم "بي دبليو إلم"، وأفاد بأن السفينة الحربية البريطانية "إتش إم إس مونتروز" تابعت السفينة عن كثب لكنها لم تقدم حراسة مباشرة. كانت بريطانيا حذرت سفنها بعد حادثة الناقلة من المرور في المضيق الاستراتيجي، وطالبتها بالابتعاد عنه، بسبب التصرفات الإيرانية. وأعلن وزير خارجية بريطانيا جيريمي هانت، أمس، أن لندن تسعى إلى تشكيل قوة أمنية بحرية بقيادة أوروبية لضمان الملاحة الآمنة في مضيق هرمز، بعد احتجاز إيران ناقلة النفط.