"إن حياة الكاتب ليست ملكًا خاصًا به بل هي ملك مشاع بين القراء، ولا يمكن حجبها عنهم، وهم إن لم يلتقطوها متناثرة في كتاباته، قدمها إليهم النقاد مكشوفة في تراجمه، وأنا هنا أقدم لكم قطعا من حياتي أقتطفها كما هي، وألقي بها إليكم عارية مجردة، لا أثر فيها لخيال قاص أو ابتكار مؤلف، وبيدي لا بيد عمرو"، هذا هو فارس الرومانسية يوسف السباعي، يتحدث عن حياته، والتي جسدها في أعماله الرومانسية ذات النبرة الواقعية. هو يوسف محمد محمد عبدالوهاب السباعي، ابن حي الدرب الأحمر بالقاهرة، ومن مواليد 17 يونيو 1917، الذي نشأ في أسرة تعشق الكتابة، فكان والده محمد السباعي المترجم والكاتب يرسله، وهو لا يزال صبياً، بمقالاته إلى المطابع، فحفظ رباعيات الخيام عن ظهر قلب، من النسخة التي ترجمها والده عن الإنجليزية، وتأثر بكتاباته بشكل كبير انعكس علي ثقافته ورؤيته الإبداعية. اجتاز السباعي المرحلة الثانوية وعلى الرغم من عشقه للأدب إلا أنه التحق بالكلية الحربية، وترقى إلى درجة الجاويش وهو في السنة الثالثة، وتخرج منها في عام 1937، وأصبح قائدًا لفرقة من فرق الفروسية، وفي عام 1940 عمل بالتدريس في الكلية الحربية بسلاح الفرسان، وأصبح مدرساً للتاريخ العسكري بها عام 1943، ثم اختير مديراً للمتحف الحربي عام 1949، تدرج السباعي في العديد من الوظائف والمناصب العامة بعد ذلك، ولم تبعده هذه المناصب عن عشقه للأدب، حيث سار الاثنان جنباً إلى جنب في حياة السباعي. منتصف الأربعينات، انطلق القاص يوسف السباعي، يغرد بأعماله الأدبية، ونشر عددًا من المجموعات القصصية وصلت إلى 22 مجموعة قصصية، ولقّبه المثقفون وقتها ب"فارس الرومانسية"، وأصدر عشرات الروايات آخرها "العمر لحظة" سنة 1973، واستمرت مسيرته في العمل العام بإنشاء نادي القصة ثم تولى مجلس إدارة ورئاسة تحرير عدد من المجلات والصحف منها روز اليوسف، وآخر ساعة، ودار الهلال، والأهرام وفي عام 1977 أصبح يوسف السباعي نقيبًا للصحفيين كما تولى السباعي وزارة الثقافة المصرية، وأعمال يوسف السباعي الرومانسية كانت الأعلى توزيعاً، لأنها تداعب احتياجات مرحلة عمرية لفئة من القراء الشباب، كما أنها أصبحت أرشيفًا تاريخيًا في مكتبة السينما المصرية، كما أن روايته "السقا مات" اختيرت من أفضل 100 رواية عربية. "السباعي" لم يكن مجرد قائد عسكري أو أديب أو وزير في الدولة، بل كان حالة ثقافية خاصة، حكى عن نفسه ببساطة وأسلوب مرن، إلأ أن أقرانه من الأدباء قالوا عنه الكثير، فلقبه الأديب العالمي نجيب محفوظ ب"جبرتي العصر"، وقال عنه مرسي سعد الدين في مقدمة كتاب "يوسف السباعي فارس الرومانسية"، إنه لم يكن مجرد كاتب رومانسي بل كانت له رؤية سياسية واجتماعية في رصده لأحداث مصر، ووصف توفيق الحكيم" أدب يوسف السباعى، بقوله: "سهلاً عذباً باسمًا ساخرًا" يوسف السباعي، الذي جسّد نهايته في مشهد من رواية طائر بين المحيطين التي صدرت في عام 1971، بقوله: "ماذا سيكون تأثير الموت عليّ؟، وعلى الآخرين؟ لا شيء.. ستنشر الصحافة نبأ موتي، كخبر مثير ليس لأني مت، بل لأن موتي سيقترن بحادثة مثيرة"، وهو ما حدث في مانشيت الأهرام 19 فبراير 1978، "اغتيال يوسف السباعي في جريمة سوداء بيد التطرف الفلسطيني في قبرص".