يستسهل البعض فيسارع بتشبيه الإرهاب الذى نكتوى بناره الآن بإرهاب الثمانينات والتسعينات، وهذه كذبة كبرى وخديعة عظمى ومقارنة فى غير محلها، إرهاب زمن مرسى والشاطر إرهاب مختلف، فهو أكثر عنفاً وخطراً وتدميراً وغلاً، ولا مجال لمقارنته بإرهاب زمن السادات ومبارك، بل لا أبالغ إذا قلت لا مجال لمقارنته بأى إرهاب فى العالم، نحن فعلاً نواجه أخطر إرهاب واجه وطناً وشعباً فى التاريخ، لكن ما هى نقاط الاختلاف التى جعلتنى أحس بهذا الإحساس المرعب وأقدر تلك الدرجة من الخطورة؟ * الإرهاب الآن ترعاه عدة أجهزة مخابرات من أقوى مخابرات العالم، تتعهده بالدعم والمعلومات والتحفيز والمال، أجهزة مخابرات من قطر وتركيا وأمريكا وإسرائيل، لأول مرة فى تاريخ الإرهاب المصرى تدخل السيارات المفخخة، لم نكن نسمع فى الثمانينات والتسعينات عن هذه الطريقة الراغبة فى دمار أكبر وتخريب أشمل وقتل أعم، لم تكن حدودنا مفتوحة سداح مداح فى زمن الإرهاب الثمانينى والتسعينى بهذا الشكل المرعب، أنفاق حماس وصحراء ليبيا وأحراش السودان، لم يكن بجانبك عصابة ليس لها قلب اسمها حماس تحكم قطاعاً فقيراً مزدحماً مستعداً ليتحول فى أى لحظة إلى ديناميت ونابالم، لم يكن ظهيرك الغربى دولة مفككة إلى قبائل كانت تمتلك جيشاً مسلحاً على أعلى مستوى، وبعد أن سقط حاكمه القذافى بدأ هذا السلاح يتسلل إلى أيدى صبية الإرهاب فى مصر من الآلى إلى الصاروخ والمدفع، ويتوافر معهم مثل علب السجائر. * لم يعد الإرهاب كما كان من قبل وليد الفقر والعشوائيات والظروف المادية الصعبة، تجنيد الإرهابيين وغسل دماغهم وتزييف وعيهم صار يكتسح طبقات لم تكن صيداً سهلاً فى الماضى، قاتل الضابط محمد مبروك طبيب يسكن فيلا فى التجمع الخامس ووالدته مديرة بنك! ومثله الكثير والكثير، وقراءة بسيطة لخريطة أعضاء الجماعة الإرهابية توضح لك تباين واختلاف ووجود جميع الأطياف الطبقية مما منح الإرهاب سنداً مادياً واجتماعياً قوياً. * التكفيريون الجدد الذين سلمهم مرسى سيناء تسليم مفتاح لا يحسون بأدنى ارتباط أو انتماء أو حتى علاقة بالوطن الأم، فالإخوان جاهروا بالسر الإخوانى أنه لا وطن ولا وطنية ولا مواطنة وإنما هو حفنة من تراب نجس وطظ فيه والحمساوى يحكمنى أفضل من المصرى غير الإخوانى!! سيطرت تلك المفاهيم وصارت مانيفستو الإرهاب والدم لدى التنظيمات التى أفرخها الإخوان. * إرهاب هذه الأيام نما وترعرع فى ظل غياب وموات وترهل ومرض الجهاز العصبى المركزى للأمن المصرى، فى ظل غياب المعلومات، فى ظل انهيار جهاز أمن الدولة، على عكس إرهاب الثمانينات والتسعينات الذى كانت المعلومات فيه متوقعة والضربات استباقية والتنظيمات مكشوفة ومخترقة، إرهاب زمن مرسى والشاطر تم، ولأول مرة فى تاريخ مصر وربما العالم، برعاية رئيس الدولة شخصياً ومن خلال تخابره وجاسوسيته هو وجماعته، وهذا ما يمنح إرهاب هذه الأيام طعمه المرير ولونه الدموى المحتقن وسخونته الحارقة وعنفه الهادر. * إرهاب هذه الأيام وصل فى درجة عنفه إلى درجات غير مسبوقة، إرهاب هذا الزمن الأسود وصل إلى قمة الهستيريا، يُسقط الطائرات ويذبح البشر من أجل بوستر ويحرق أطفالاً من أجل أغنية. * إرهاب الآن نما فى ظل فضائيات دينية محرضة بشكل لم يكن موجوداً فى الثمانينات والتسعينات، فضائيات خلقت احتقاناً مرعباً وتحريضاً دموياً وثقافة كراهية شحنت المتعصبين بشحنة غضب رهيبة ورغبة تدمير كاسحة، فضائيات جندت قطاعات جديدة انخرطت فى جماعة الإرهاب، ومنها المرأة التى صارت شرارة ديناميت فى معظم المظاهرات والتخريبات. * استيقظنا فجأة على حنفية تمويل لا تتوقف ومليارات لا تنضب تصب فى جيوب الإرهابيين، فمعظم إرهاربيى الثمانينات والتسعينات كان المال لا يمثل أولوياتهم مثل إرهابيى هذا الزمن الأغبر، الصفقة بالرأس، والملايين تُدفع بلا حساب، وطابور البلطجية والعاطلين متعطش لحقيبة الدولارات والدراهم والريالات، ولذلك فالكم أكبر والكيفية أخطر. * زرعت الجماعة الإرهابية الخائنة عقيدة كراهية الجيش وغذت هذه العقيدة ونمّتها عبر مواقع التواصل مع بعض الحركات الثورية المراهقة التى يمثل لها الجيش المصرى عفريتاً يتلبس أجسادهم! هذا التصريح العلنى بهذه الكراهية لم يكن موجوداً فى إرهاب الثمانينات والتسعينات، ولم يكن أحد من هؤلاء الإرهابيين يستطيع التلفظ بمجرد لفظ إهانة للجيش المصرى. * لم يكن لدى إرهاب الثمانينات والتسعينات آلة إعلامية جهنمية اسمها قناة الجزيرة تملك من الإمكانيات المادية والتكنولوجية والتأثير العالمى قوة لا يستهان بها، مما منح إرهاب زمن مرسى والشاطر أجنحة عابرة للقارات وقدرة على غسل دماغ الإعلام الغربى المؤجر المستعد للعمالة والتربص.