حذرت تقارير صادرة من الأزهر ودار الإفتاء المصرية، أولياء الأمور من محاولات استقطاب المتطرفين لأبنائهم، وقدمت تقارير المؤسستين أبرز سبل استقطاب المتشددين للشباب والأطفال، وكيفية الوقاية منها. مرصد الأزهر ذكر في دراسة له، عن طرق الجماعات المتطرفة في تجنيد الشباب، أنّ الجماعات المتشددة والإرهابية استحدثت فكرة استخدام الأطفال في صفوفها لتحقيق أهدافها وتأمين مستقبلها، وأنّها لا تتوانى عن توظيف كل ما يتوافر لديها من أدوات بغية الوصول لمآربها ونشر أفكارها. وأوضح المرصد: "استغل المتطرفون براءة الأطفال كونها الأسهل في عملية التلقين، إذ أنّهم لا يُظهرون أي مقاومة عند تجنيدهم، ولا يمتلكون الوعي الكافي للتمييز بين الخطأ والصواب، ولا يدركون مدى خطورة ما يتعرضون له، وتستخدم الجماعات الإرهابية الأطفالَ كذلك في عملياتِ الحِراسَةِ وحمل الرسائل والعمل كجواسيس، فضلا عن المشاركة في القتال وخدمَةِ قياداتِ التنظيمِ، كونِ ولائهم غير مشكوك فيه". وتابع مرصد الأزهر، أنّ الجماعاتُ المتطرفةُ تستخدم كل ما يتوفر لها من وسائلِ في تجنيد الأطْفالِ، بداية من الإغراءِ الماديّ وحتى التأثيرِ العاطِفي والترفيهِ، كي يتم التغرير بالأطفالِ من خلالِ ألعابٍ ومناهِجَ إلكترونية وتطبيقات الإنترنت، ولا سيما وسائل التواصلِ الاجتماعي المتنوعة، ومن بين هذه التطبيقات "حروف"، الذي أجرى التنظيم تحديثا له عدة مرات، بهدف تسهيل عملية الوصول للأطفال وتجنيدهم، كما يتِمُّ تجنيدُ الأطفالِ من خلال توزيع هدايا عليهم في الحفلات والمهرجانات والمسابقات التي يستغلها المتطرفون، لتمرير أفكارهم المضللة. وأوضح تقرير الأزهر، أنّ أبرز طرق تجنيد الأطفال، تتمثل في "التطبيقات والألعاب الإلكترونية ومواقع الإنترنت المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي المتعددة، وأفراد العائلة من أبناء المقاتلين في صفوف تنظيم داعش أو الخطف والإكراه على انتهاج التطرف، والأصدقاء أو المعلمين أو الأئمة من أصحاب الفكر المتطرف، وتنظيم الحفلات والمهرجانات والمسابقات سرًا لكسر الحاجز النفسي للأطفال، واستخدام المدارس ومناهجها الدراسية باعتبارها ميدان قد ينتشر فيه الفكر المتطرف، واستغلال حب التقليد لدى الصغار ورسم صورة زائفة في عقولهم عن صورة البطل، والعزف على العوامل النفسية في حب القتل والقتال، وعن طريق المال مستغلة بذلك تردي الأوضاع الاقتصادية والظروف الاجتماعية الصعبة التي ينشأ فيها قطاع كبير من الأطفال، لا سيما في إفريقيا ومناطق النزاع". ودعا مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء، الآباء والأمهات إلى بذل المزيد من الجهد والمتابعة للأطفال والنشء، وحمايتهم من دعاة التطرف والعنف والتكفير، وبذل المزيد من الجهد في متابعة الدوائر التي يتعامل معها أطفالهم، خاصة على مواقع الإنترنت والأصدقاء الافتراضيين على شبكات التواصل الاجتماعي. وأوضح المرصد، أنّه للوقاية من مخاطر جنوح الأطفال للتطرف، وضع المرصد عدة آليات يتعين على الأبوين فعلها حفاظًا على أبنائهم من الجنوح نحو الفكر المتشدد والتكفيري، وهي "بث روح التسامح والتعاون، ونشر الهدوء والاطمئنان داخل الأسرة، وتعليم الأطفال عدم التعصب لأي توجه لأنّه ليس من تعاليم الأديان، وتوجيه الأطفال نحو ممارسة الرياضة الجماعية والهوايات التي يحبونها، وحث الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وآرائهم في إطار من الحوار والنقاش الهادئ والمنضبط، والاهتمام بالألعاب التي تنمي ذهن النشء، وتفنيد القناعات الخاطئة، ومحاولة إبعاد الأطفال عن الرفقاء المتعصبين، وتقديم أدلة وبراهين للأطفال حتى يقتنعوا بأوامر الوالدين، إذ أنّ الفكر غير القائم على البراهين والأدلة هو فكر يشجع التطرف والتعصب". واختتم المرصد تقريره، بالتأكيد على ضرورة تعظيم دور الرقابة ومتابعة الأسرة لسلوكيات أبنائها ومحاولة تقويمهم بعيدًا عن الصدام، مؤكدًا أنّ مواجهة التطرف لا تقع مسؤوليته على مؤسسة أو جهة بعينها، لكنها عملية ذات جهد جماعي تشارك فيه المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، والقوى المجتمعية وعلى رأسها الأسرة.