- أهلااااااااااااان يا أستاذ منصور، خطوة عزيزة يا أستاذنا، عاش مين شافك.. إنت جاي تستفتي هنا؟. - أيوة يا عوض، لأن بطاقتي فيها عنوان البلد، وبالمرة آخد إيجار الأرض. - والله عفارم عليها البطاقة اللي خليتنا نشوف حضرتك يا أستاذ. - تسلم يا عوض، قولي يا عوض، إنت هتقول (نعم) ولا هتقول (لا) للدستور؟. - والله يا أستاذ إمبارح الحاج فتحي أبوعزوز، كان قاعد معانا تحت التوته الجوانية، ما إنت عارفها، وقعد يقول لنا كلام كبير أوي، وفي الآخر قال لنا قولوا (لا)، مش إنت برضك هتقول (لا) يا أستاذ؟. - بص يا عوض، إيه رأيك في السنة اللي الإخوان حكمونا فيها؟. - زفت طبعًا يا أستاذ. - كلام جميل، وإيه رأيك في التفجيرات والحرق وتعطيل المصالح، وكل المشاكل اللي بتحصل في مصر؟. - ربنا يوقف حالهم زي ماهم واقفين حالنا يا أستاذ. - طيب إيه رأيك في ثورة 30 يونيو؟ هل هي انقلاب كما يدعي الإخوان، أم أنها تصحيح لوضع خاطئ؟. - والله ماني عارف يا أستاذ، ناس بتقول كده وناس بتقول كده!. - شوف يا عوض.. نحن شعب طيب وليس لديه سوء النية على الإطلاق، ولذلك وبالبلدي كده الشعب ده من حسن نيته، البلد اتنشلت منه، يعمل إيه؟، راح مبلغ الجيش إن البلد اتسرقت، وزي ما إنت عارف أن الجيش هو حائط الصد الصلب القوي والأخير، فما كان منه إلا أن أعاد البلد إلى أصحابها من جديد، فهل هذا يعتبر انقلاب يا عوض؟. - لأ طبعًا يا أستاذ، الحق رجع لصحابه. - الله ينور علييييك، أما بالنسبة للدستور يا عوض فهو ليس مجرد وثيقة أو مستند يجب تمريره، هذا الدستور بالذات يا عوض يختلف عن كل الدساتير السابقة، ليس لكونه الأفضل فحسب، ولكن لكونه يحمل رسائل كثيرة إلى المتربصين بهذا البلد، سواء في داخله أو من خارجه، ومن أهم هذه الرسائل، إثبات أن ثورة 30 يونيو لم تكن انقلابًا، وأن موافقتنا على هذا الدستور تعني أننا طوينا إحدي مراحل التخبط، وسوف نستعيد هذا الوطن بشكل كامل ممن احتلوه، واستباحوا حرمته واغتصبوا أرضه وسرقوا حلمه، وزيفوا هويته وأهانوا شعبه وجيشه وقضاته. - بس الحاج فتحى قال غير كده.. قال إن "السيسي" انقلب على "مرسي" وإن الناس اللي بيقولوا عليهم ربراريين وعميانيين دول هيضيعوا الدنيا والدين، وهيودوا البلد في ستين داهية يا أستاذ!. - بص يا عوض، مصر دولة لها ثوابت دينية وحضارية وثقافية، ولا يمكن لأي دولة، أو جماعة، أو شخص أن يغير من ثوابتها، لا تقلق يا عوض، فمصر عادت لحضن شعبها من جديد. - والله كلامك حلو يا أستاذ.. إنما قولي يا أستاذ، أنا حاسس إن الدستور ده فيه عفريت، ناس تشكر فيه وناس تذم فيه.. هيا إيه الحكاية بالظبط يا أستاذ؟. - الدساتير يا عوض ليست كتبًا مقدسة، إنما هي مثل عقود الاتفاق التي تلزم طرفين، ولكن الدساتير تلزم دول ومواطنين، وتحدد لهما الحقوق والواجبات، والجميل في هذا الدستور بالذات، أنه يحتوي على مزايا كثيرة تلزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية، والمحافظة على حقوق العمال والفلاحين والمعاقين، وكذلك حقوق المرأة والطفل والمسنين والأقليات.. ألخ. - على فكرة يا عوض.. بمناسبة الأقليات، فاكر عندما احترق بيتك منذ عدة سنوات؟؟ - إيوه فاكر يا أستاذ، هيا دي حاجة تتنسي!. - من الذي عرض نفسه للخطر، احترقت ساقه ويديه عندما دخل إلى بيتك لينقذ أطفالك، ألم يكن القس مينا عياد.. من الذي حارب بجوارك في أكتوبر 73، ألم يكن منير سيدهم.. من الذي وقف أمام الكنيسة ليحميها من المعتدين، ألم يكن الشيخ محمد سليم، وحسين رضوان، وطه أبو إمام وغيرهم.. هذا الدستور يا عوض وضع ليوحد المصريون ولم يفرق بينهم ويشتتهم، هذا الدستور يا عوض سيحفظ حقوق الجميع بما فيهم جيرانك المسيحيين. - يا سلاااااام.. والنبي كلامك حلو يا أستاذ.. أنا هاخد كلامك كله وأعمل بيه غميضي بالعند في الحاج فتحي، روح يا شيخ، إلهى يريح قلبك زي ما ريحت قلبي. - لا يا عوض، لا يجب أن تأخذ الكلام كما يقال لك، يجب أن تفكر فيه، ثم تتخذ قرارك، فهذا الدستور كما أن به مزايا، ففيه أيضًا عيوب، ولكنها عيوب يجب أن نتجاوزها، على الأقل في هذه المرحلة. - زي إيه كده يعني يا أستاذ؟. - من العيوب الخطيرة في هذا الدستور مثلًا، والتى لن نشعر بها الآن، أنه أسرف كثيرًا في الوعود وإلزام الدولة بمهام كثيرة، في الوقت الذي تعاني فيه من عجز في الموازنة، وقلة في الموارد، وتراكم الديون، وقلة الإنتاج، ما يجعلها حتما ستقصر في الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى حالة من السخط لدى بعض المواطنين، وبالتالى لن تستقر الأوضاع ولن تمكث أية حكومة في موقعها لبضعة شهور، وبالتالي سيطالب هؤلاء المواطنون بإقالتها، فكان يجب على من شارك في وضع هذا الدستور أن تكون لديه رؤية بعيدة المدى، ويكون على دراية بالإمكانات الحقيقية للدولة، ليضع هذه الالتزامات بشكل مرحلي لتتمكن الدولة من الوفاء بها. - يعني هنفضل طول عمرنا في الهم ده يا أستاذ؟. - لا يا عوض، يجب أن تكون متفائلًا، لكن الموضوع يحتاج إلى بعض الوقت، ويحتاج إلى المزيد من العمل والتحمل والصبر، ولا تنسى من يتربصون بنا في الداخل وفي الخارج. - قولي يا عوض.. لجنتك رقمها كام؟. - مكتوبه في الورقة دي يا أستاذ. - الله يخرب بيتك يا عوض.. اللجنة بتاعتك مش هنا، لجنتك في مدرسة عمر المختار الابتدائية.. سلملي على أمك هنية يا عوض، متنساش يا وله.