دومًا ما يتوق الإنسان إلى الحب، وهو لا يدري أن ما الحب إلا أولى درجات العشق، وفي العشق السبيل إلى الاستعباد، وفي استعباد الحب حياة غير كل حياة؛ حياة أو حياة. الأولى ما أجملها؛ حب ولا كره، سمو ولا دنو، خلود ولا موت، تتغنى فيها الأحاسيس، فتزين الطبيعة وتجمل القبيح، يغلب فيها أريج النفوس فيعطر الحياة بعطر من الجنات، يتوقف فيها الزمن، فيجعل من الأيام لحظات، تلتقي فيها القلوب فتنير ظلمة الليل الطويل، تسجر فيها لهيب المشاعر ليالي الشتاء الباردة، فتضفي على الفؤاد لونًا من ألوان الدفء والطمأنينة. والأخيرة ما أبشعها، أما نهارها فما أقصره، وأما ليلها فما أطوله تُعْزَفُ فيه السمفونيات على أوتار الآهات، وتغرورق فيه العيون بالدموع على أشجان الذكريات، يأخذ فيها الحنين الوجدان إلى منازل الحزن والآلام، الانتصار فيها على المعشوق هزيمة والهزيمة فيه انتصار.. هي حقًا حياة غير كل حياة!.