يجلس كل منا بالساعات، أسيرًا لمواقع التواصل الاجتماعي، الذى يمتلئ، عن بكرة أبيه، بالشباب ويكاد يخلو تمامًا من أي تمثيل لشرائح أخرى من المجتمع، فتكون النتيجة في النهاية، تكوين مجموعة من القناعات والآراء المخالفة تمامًا، لأرض الواقع، والتي تؤدي حتمًا إلى تكوين حالة من الاستعلاء اللإرادي على مخاليق ربنا. فتجد نفسك دائمًا في إي احتكاك مباشر، مع المواطن البسيط في الشارع، تردد تبريرات لنفسك من نوعية: "يفهم إيه بس الراجل الحجري ده، اللي ميعرفش يعني إيه النت"، "الست بياعة الفجل دي ها تفهم إزاي بس، وهيا لا تعرف تقرأ ولا تكتب"، "مبقاش إلا سواقين التوك توك كمان، اللي يقولوا رأيهم في البلد" و"روح يا عم الأول فرّق بين الألف وكوز الدرة، وبعدين إبقى تعالى قول رأيك في السياسة". والحق أقول لك.. إنني شخصيًا أصبت بمرض "الاستعلاء اللإرادي"، إبان مرحلة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، فكنت أغضب وبشدة، من رفض شريحة كبيرة من البسطاء أن يكون مرسي رئيسًا للجمهورية؛ لأنه محسوب على الإخوان، طب وإيه يعني؟!.. فيأتي الرد في ثلاث كلمات: "أصله ها يقسم البلد". وطالما سخرت بيني وبين نفسي من هذا التبرير الواهي، ولكن، ها قد أثبتت لي الأيام شخصيًا، أن أصحاب شهادات محو الأمية، وعديمي الاتصال بمواقع التواصل الاجتماعي، كانوا بفطرتهم السليمة، ودون تعليم عالي وأحيانًا دون أي تعليم على الاطلاق، أكثر قدرة على استقراء القادم والتحذير منه، فنحن الآن مقسمين إلى أقصى درجة.. وصلت في كثير من الأحيان إلى التشابك بالأيدي بين أصحاب العمر والإخوة، الذين يعيشون معًا في نفس المنزل.. فهل ستحمل لنا الأيام القادمة، إلتئامًا لجرح الوطن، أم أن الانقسام سيزيد؟!!.. فلننتظر ونرى.